انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي 28 للقانون في جامعة الإمارات

علاء حمدي

أكد معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة – الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة على أن قيادة الدولة تستمد سلطاتها من صنع القرار التشاركي القائم على توافق الآراء، واستخدام الحوار لحلّ النزاعات، مما يقدم للمواطنين هويةً وقيماً وأهدافاً مشتركة.

وقال معاليه أن التسامح والتعايش والاندماج الاجتماعي، حدّد وبشكل واضح استراتيجية دولة الإمارات وروحها وقيمها الاجتماعية. وإنها ثروة عظيمة لدولة الإمارات، أن يكون الشيخ زايد-رحمه الله- على رأسها منذ البدايات الأولى إنسانياً بشكل أساسي، وكانت رؤيته للعالم قائمة على التضحية والخدمة من أجل رفاهية الآخرين.

جاء ذلك خلال الكلمة التي توجه بها معاليه إلى المشاركين في فعاليات المؤتمر السنوي الـ 28 الذي نظمته كلية القانون بجامعة الإمارات بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، صباح اليوم تحت عنوان” التسامح والتعايش”.

ويستمر المؤتمر الذي يعقد في معرض اكسبو 2020 بدبي لمدة يومين بمشاركة خبراء أكاديميين ومختصين من المؤسسات القانونية.

post

وقال معاليه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: “إن جامعة الإمارات تفتخر برعاية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وباستضافة خبراء من الأوساط الأكاديمية والمنظمات الدولية والمجتمعات الدولية، وأود أن أقدم أساسًا لما يتضمنه ذلك ودوره في التنمية الوطنية والمبادئ والإجراءات التي ستستمر في توجيه مستقبل دولة الإمارات”.

وقدم معاليه بعض الملاحظات وركز على مفهوم “المجتمع الشامل”، حيث حدّد مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في العام 1995 المجتمع الشامل، بأنه “مجتمع للجميع”، وتُعرِّف وزارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الولايات المتحدة الاندماج الاجتماعي بأنه “عملية اتخاذ تدابير لضمان أن يتمكن الجميع من تحقيق إمكاناتهم الكاملة في الحياة، مشيراً إلى أن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة تُقر بأن المجتمع الشامل هو أساس الاستدامة المجتمعية، ويعزز المجتمع الشامل التضامن والسلام والعدالة والأمن، كما يضمن إنشاء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة، ووجود مجموعات اجتماعية متنوعة معترف بها وشرعية ولديها شعور قوي بالانتماء والمشاركة، وبالتالي فإن المجتمع الشامل مجتمع مرن ومتماسك.
وأضاف: أود أن أضع الاندماج الاجتماعي في سياق دولة الإمارات المستدام، في عام 2016، أطلقت حكومة الإمارات “ميثاق التسامح” الأول في العالم وأنشأت وزارة للتسامح والتعايش، كما أنها جعلت من عام 2019 عاماً التسامح، ويعتبر مفهوم “التسامح” في الإمارات في كثير من النواحي استعارة للاندماج الاجتماعي. حيث أكد وزير التسامح ” أننا حددنا مبادئ التسامح من التصرف الطبيعي والفطرة التي خلقنا عليها، حقيقة الحياة تعتمد على التضامن والاندماج، بما في ذلك الحقوق والواجبات، حيث تؤكد وحدتنا كبشر في مواجهة متطلبات الحياة وضرورات البقاء”.

وأوضح معالي زكي نسيبة أن دولة الإمارات واجهت منذ تأسيسها العديد من التحديات الوجودية، حيث أدى الانسحاب من المنطقة في عام 1968 إلى حالة كبيرة من عدم الأمن وعدم اليقين، وكان سكان المنطقة مجزأين للغاية وكان وصولهم إلى الموارد الحيوية للتنمية البشرية محدوداً، واعتقد المراقبون أن دولتنا المنشأة حديثًا تفتقر إلى الحوكمة والبنية التحتية اللازمة لإقامة الدولة.

وأشار معاليه إلى أن الشيخ زايد -رحمه الله- أوضح أن الغرض من هوياتنا القبلية أو العرقية أو الدينية المنفصلة، كان بهدف تحفيز تفاعلاتنا ومحاولاتنا لفهم بعضنا البعض، وأن الغرض من الاختلاف هو القيام بالمحاولات لتحقيق الوحدة. كما حث ّعلى فكرة أنه لا يمكننا تحقيق الازدهار إلا من خلال الوحدة والنية الحسنة المتبادلة، ومن خلال الفطرة السليمة والمعتقدات الأخلاقية والدينية، لافتاً إلى أن القيادة الخلاقة للشيخ زايد كانت مدفوعة بالمبادئ والأولويات والإجراءات التي نفهم الآن أنها أساسية للاندماج الاجتماعي. حيث سعى -طيب الله ثراه – إلى التسامح الديني والاستثمار في التنمية البشرية وتمكين المرأة وتوفير شبكة أمان للضعفاء من أفراد المجتمع.
وأضاف معالي زكي نسيبة أنه من خلال العمل الجماعي تغلّب الشيخ زايد- رحمه الله- وشعبه على التحديات الهائلة للبدايات المضطربة، لقد أنشأ البنية التحتية اللازمة لتعظيم الإمكانات البشرية، وحرص على أن تصبح الإمارات العربية المتحدة على ما هي عليه اليوم – دولة مستقرة ومسالمة ومنارة في منطقة يمزقها العنف والصراع.

واستطرد قائلاً: “تواصل دولة الإمارات استخدام التعاطف والحضارة والشراكات والتسامح، باعتبارها لبنات بناء التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتحلي بالمرونة، والعمل من أجل إيجاد الحلول، والسعي إلى الاستقرار والأمن للجميع، ونعتقد أنه في التنوع تكمن قوتنا،. كما نعلم أنه عندما نريد حلّ المشكلات المعقدة، فمن الأرجح أن نجد حلولًا إذا قمنا ببناء أكثر الفرق تنوعًا، من تخصصات مختلفة ومن أجزاء مختلفة من العالم وأجناس مختلفة وثقافات وسياسات وأديان مختلفة.

وأشار معالي زكي نسيبة إلى أن الحكومة الرشيدة وضعت 10 مبادئ لتوجيه التنمية الوطنية على مدى الخمسين سنة القادمة. هذه المبادئ تُكمل إرث الشيخ زايد، في تقوية اتحاد الإمارات، وتعزيز اقتصاد حيوي وديناميكي والتي تحدد ثلاثة مبادئ أخرى، حيث سنطور رأس المال البشري، ونوسع حدود تميزنا الرقمي والتقني والعلمي، وسنواصل السياسة الخارجية القائمة على التعاون متعدد الأطراف، وتقدم المبادئ الخمسة المتبقية إطاراً أخلاقياً لتوجيه استخدام هذه الأدوات، حيث تتطلب ممارسة مبادئ حسن الجوار والانفتاح والتسامح والمساعدات الإنسانية. وتؤكد على أهمية الدفاع عن السلام والوئام واستخدام التفاوض والحوار كوسيلة لحل النزاع.

ولفت معاليه إلى أن هناك مناطق تعاني بأكملها من الصراع والعنف والانقسام وانعدام الثقة. “أينما نظرنا نرى فقرًا من نوع ما، نقص التعليم أو الغذاء أو الأمن أو الطاقة أو الصحة أو الحكم أو البنية التحتية، ونعلم أننا نفقد أنظمتنا البيئية النابضة بالحياة ونشعر بالاضطراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي في كل مكان، وتوضح هذه التجربة العالمية إلى أي مدى أصبحت استراتيجيات وسياسات الاندماج الاجتماعي أكثر حيوية وإلحاحًا من أي وقت مضى.”
وأكد معالي زكي نسيبة في ختام كلمته بالقول: “يسعدني أن يكون إكسبو 2020 دبي هو المكان المناسب لهذا المؤتمر، إن اجتماعكم هنا لمعالجة الأسئلة الحيوية المتعلقة بالتسامح والتعايش والاندماج الاجتماعي، هو مثال على التعاون الدولي المطلوب لحلّ التحديات العالمية. كما أنه مثال على التبادل والحوار الذي سعت دولة الإمارات دائمًا لتعزيزه”.

وكانت فعاليات المؤتمر قد انطلقت في اليوم الأول بجلستين صباحية ومسائية تناولت 4 محاور هي: وجهات النظر الإسلامية والقانونية حول التسامح والشمولية. وتناول المحور الثاني الدمج الاستباقي للتسامح في المجتمع المعرفي المعاصر، الذي يتسم بانتشار الحوسبة وأدواتها في كل مكان، بشكل متزايد للقيام بمهام تتطلب محاكاة لوظائف العقل الإنساني، ومن الضروري أن يتم دمج التسامح بشكل استباقي في تصميم التكنولوجيا الحديثة، فيما تناول المحور الثالث دور المعاهدات والعقبات التي تحول دون التنفيذ الناجح لصكوك حقوق الإنسان، وكيف يمكن استخدامها لتعزيز قيم التسامح والشمولية، وخُصّص المحور الرابع لإشراك المجموعات المستبعدة، وكيف عزّزت القوانين والسياسات في بعض الأماكن في العالم استبعادهم، وكيف يمكن معالجة ذلك؟.

زر الذهاب إلى الأعلى