عادل رستم يكتب: جِينات التطوع وحُب الأوطان

مقال يكتبه الإعلامي/ عادل رستم

التطوع في مفهومه وتعريفه هو تقديم المساعدة والعون والجهد مِن أجل العمل على مجموعة أهداف في مقدمتها تحقيق الخير في المجتمعِ عمومًا ولأفراده خاصة. وقد أطلق عليه مسمى عمل تطوعي لأن الإنسان يقوم به طواعية دون إجبار من الآخرين على فعله، فهو إرادة داخلية حرة ، وغلبة لسلطة الخير على جانب الشر ويعتبر التطوع علامة ودليل على ازدهارِ المجتمع، فكلما زادت العناصر الإيجابية والبناءة في مجتمع تشعر أنه مجتمع ناضج وواعي ويحقق انجازا .

الجغرافيا وتاريخ المكان ومامرت به من أزمات عناصر حاكمة ومؤثرة في الوعي.. والوعي الجمعي لشباب شمال سيناء استقى وروي من تلك العناصر إضافة إلى خبرة الآباء والأجداد.

شمال سيناء بقعة جغرافية حباها الله بميزات قل تواجدها في أي بقعة من العالم .. تقع في قارتين آسيا وأفريقيا…بوابة مصر الشرقية …على حدود ملتهبة. عانت كثيرا مذ عام ٤٨ و٦٥ و٦٧ ثم انتصار ٧٣ وتعاقبت عليها السنوات والانجازات والمشكلات حتى العشرية السوداء من إرهاب جثم على تلك الأرض.

تلك المقدمة السردية كانت تمثل نافذه يطل بها جيل الشباب السيناوي على معنى التطوع وحب الأوطان بشكل يميزهم ويجعلهم رواد هذا المجال.. شمال سيناء لايتجاوز سكانها نصف مليون نسمه بها مايقرب من ٥٠٠ مؤسسة وجمعية أهلية أي جمعية لكل ألف مواطن … بعضها فاعل ومؤثر يقدم خدمات طوال الفترات التي قدمناها في السطور الأولى. وخاصة في السنوات العشر الأخيرة ولايمكن فصل التطوع عن حب الوطن كل المعلومات والحدائق تؤكد هذا المعنى وتؤشر له.

post

في الأيام الأخيرة ونظرا للظروف الحادثة في قطاع غزة وهي الأقرب جغرافيا ونكاد نسمع أصوات الانفجار..نتعايش كل لحظة …
تقدم مئات الشباب من العديد من المؤسسات الاجتماعية والمبادرات والاحزاب … منهم من بادر لحملات التبرع بالدم ومنهم من أقام في مستشفى العريش العام انتظارا لقافلة المصابين ومنهم من تطوع لاعالة العالقين من الاخوة الفلسطنيين وغيرهم ذهب إلى مطار العريش ومخازن الهلال الاحمر وغيرها مساعدا لتفريغ شحنات التبرعات الانسانية ومنهم من تواصل مع مؤسسات مركزية لدعم القطاع بالمعونات واستثمار ادوات التواصل الاجتماعي المختلفة.

وغيرها مما لانستطيع اجماله ولنا أن نفتخر نحن في شمال سيناء أن لدينا جيل من الشباب جينات أحبت التطوع وأصبحت خبيرة بتفصيلاته ويقدمون النموذج الذي يصح تكراره والتأسي به، وعادة مايضع المجتمع الأهلي أهدافا للتطوع تحقق تقدما وتساعد في انجاز وتعالج فجوات تنموية وخدمات انسانية تستثمر في الخير وتدعمه.

يساند هذا التوجه وتلك الأهداف بشمال سيناء ولضرورة مساندة فاعلة من مؤسسات ورجال الأعمال وهو في شمال سيناء يظهر ذلك جليا وعلى مدار السنوات الأخيرة يعرفون حق الاهل عليهم ويقدرون ذلك ويعتبرونه واجبا حتميا وضروريا ..وقد يأتي هذا الدعم ايضا لظرف قل تواجده في مكان أخر ان عدد السكان قليل كل يعرف بعضه وهم كالجسد الواحد ان اشتكى منه عضو تداعى له باقي الأعضاء بالمساندة والمساعدة.

يعمل الشباب هنا في شمال سيناء لتحقيق مبدأ الاستدامة وتقديم المشروعات الخدمه يتميزون بشدة في المجال الطبي وظهر واضحا في أزمة الكورونا قدموا نموذجا قويا وفاعلا طوال الأزمة .. أعالو المرضى وتبرعوا بأجهزة طبية وحملات الدم لاتتوقف ومشروعات لإنشاء مستوصفات خيرية ومشروع لبناء مستشفى للاورام.

كما قدم رجال الأعمال ومعهم شباب المتطوعين مبادرات في بناء مساكن واغاثة الملهوف وصرف رواتب شهرية للارامل والمحتاجين وطان واضحا التميز في بعض المبادرات ومنها مبادرة لشجرة الزيتون المحصول الأكثر تميزا في سيناء.

إن حصر أو محاولة حصر يحتاج جهدا كبيرا لتحقيقه، وهذا الإنجاز والجهد الكبير ما لم يمكن تحققه وتحقيقية لولا أن شباب شمال سيناء يولدون بجينات حب التطوع ومنها نتعلم جميعا حب الوطن … سيناء اليوم وماتتعرض له الحدود من فظائع يرتكبها المحتل يظل العنوان الفاعل فيها هم الشباب ..وقتها نطمئن ان لمصر جدار قواي يصعب اختراقه هم أبناؤه ..

زر الذهاب إلى الأعلى