التحليل والتحريم في الإسلام

روعة محسن الدندن/سوريا

إن الإسلام عندما يجرم ما تم تحريمه في القرآن الكريم لم يستند إلى عرف الجاهلية في تحريمها وإنما حرمها ابتداء مستندا إلى سلطانه الخاص
إن هذا الدين يقرر إن التحليل والتحريم هو من شأن الله وحده،لأنها أخص خصائص الألوهية .فلا تحريم ولا تحليل بغير سلطان من الله .فالله -وحده -هو الذي يحل للناس مايحل ،ويحرم على الناس مايحرم.وليس لأحد غيره أن يشرع في هذا أو ذاك ،وليس لأحد أن يدعي في هذا حق .لأن هذا مرادف تماما لدعوى الألوهية!
ومن ثم فإن الجاهلية تحرم أو تحلل،فيصدر هذا التحريم والتحليل عنها باطلا بطلانا أصليا ،غير قابل للتصحيح،لأن لا وجود له منذ الإبتداء .فإذا جاء الإسلام إلى ما أحلت الجاهلية أو حرمت.بما أنه صادر من جهة لا تملك اصداره-لأنها ليست الهاً- ثم يأخذ هو في انشاء أحكامه انشاء .فإذا أحل شيئا كانت الجاهلية تحله،او تحرم شيئا كانت الجاهلية تحرمه،فهو ينشئ هذه الأحكام ابتداء.ولا يعتبر هذا منه اعتمادا لأحكامه الجاهلية التي ابطلها كلها ،لأنها هي باطلة،لم تصد من الجهة التي تملك وحدها اصدار هذه الأحكام…وهي الله
هذه النظرية الإسلامية في الحل والحرمة تشمل كل شيء في الحياة الإنسانية،ولا يخرج عن نطاقها شيء في هذه الحياة..
إنه ليس لأحد أن يحل أو يحرم ،في النكاح ،ولا في طعام ،ولا في شراب، ولا في لباس،ولا في حركة ،ولا في عمل،ولا في عقد،ولا تعامل ،ولا في ارتباط،ولا في عرف،ولا وضع…إلا أن يستمد سلطانه من الله ،حسب شريعة الله
وكل جهة أخرى تحرم أو تحلل شيئا في حياة البشر- كبر أو صغر- تصدر احكامها باطلة بطلانا اصليا،غير قابل للتصحيح المستأنف.
لقد عني القرآن بتقرير هذه النظرية ( عني بتقرير المبدأ) فكان يسأل في استنكار
” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق؟)
( قل تعالوا اتل ماحرم ربكم عليكم)
( قل: لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طعام يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا او لحم خنزير…الخ)
بهذه الإستنكارات يردهم إلى مبدأ الأساسي،وهو أن الذي يملك حق التحريم والتحليل هو الله وحده،وليس ذلك لأحد من البشر..لا فرد ولا طبقة ولا أمة،ولا الناس أجمعين….إلا بسلطان من الله…وفق شريعة الله
والتحليل والتحريم – أي الحظر والإباحة- هو الشريعة ،وهو الدين ،فالذي يحلل ويحرم هو صاحب الدين الذي يدين الناس.
فإن كان الذي يحرم ويحلل هو الله ،فالناس اذن يدينون لله،وهم في دين الله.وإن كان الذي يحرم أو يحلل أحداً غير الله ،فالناس اذن يدينون لهذا الأحد،وهم إذاً في دينه لا في دين الله
وفي المجتمعات الجاهلية الحديثة ينحسر المفهوم الأخلاقي بحيث يتخلى عن ماله علاقة بالتميز الإنساني عن الحيوان.ففي هذه المجتمعات لا تعتبر العلاقات الجنسية غير الشرعية- ولا حتى العلاقات الجنسية الشاذة- رذيلة أخلاقية!
إن المفهوم ” الأخلاقي” ينحصر في المعاملات الشخصية والإقتصادية والسياسية- أحياناً في حدود مصلحة الدولة!
والكتاب والصحيفة والروائيون وكل أجهزة التوجيه والإعلام في هذه المجتمعات الجاهلية تقولها صريحة للفتيات والزوجات والفتيان والشبان: إن الإتصالات الجنسية الحرة ليست رذيلة أخلاقية!
مثل هذه المجتمعات متخلفة غير متحضرة -من جهة النظر ” الإنسانية”.وبمقياس خط التقدم الإنساني..وهي كذلك غير اسلامية…لأن خط الإسلام هو خط تحرير الإنسان من شهواته،وتنمية خصائصه الإنسانية،وتغلبها على نزعاته الحيوانية…

المراجع( دستور الأسرة) أحمد فائز

زر الذهاب إلى الأعلى