لم تهدأ أصوات الرصاص والمدافع فى العاصمة السودانية الخرطوم
أيمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجى والخبير الامنى ومكافحة الارهاب خلال متابعته الأحداث الدامية بالسودان رصد: لم تهدأ أصوات الرصاص والمدافع فى العاصمة السودانية الخرطوم منذ منتصف أبريل/نيسان الماضى ويسقط يومياً عشرات القتلى والجرحى سواء من طرفى القتال أو المدنيين جراء هذه الحرب التى دخلت شهرها الخامس فى حين تعجز السلطات المحلية والمنظمات الدولية عن إحصاء عدد ضحايا الصراع بشكل دقيق، تقول اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إنه يصعب تقدير عدد الضحايا فى البلاد بعد أن إضطرت العديد من الأسر لدفن موتاها فى البيوت لعدم إمكانية الوصول للمقابر خاصة فى المناطق التى تشهد إشتباكات مستمرة كأحياء أم درمان والخرطوم بحرى ومناطق فى إقليم دارفور ناهيك عن روايات تتحدث عن جثث تنتشر فى الشوارع لم تدفن جثث تنتشر فى شوارع الخرطوم وتهدد بالطاعون.
ممرضات بالإكراه وأخريات يبعن فى الأسواق.. روايات حول نساء مختطفات فى السودان بعد أربعة أشهر من الحرب تحذر منظمات محلية ودولية عاملة فى السودان من إرتفاع معدلات العنف ضد النساء خاصة العنف الجنسى المتعلق بالصراع وعمليات الخطف والإخفاء القسرى وإجبار النساء على مساعدة المسلحين بالإكراه.
فى آخر تقرير لوحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل فى السودان وهى هيئة مستقلة أُنشئت للتنسيق بين المؤسسات المحلية والمنظمات الدولية حول قضايا المرأة والطفل وثقت 12 حالة عنف جنسى جديدة فى معسكر كلمة للنازحين بجنوب دارفور، من بينهما حالة توفيت نتيجة مضاعفات الإعتداء بالإضافة الى أربع حالات عنف جنسى جديدة فى العاصمة الخرطوم رفعت إجمالى الحالات الموثقة لدى الوحدة فى الخرطوم الى 60 حالة منذ بدء الصراع الجارى.
وقال مسئولون فى الأمم المتحدة، أمام جلسة لمجلس الأمن الدولى عقدها الأسبوع الماضى إن العنف الجنسى يمارس فى السودان على نطاق مقزز لكن روايات الناجيات وشهود العيان تشير الى سيناريوهات أكثر سوداوية تتعرض لها النساء فى السودان لا سيما اللآتى تعرضن للخطف والإخفاء القسرى.
إستطاع برنامج للسودان سلام الذى يبث عبر بى بى سى أن يحصل على تسجيل صوتى لسودانى من ولاية الفاشر شمال دارفور، يتحدث فيه عن ثلاث فتيات تم إقتيادهن من الخرطوم من قبل مسلحين الى محلية دار السلام وهن مقيدات، وبحسب التسجيل فإن سكان المنطقة حاولوا إقناع المسلحين بإطلاق سراح الفتيات وعدم الخوض فى الأعراض وإستغلال الوضع الراهن لإبتزاز العائلات غير أن المسلحين طلبوا فدية لإخلاء سبيل الفتيات، وتم التواصل مع أهاليهن وطلب 21 ألف جنيه سودانى (قرابة 35 الف دولار) مقابل إطلاق سراحهن وبعد مفاوضات وشد وجذب إستمر فترة من الزمن تم إطلاق سراح الفتيات وإرسالهن عبر الباصات المتجهة الى الخرطوم.
ويضيف صاحب التسجيل الذى أخفيت هويته حفاظاً على سلامته أنه مرّ من منطقة ودعة جنوب الفاشر، ورأى عدداً كبيراً من الفتيات المكبلات مشيراً الى أن “كل سكان ودعة كانوا شاهدين على ذلك
وقالت هيئة محامى دارفور إنها تلقت بلاغات حول مزاعم وجود أسواق للرق، تُباع فيها النساء فى منطقة الفاشر موضحة أنها حاولت التحقق من صحة تلك البلاغات فى محليات الفاشر وملّيط والمالحة الا أنها لم تتوصل الى نتيجة تؤكد وجود هذه الأسواق بشكل قاطع.
تروى إحدى الناجيات لبرنامج للسودان سلام قصة إختطافها فى اليوم العاشر من الحرب الحالية حين خرجت من منزلها فى مدينة الفاشر، بحثاً عن طريقة للتواصل مع أمها التى تتواجد خارج السودان وطمأنتها تروى الناجية: وأنا أمشى فى الشارع أحسست بضربتين على رأسى وفقدت الوعى، لإستيقظ بعدها وأجد نفسى فى بيت غريب كانت معى فتاتان وتضيف: قاموا بسرقتنا سرقوا نقودنا وحُليّنا حتى الحلقات المخفية تحت الثوب قاموا بسرقتها”
وحين سألنا عن ما إذا كنّ قد تعرضن لأى إعتداءات جنسية تقول الناجية: لم يتم الإعتداء علينا جنسياً، لكن كانوا يعتدون علينا بالضرب والسبّ إن تأخرنا فى تلبية مطالبهم التى لا تنتهى، كنا خادمات لديهم مقابل الأكل والنوم، قاموا بإجبارنا على التنظيف والإهتمام بالجرحى الناجية أكدت أن مختطفيها كانوا يتبعون قوات الدعم السريع وتعرفت عليهم من خلال ملابسهم التى يرتدونها.
بعد أربعة أسابيع من خطفها تقول الناجية تحسنت حالة الجرحى وقام المختطفون بالتواصل مع أهلى لطلب فدية مقابل إطلاق سراحى، وبعد أن قام أهلى بتأمين مبلغ الفدية من تاجر كبير فى المدينة، قاموا بإطلاق سراحى
وكانت هذه التجربة قاسية جداً على الناجية فبعد ما مرت به خلال فترة إختطافها أخبرتنا أنها منذ أن تم إطلاق سراحها قررت عدم الخروج مرة أخرى من منزلها خوفاً من أن تتكرر الحادثة وتضيف فى حرقة: “البيت فى الحرب سُترة، يجب أن لا تترك النساءُ بيوتهن أثناء الحرب
عندما زاد عدد المفقودات وإنتشرت الروايات حول الظروف التى يختفين فى ظلها وحين تكرر الحديث عن وجود أسواق لبيع الفتيات شمال دارفور قررت صحفية سودانية طلبت عدم الإشارة الى إسمها، البدء فى التحقيق فى هذه المزاعم الا أن صعوبة الإتصالات والمخاوف الأمنية حالت دون وصولها الى شهادات من داخل منطقة دار السلام والتى يُزعم أن سوقاً لبيع الفتيات موجود فيها، رغم الصعوبات التى واجهتها، تقول الصحفية لبرنامج للسودان سلام إنها حصلت على شهادة من طبيب فى المدينة حول فتيات تم بيعهن بالدولار إذ دفع تاجر من المنطقة مبلغاً مالياً كبيراً مقابل شرائهن مشيرة الى أن المقابل المادى الذى يتم طلبه مقابل الفتيات يصل الى ملايين الجنيهات.
توضح الصحفية أن الطبيب الذى تواصلت معه وعد بتصوير فيديو لعملية يتم فيها تبادل الفتيات، غير أنه تراجع عن وعده خوفاً على حياته ما جعل الحصول على دليل قاطع لوجود أسواق للرق تباع فيها النساء أمراً مستحيلاً فى الوقت الحالى وحاول برنامج للسودان سلام التواصل مع الطبيب من جهته الا أنه لم يُجب.
الصحفية أشارت الى أنها حاولت أيضا التواصل مع أسر الفتيات الناجيات ليقابلها إما رفض أو تكتم أو روايات غامضة ومعلومات متضاربة حول كيفية إطلاق سراحهن وماذا حدث معهن مؤكدة أن الأسر تتعرض لتهديدات تطالبها بعدم الحديث، وقالت إنها صفقات جرت أو جهة تدخلت في قضيتهن وأثبت ذلك من خلال قصة ثلاث فتيات تم إطلاق سراحهن بـــ طريقة غريبة على حد تعبيرها.
بعد أربعة أشهر من القتال المستمر والمزاعم المتكررة حول خطف النساء وإستغلالهن والإعتداء عليهن جنسياً أحصت مبادرة مفقود وهى مبادرة أسست أثناء أحداث فض إعتصام القيادة العامة فى يونيو/حزيران عام 2019، أحصت ما لايقل عن 24 فتاة تم خطفها أو إخفاؤها قسرياً منذ بدء الصراع الدائر منذ منتصف أبريل/نيسان الماضى وتعمل المبادرة من خلال إستقبال بلاغات حول المفقودين عبر صفحات رسمية أنشئت على منصات التواصل الإجتماعى، ومن ثمّ إعادة نشرها على نطاق واسع الا أن هذه الآلية التى تتبعها مبادرة مفقود تشكل خطورة على المخطوفين خاصة النساء، ويقرّ القائمون على المبادرة بقلقهم البالغ من الآلية المتبعة لكن لا توجد طريقة أخرى لتوثيق الإختطاف وعمليات الإخفاء القسرى يمكن تطبيقها فى الوقت الحالى
توضح ثويبة الجلاد، إحدى القائمات على مبادرة مفقود أن البلاغات حول إختفاء الفتيات زادت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، مشيرة الى أن “تسجيل حالات إختفاء النساء فى فترة الهدنة يكون أضعاف الحالات التى يتم تسجيلها أثناء فترة الإشتباكات وذلك بإعتبار أن النساء يشعرن بالراحة والأمان فى فترة الهدنة ويقمن بالتنقل كثيرا وحول مزاعم إختطاف النساء وبيعهن تضيف الجلاد لبرنامج للسودان سلام أن المجتمع السودانى يعتبر قضايا النساء قضايا شرف وهى بالفعل كذلك مؤكدة أنه من الصعب جداً تداول قصص الناجيات وتفاصيل تجاربهن ولا يمكن نشر التفاصيل الدقيقة حولها
ومع أن روايات الشهود تشير الى أن قوات الدعم السريع هى المسئولة عن عمليات الخطف والإخفاء القسرى للنساء الا أن المستشار الأمنى لقوات الدعم السريع على الطاهر، نفى فى تصريحات مع وسائل إعلام سودانية تلك الإتهامات.