تهنئة لعمان الحبيبة من قلب القاهرة

عمان د.غاده محمد

السلطنة تزهو بعطايا نهضتها المباركة، وبمظاهر الاحتفال بعيدها الوطني الـ51 المجيد، وهي مناسبة وطنية تتجلى فيها الروح الوطنية لأبناء عُمان، ويشاركهم المقيمون الذين احتضنتهم من كافة ربوع المعمورة، ويعبِّرون جميعا عن مشاعرهم الفياضة تجاه هذه الأرض الطيبة. وفي الأمس القريب كنت أحد المشاركين في هذه المناسبة الغالية على قلبي، ما يثير الشجون في النفس وأنا أتابع هذه الاحتفالات التي كنت أرى نفسي جزءا منها أتلقى التهاني وأتبادلها، بفعل الشعور بالانتماء الذي غمرني به أهل عُمان من الإخوة والأصدقاء والأساتذة والزملاء طوال سنوات طويلة ممتدة. لكنني أتابعها اليوم عن بُعد، لكن هذا البُعد لم يقلل من حماستي في المشاركة في هذه المناسبة الغالية، التي أشاطر فيها أصدقائي من أهل عُمان المحبوبة، حتى وإن كانت ببضع كلمات أتمنى أن تعبِّر عمَّا أحمله تجاه السلطنة وأبنائها من مشاعر صادقة مخلصة.
ولعل أبرز ما يخالج النفس هو الشعور بالحنين لأماكن حفرت لها في ذاكرتي مكانة مميزة، وأشخاص لهم في النفس من المحبة الكثير، وبلد احتواني شابا وكهلا، بلد لم يشعرني بالغربة عن بلادي يوما؛ لأن بها شعبا خلوقا يكرم الضيف والغريب، وبها دولة مؤسسات تحمي بالقانون كل ذي حق، ومؤسسة كانت بيتا كبيرا أنتمي له، فشريط الذكريات يتلاحق ليولد في الوجدان الحنين. فبرغم حبي الشديد لوطني مصر، لكن سلطنة عمان ستظل دائما وإلى الأبد وطنا ثانيا يملك نصيبا من القلب، وستظل هذه الصحيفة (الوطن) البيت الحقيقي الذي به ترعرت، وعلى يد العديد من أبنائها وأساتذتي تعلمت، فهي الصرح الذي علمني أن مهنة الصحافة إن لم تكن في خدمة الوطن والمواطن، ولو لم تعمل في خدمة تنمية البلاد والعباد، فلا خير فيها، فكنا دائما نحرص على أن نكون أداة تنموية تساعد في رفعة عُمان في كافة القطاعات والمحافل، ولم نجرِ يوما وراء سبق صحفي نمتلكه لو رأينا أن به ضررا ولو بعيدا على عُماننا الحبيبة.
فكم من أخبار يلهث وراءها غيرنا ويعدها سبقا صحفيا، إيمانا منا بحتمية حماية هذا الوطن من أي أخبار قد تثير بلبلة وتؤثر على حالة التنمية المستدامة التي تعيشها البلاد، وكم من قضايا تجاهلناها عن عمد، ليس تقصيرا لكن بوصلتنا دائما كانت العمل على إرساء قواعد السلام المجتمعي والتعايش السلمي الذي يحظى به أبناء عُمان، فكانت مصلحة الوطن هي المغلبة عن أي انتصارات صحفية مؤقتة، إنها ليست شعارات لكنها قواعد كنا نسهر لساعات طويلة من أصغر محرر وحتى رئيس التحرير من أجل تطبيقها، وكنا أحيانا نكتب أخبارا ولا نتسرع في نشرها، حتى يتبين لنا ما يكتنفها من لبس، قد يؤثر على مصالح السلطنة، أو يظهر أن بها خلافا قد يظهر بين الدول الصديقة والشقيقة.
إن هذه الفلسفة التي غرستها جريدتنا العظيمة في نفوسنا كانت ولا تزال هي المحرك بما يخالجنا من مشاعر تجاه هذا الوطن الحبيب، فكونك تشعر بأنك عنصر فاعل في المنظومة يولد لديك انتماء فطريا، ويجعلك حتى عن بُعد تحزن لو أصاب البلاد مكروه، وتفرح بما يتم إنجازه، وتتابع عن كثب رغم انتفاء المصلحة ما يرفع عُمان ويرقى بوضعها الإقليمي والدولي والمحلي، وتسعى من تلقاء نفسك إلى أن تكون سفيرا عمانيا حتى في وطن الأم، تعبِّر عن مدى روعة عُمان وشعبها الأبي وقيادتها المتلاحقة، وتفسر لما يلتبس عليه دور عُمان المحوري في المنطقة والعالم، ما تحمله من خير للعالم أجمع، بالإضافة إلى سياستها الخارجية المتزنة التي يجب أن يقتدي بها كل من يسعى إلى إيجاد الخير في هذا العالم.
إن احتفالات السلطنة هذا العام تتميز بما استطاعت السلطنة فيه من تجاوز الأزمات والتحديات التي فرضتها الأزمات العالمية المتلاحقة، وتؤكد أن نهضة عُمان الممتدة والتي أسَّسها المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ وجدت من يعيد إليها شبابها ويجددها ويرسخها في أصعب المراحل التي يعيشها العالم في تاريخه المعاصر، حيث كانت الرؤية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم هي حاميا لمقدرات هذا الشعب ومكتسباته، وحققت في وقت وجيز ما يحتاج سنوات وعقود ليتحقق، فهي رؤية آمنت بأن الوقاية خير من العلاج، والتصدي للمشكلات أسهل بكثير من الانتظار لتتكدس ويصعب حلها، فكانت توجيهات جلالته خير معين على حلحلة الأزمات ومواجهة التحديات. وفي الختام أهنئ كل أبناء عمان بعيدهم الوطني المجيد متضرعا إلى الله بأن تظل عُمان الحبيبة في رفعة وسؤدد ورُقي إلى أبد الآبدين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى