عبير ضاهر تكتب .. اللاجىء إلى مرافىء الأدب والفائز بنوبل للآداب 2021

الكاتب التنزانى عبدالرزاق جرناه
مصرحاً فور معرفته للخبر : من الرائع أن أفوز بجائزة كبيرة وسط لائحة ضخمة من الكتّاب الرائعين
مازالت أحاول إستيعاب الأمر حقاً إنها مفاجأة ولم أصدق الخبر إلا بعد سماع الإعلان عن فوزى
فقد أعلنت فوزه بنوبل في الأدب الأكاديمية السويدية الراعية والمانحة لجوائز نوبل اليوم الخميس السابع من شهر أكتوبر لعام2021

وهو ثالث روائى من أصول أفريقية يفوز بنوبل للأدب من أصل خمسة فازوا بها من مختلف المجالات وهذا بعد كلا من الكاتب وول سوينكا الفائز بها عام 1986 وهو من نيجيريا والثانية هى الكاتبة دوريس ليسينج المولودة بإيران وهى ذات أصول بريطانية ولكنها نشأت وأقامت في زيمبابوى لأغلب مراحل عمرها قبل إنتقالها إلى لندن في نهاية المطاف وقد فازت بنوبل للأدب لعام 2007

فمن هو عبد الزراق جرناه ،وُلد ونشأ بجزيرة زنجبار من عام 1948 وكانت وقتها خاضعة للإستعمار البريطانى والذى ما أن غادرها مانحاً لها تحرراً سلمياً في ديسمبر من عام 1963 حتى إندلعت ثورة تزامنا مع تأسيس ونشأة الجمهورية التنزانية وتولى الحكم بها الرئيس عبيد كرومى والذى شهدت مدة حكمه كافة أشكال القمع والإضطهاد بحق أصحاب الأصول العربية ليتعرضوا للقتل ومن نجى من المجازر إبتلعه الضياع والتشريد ،أما عبد الرزاق فقد أُجبر على ترك أسرته والفرار من البلاد وهو بن 18عاما ولجأ إلى بريطانيا وكان ذلك في الستينات من القرن الماضى ولم يتمكن من العودة إلى بلاده إلا قبيل وفاة والده ليودع في أوخريات أيامه

وفى أدبه وتجاربه المبكرة ظهر مدى تأثره بالشعر العربى والفارسي والملهمة الرائعة لغالبية الكتًاب والشعراء من كافة الثقافات “ألف ليلة وليلة ” ، وبدأ الكتابة مبكراً وهو بن 21 عام لتمثل تجربته كلاجىء قضيته في الأدب والتى ظل يتناولها في عمل بعد أخر يعتنق صفة الكتمان وفضيلة الصمت متجنباً مواجهة الأخر إذا ماتتطرق الأمر للهوية وكأنه يحمل عاراً كرس له العنصريون فى كل زمان وبمختلف البلدان فتجربته كلاجىء كانت مريرة للحد الذى دفعه ليفتدى نفسه ويحفظ سلامته بإن يرتكن إلى الصمت ليأمن من ملاحقة العنصريين له وهذا ما ظهر جالياً بكتاباته المتعددة والمتنوعة بين رواية وقصص قصيرة ،وربما هى الحكمة البالغة فما كان أمام فتى يلوذ بحياته لاجئا بين حقبة سيطر العنصريون عليها من أن يبحث عن أليات وطرق من شأنها توفير السلامة والأمان له ولكنه لم يتراخى أو يبع القضية فكان يسيطر عليه هموم المبعدين عن أوطانهم واللاجئين ومصائرهم

كما وأن روايته محل الفوز بالجائزة وهى رواية باراديس (الفردوس) تدور أحداثها في شرق أفريقيا المستعمرة خلال الحرب العالمية الأولى والتى رشحت لجائزة البوكر وكذلك روايته الهجران (ديزيرشن ) يستعرض ما فعلت الإستعمار من ناحية بساكنيها وماحل بهم من إضطهاد وتقتيل بعد التحرر وعقب قيل الثورة هناك وكم كانت معاناة الأفراد وضياع مستقبل الكثيرين خاصة الذين أجبروا على الفرار واللجوء للنجاة بحياتهم ،أختار أن تكون أداته الأدبية في الكتابة اللغة الإنجليزية

post

تنوعت أعماله بين الرواية والقصص القصيرة إذ بلغت أعماله عشرة روايات غير القصص القصيرة
من أعماله:
(ذاكرة المغادرة والتى صدرت عام 1987،(دوتى 1990)،(الإعجاب بالصمت 1996،(عن طريق البحر 2001)،وتظهر محاولات شخصيات أعماله الإفلات من عقاب متتبعى اللاجئين خاصة أصحاب البشرة السمراء وبنفس الوقت البحث عن الجذور وخلق هوية خاصة لمواجهة حالة شعورية مغموسة بالضياع والتيه والتأرجح بين الماضى حيث كان هناك وطن وحاضر يسشعروا فيه بالغربة وعدم الإنتماء واللفظ أحيانا خاصة من قبل العنصريين وهكذا كما يتضح يحمل عبد الرزاق هماً هائلاً وثقيلاً على صدره ليقوم عنه به قلمه الذى إستعرض من خلاله حال اللاجئين وهمومهم وصراعاتهم وما يأملون به ويطمحون إليه ،محتضناً وجعه الشخصى وتجربة يشاركه فيها الألاف وقت أن لجأ إلى بريطانيا فى الستينات وإلى الأن بوقتنا الحالى فمتى توقف الظلم والإضطهاد ليتوقف نزيف الإنسانية بإحدى أشكالها متمثلة بمسألة تأخذ حجم الظاهرة أحيانا وهى اللجوء لبلدان أخرى وترك الأوطان جبراً وإضطراراً
هذا وقد أكدت الأكاديمية بأنها لن تنظم هذا العام حفلاً لتقديم الجوائز كما المعتاد بستوكهولم على أن يجرى تسليم الجوائز للفائزين بها في بلادهم

زر الذهاب إلى الأعلى