في عيد الحب ماهو الحب
عبير حسين – اسكندرية
كان موعدي هذا الصباح مع سورة يوسف تلك السورة التي أحكم فيها السرد فصارت أحسن القصص استوقفتني في هذه السورة شخصية زليخة إمرأة العزيز التي آتاها الله الملك و السلطة و العزة و الجمال فأهدرتهم جميعا تحت سنابك هواها فعلت ذلك باسم الحب فهل هي عرفت حقا ما معنى الحب هل أحبت زليخة يوسف الصديق حقا؟ هل لامس حب حقيقي جوانح قلبها تجاهه؟ لا أعتقد ذلك أبدا لا أعتقد أنها أحبته حقيقة و لكنها أرادته لنفسها كرجل فتنها بحسن خلقته قبل حسن خلقه زليخة اشتهت الصديق اشتهاء و لكنها لم تحبه حبا و الفارق بينهما كبير فالاشتهاء هو جذوة نار لا تلبث إلا أن يطفئها الارتواء أما الحب فهو شعلة نور لا يطفئها شيء في الوجود و لا تغلبها ظلمات الكراهية و نوازع الانتقام لو أنها لم تنتقم منه لآمنت أنها حقا أحبته و لكن أي حب هذا الذي يدفعها بعد أن يتعفف يوسف عليها إلى الانتقام منه بهذه القسوة أي حب يبيح لها الافتراء عليه بهذا الجبروت إن الحب الحق لا يعرف قسوة و لا انتقاما و القلب الذي تطهر بنور الحب الصادق لا يستطيع أن يتحمل على محبوبه كل هذا العذاب و الشقاء بل لا يكون بوسعه سوى أن يتمنى له السعادة و الهناء حيثما كان و عليه فإن كان هناك حب قد وقر في قلب زليخه فهو حبها لنفسها و غيرتها على كرامتها و كبريائها اللذين أهدرا على أبواب استعصامه بدليل أنها بعدما دارت عليها دائرة الأيام و استفاقت من ظلمات الأنانية و الأثرة و تطهر قلبها من حب الذات و سيطرة الرغبة عندها فقط اعترفت بخطيئتها و ذنبها في حقه و اعترفت أنها اتبعت هوى نفسها الأمارة بالسوء و في الحقيقة لم تكن تأملاتي لتقييم زليخة في ذاتها و إنما تأملت من خلالها في المعنى الحقيقي للحب و رأيت كيف أننا كثيرا ما نخلط الأوراق و المعاني و نسمي الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية فنظلم كثيرا و نخطيء كثيرا في حق أنفسنا و في حق كثير من القيم السامية خاصة الحب الذي كثيرا ما نظلمه و نبرر به أفعالا و مواقف هي في حقيقتها بعيدة كل البعد عن المعنى الحقيقي للحب .