مؤتمر شرم الشيخ للسلام… بين آمال التسوية ومخاوف التنفيذ

بقلم : احمد عادل
شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية إنعقاد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة واسعة من قادة العالم وممثلي الدول الكبرى، في محاولة جديدة لإحياء مسار التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووضع حد للحرب المدمرة والإبادة الجماعية في قطاع غزة.
ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت جلسات المؤتمر والتأكيد المتكرر على دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، إلا أن التساؤلات والمخاوف ما زالت تُخيّم على المشهد حول مدى واقعية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه،
محاولة لإحياء الأمل
جاء مؤتمر شرم الشيخ للسلام بدعوة مصرية وبحضور دولي واسع، ضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة وعددًا من الدول العربية والأوروبية، في وقت تمر فيه المنطقة بمرحلة بالغة الحساسية بعد تصاعد العمليات العسكرية في غزة.
وتركّزت أعمال المؤتمر على وقف فوري لإطلاق النار، وبدء خطوات عملية نحو إعادة إعمار القطاع، إلى جانب وضع آليات لإدارة المرحلة الانتقالية تمهيدًا لتسوية سياسية شاملة تفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة.
كما شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته الافتتاحية، على أن “الطريق إلى الاستقرار الدائم لا يمكن أن يمر إلا عبر تحقيق العدالة، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني.
مخاوف من تعثر التنفيذ
ورغم ما حمله المؤتمر من وعود بالسلام، فإن العديد من المراقبين أبدوا قلقًا من أن تبقى القرارات حبراً على ورق، في ظل غياب توافق فعلي بين الأطراف المعنية
فالحكومة الإسرائيلية، وفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ترفض بشكل قاطع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، وتتمسك بسيطرتها الأمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن.
أما على الجانب الفلسطيني، فإن الانقسام بين حركتي فتح وحماس لا يزال عقبة كبرى أمام أي حل شامل، إذ لم يتم التوافق حتى الآن على إدارة موحدة للضفة الغربية وقطاع غزة، ما يثير الشكوك حول من سيمثل الفلسطينيين في المرحلة المقبلة.
ويخشى كثير من المراقبين أن يتحول الاتفاق إلى مرحلة مؤقتة طويلة الأمد، تُستخدم لتخفيف الضغوط الدولية دون تنفيذ فعلي لمبدأ الدولة المستقلة، خاصة مع عدم تحديد جدول زمني واضح وآليات مراقبة ملزمة.
بين الطموح والواقع
يرى محللون سياسيون أن مؤتمر شرم الشيخ أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي بعد سنوات من التهميش، لكنه في الوقت نفسه كشف عن تعقيدات عميقة تحول دون الوصول إلى تسوية نهائية.
فالقضايا الجوهرية كـالقدس، واللاجئين، والحدود، والمستوطنات ما زالت بلا حلول، بينما تواصل إسرائيل فرض وقائع ميدانية جديدة تصعّب أي عودة إلى حدود 1967
ورغم ذلك، يرى كثيرون أن مجرد انعقاد المؤتمر في شرم الشيخ يشكل رسالة أمل جديدة بأن المنطقة ما زالت قادرة على إنتاج مبادرات للسلام، طالما توافرت الإرادة السياسية والرغبة في إنهاء الصراع.
خاتمة
يبقى مؤتمر شرم الشيخ للسلام خطوة مهمة في طريق طويل، أعاد إلى الواجهة حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.
لكنّ نجاحه يظل مرهونًا بمدى استعداد الأطراف كافة للانتقال من الأقوال إلى الأفعال، ومن الشعارات إلى التنفيذ الفعلي
فما بين آمال التسوية ومخاوف التعثر، يبقى الشعب الفلسطيني هو الخاسر الأكبر في حال استمر الجمود، بينما يظل السلام العادل والشامل هو الأمل الذي ينتظره الجميع.





