اللواء اشرف فوزى يكتب الهجرة النبوية….دروس وعبر

التخطيط ...اختيار الوقت المناسب

 

نحن والعام الهجري الجديد

تَمُرُّ بنا ذكرى الهجرة في مطلع العام الهجري ١٤٤٣، فتوقظ الشُّعور بالعزَّة، والأملَ بالفرجِ والنَّصرِ والتقدُّم

 

تَمرُّ بنا ذكرى الهجرة فتذكِّرنا بقيام دولة الإسلام الأُولى، التي كانت برِئَاسة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذه الدَّولة القائمة على التقوى، الدَّاعيةُ إلى التوحيد والعمل الصالح، والصَّبْرِ والثبات على الحق.

post

هذه الذِّكرى التي تذكِّرنا بأننا أُمَّة واحدة؛ ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: ٩٢].

 

نعم، إنَّنا أمة واحدة، مهما تعدَّدَت الأجناس، ومهما تباعدت البلدان، وتذكِّرنا هذه الذِّكرى بَهُوِيَّتنا التي تقوم على العقيدة والتميُّز بين الأمم.

ومن أهمِّ عناصر هويَّة أمَّتِنا التَّأريخ الْهجري، هذا التأريخ الذي اقترَحَه أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب المُلْهَم – رضي الله عنه – وأقرَّه عليه كلُّ الصحابة، وجعله مرتبطًا بِهِجرة الرسول، ولَم يَجْعله مرتبطًا بولادته ولا بوفاته ولا بِبَعْثتِه، هذا التأريخ الذي كان السِّجلَّ الذي ضمَّ بطولاتِ أجدادنا، وأحداثَ أمَّتِنا ومعاركَها المظفَّرة، إن علينا أن نُحافظ على هذا التأريخ، ونَحُولَ دون محاولات طمْسِه التي يبذلها ناسٌ مُغْرِضون

إن ذكرى الهجرة من أعظم الذكريات في تاريخنا، بل الاعظم

هناك الكثير من العبر والدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها أهمية التخطيط المستقبلي، وامتلاك الرؤية الثاقبة، وأهمية البذل والتضحية وتجاوز العوائق للوصول إلى الهدف المنشود. كما تمثل الهجرة مفاهيم منها الأمانة، وأداء الحقوق والواجبات، وبناء مفهوم الأمة. ودعائم تشكيل الدولة المدنية المتمثلة بالمؤاخاة، وبث روح وثقافة التسامح مع سكان المدينة بجميع معتقداتهم الدينية، وترسيخ مفهوم المواطنة.

 

تعد أهمية الهجرة النبوية باعتبارها حدثاً بارزاً في التاريخ الإسلامي، وترسيخاً لمبادئ ونهج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خلال الهجرة وأخذ الدروس والعبر منها وتطبيقها في الحياة اليومية.

دروس وعبر من الهجرة النبوية توجد الكثير من الدُروس والعبر المُستفادة من هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنها

عناية الله -تعالى- بأنبيائه وأوليائه الصالحين: حيث إن الله -تعالى- أنقذ النبي -عليه الصلاة والسلام- من المُشركين بعد أن أحاطوا ببيته ليقتلوه، فخرج النبيّ وهو يقرأ عليهم قوله -تعالى- من سورة يس: (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)،

الأخذ بالأسباب: حيث قام النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأخذ بهذا المبدأ مع كونه نبيٌّ مؤيّدٌ من الله -تعالى-، فمن هذه الأسباب: طلبه من أبي بكر -رضي الله عنه- تجهيز راحلتين للهجرة، وقد جاءه في ساعةٍ غير السّاعة المُعتادة التي يأتيه بها، ومن الأسباب التي اتّخذها النبيّ؛ ذهابه من طريقٍ غير الطريق المُعتادة للمدينة، واستئجاره رجلاً ليدُلّه على الطريق، وهو عبد الله بن أُريقط، وجعْل أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- تُحضّر لهما الطعام، وغير ذلك من الأسباب.

نُزول الطّمأنينة والسَّكينة من الله -تعالى- على قلب المؤمن في حال الشدّة: فبعد وقوف المُشركين عند باب الغار وخوف أبي بكر -رضي الله عنه- من رؤية المُشركين لهما، طمأنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد جاء ذلك في قول الله -تعالى-: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

اتّخاذ الصّاحب والرّفيق الصالح: امتثالاً لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا تُصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يَأْكُلْ طعامَك إلا تَقِيٌّ)، فقد كان أبو بكرٍ -رضي الله عنه- يستأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الهجرة؛ ليكون من السابقين إليها، وإرضاءً لله ورسوله، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه يُريده رفيقاً له في الهجرة، فبكى أبو بكر -رضي الله عنه- من شدّة الفرح.

النّصر يحتاج إلى البذْل والتّضحية: فالنصر بحاجةٍ للتّضحية بالمال والنفس والوقت، كما ضحّى النبي -عليه الصلاة والسلام- في هجرته في سبيل الإسلام والدين.

التخطيط للهجرة: وظهر ذلك في وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- الخُطّة المُتوقّعة للهجرة، واختار الرفيق المناسب، والمكان الآمن المؤقّت؛ للاختفاء عن المُشركين، وأمّن من يأتي له بالأخبار، وغير ذلك من سُبل التخطيط.

التوكّل على الله -تعالى- وزرع الأمل في نفوس الغير عند وقت الشدّة: حيث جسّد النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الخُلق عندما تبسّم في وجه أبي بكر -رضي الله عنه- حينما رأى المُشركين على باب الغار، كما وعَد النبي -عليه الصلاة والسلام- سُراقة بسواريّ

يحتفل العالم العربي والاسلامي اليوم بذكرى الهجرة النبوية الشريفة بمزيد من العظات والعبر بهجرة الدنيا للاخرة والشر للخير وكل ما يترجم ديننا لعمل ومنهج حياة مصداقا لقول صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام « الدين المعاملة « .

زر الذهاب إلى الأعلى