الاسبوع العالمي لريادة الأعمال: اسأل مستشارا ولا تسأل طبيبا.

حوار خاص مع محمد الناصر عباس

حوار..سمير الحفيضي

عالم ريادة الأعمال عالم شرس، يحكمه قانون شبيه بقانون الغاب، ملحمة دموية حيث يأكل القوي الضعيف، شركات تولد وأخرى تموت يوميا، أسهم تتناقل وشركات يتغير مالكوها في لحظات، نسق سريع في تصاعد مستمر، ألاف الدولارات تدخل وتغادر الخزينة يوميا مخلفة أرباحا وخسائر، محيط يتغير بصفة مستمرة وبشكل غير متوقع…

في هذا المقال سننقل لكم، في اطار الاسبوع العالمي لريادة الاعمال، بعض النصائح التي قدمها لنا، وفي حوار خاص، السيّد محمد الناصر عباس – مستشار إداري – والتي ستمكنكم من النجاة في عالم سقط فيه الكثيرون.

لا تقفز للسوق بدون جاهزية:

تروج عديد الدورات والملتقيات والبرامج التلفزية والاذاعية وغيرها إلى دخول عالم ريادة الأعمال، ولكن أغلبهم يقومون بتبسيط الأمور واعطاء نصائح نظرية واهمال بعض النقاط فيتبين عالم ريادة الأعمال للمتلقي عالما ورديا شبيها بمدينة الأحلام. فيقومون بشكل غير مباشر بغض أبصار المتلقين عن القاعدة الأولى فنجدهم يقفزون إلى السوق بدون تمويل ولا تعليم ولا خبرة ولا جاهزية فيغرقون في دهاليزه فينتهي الأمر بأغلبهم بالإفلاس في وقت وجيز حتى أن الأمر ينتهي بالنسبة للبعض بموت مشاريعهم قبل ولادتها حتى.

post

لا تختبر عمق النهر بكلتا قدميك، اترك قدما على اليابسة:

حكمة من التراث الانجليزي تعتبر من أهم ركائز ريادة الأعمال، المقصود بهذه الحكمة هو اياك أن تجازف بكل ما تملك دائما استثمر القليل واترك الباقي لترتكز عليه ويعيدك إلى بر الأمان وينقذك من الغرق في حال لم تسر الأمور كما يجب.

العقل هو صاحب القرار الأول والأخير:

من أكبر الأخطاء هو إقحام العاطفة في الأعمال، فعلى مر التاريخ سقطت آلاف الشركات الكبرى بسبب الاعتماد على العاطفة في اتخاذ القرارات، فمثلا مما شهدته في تجربتي الشخصية، تعرضت شركة توزيع معروفة لخسائر كبيرة بسبب تعلق صاحبها بمنتج معين لم يعد مطلوبا، أيضا خسر معمل نصيبا هاما في السوق بسبب تعلق صاحبه بآلة إذ فضلها على الآلات الحديثة مما تسبب في تراجع قدرته الإنتاجية مقارنة بالمنافسين مما تسبب له بفقدان جزء هام من العملاء وبالتالي فقدان نصيب هام من السوق.

إياك وأن تنحاز لأي سبب من الأسباب لأي طرف ضد الشركة:

طبقها وانشرها بين الموظفين، فهذه الجملة تزرع الإيمان والانتماء والوفاء للشركة وهم يعتبرون عملة نادرة في مجال ريادة الأعمال.

أصغي قبل أن تتكلم، فكر قبل أن تقرر، افهم قبل أن تتصرف.

ثلاث نصائح ذهبية تضمن لك النجاح في هذا العالم.
ففي النصيحة الأولى، الإصغاء يعطيك فرصة لجمع أكبر عدد ممكن من المعلومات في عالم تساوي فيه المعلومة أكثر من الذهب.
في النصيحة الثانية، التفكير الجيد قبل الموافقة او الإقدام على أي قرار يجنبك الوقوع في الأخطاء ودراسة العواقب.
وفي النصيحة الثالثة، افهم قبل أن تتصرف، احرص على أن تكون دقيقا في كل التفاصيل وان لا تترك شيئا مبهما قبل الإقدام على أي خطوة، حتى لا تقع في فخ سوء التفاهم وحتى لا تترك أية ثغرات في عملك.

عندما تمطر السماء ذهباً ضع دلوك

ريادة الأعمال هي ببساطة فن استغلال الفرص، فعلى مر التاريخ ألاف الشركات الكبرى والرائدة في مجالها سقطت وانهارت بسبب أسلوب إداري مختص في إضاعة الفرص، وخير مثال على ذلك شركة “ياهو”.

أحط نفسك بمن هم أفضل منك

الكثيرون من رواد الأعمال يقومون بإحاطة أنفسهم بشركاء وموظفين في مستواهم أو اقل منهم، حتى يظهروا بزي الأبطال والمتميزين، لكنهم لا يدركون أنهم فقط متميزون بالنسبة للفشلة، أما الناجحون فهم من يقومون بإحاطة أنفسهم بأشخاص أفضل منهم يكملون نقصهم، يسدون ثغارتهم ويعالجون نقاط ضعفهم.

لا تكره منافسيك فذلك يؤثر على أحكامك

واحد من بين أكثر الأخطاء تداولا بين رواد الأعمال، الكثير منهم تصل بهم المنافسة إلى درجة كره المنافسين، ولكنهم لا يعلمون أن ذلك يعمي بصيرتهم، فبمجرد كره المنافس تتراءى لك كل تصرفاته ونجاحاته فشلا، فنتجنب تقليده حتى لو كان في ذلك خير لك، كما أنه يصرف تركيزك على الأمور المهمة ويوجهه نحو تصيد أخطاء المنافسين، فتدخل في دوامة لا مخرج منها.

حافظ على تركيزك

مغريات عالم الأعمال والمال كثيرة، الفرص الكثيرة والمجالات المتعددة والرغبة الداخلية في تحقيق الثراء السريعة قادرون في كل وقت على تشتيت التركيز وإعماء العقل، وسيجذبك ذلك إلى متاهة لا مخرج لها سوى الإفلاس. ولذلك حافظ على تركيزك وتحرك حسب إمكانياتك ورتب أهدافك ترتيبا تصاعديا حسب الأولوية واعمل على هدف واحد في كل مرة لا أكثر.

ابقي إحدى عينيك على السوق

من أكثر الأخطاء شيوعا والتي تؤدي إلى نهايات مأساوية هو أن قلة قليلة فقط تدرك أن قيم الحياة مختلفة عن قيم الأعمال، في حين أن الأغلب يقومون بإدارة ظهورهم للسوق بتعلّة أن الاهتمام بشؤونهم الخاصة فقط هو مفتاح السعادة والنجاح، ولكن عالم الأعمال عالم مختلف، ما إن تدير ظهرك للحظات حتى تتجاوزك الأحداث. عالم الأعمال يقوم على المعلومة، كلما حصلت على أكثر معلومات في وقت أسرع كلما زاد ثراؤك. لذلك احرص على الاهتمام بمنافسيك والسوق بقدر الاهتمام بشركتك، فهم أيضا “شؤونك الخاصة” وعدم الاهتمام بهم يعد إهمالا، وعاقبة الإهمال وخيمة.

المرونة:

عالم الأعمال ليس كما يدرس في المدارس والجامعات والمنتديات، حيث أن كل شيء مستقر ولا وجود للمتغيرات، ففي الواقع الأمر مختلف تماما، لا يوجد محيط مستقر، القوانين المنافسون الشركاء العملاء المزودون الموظفون وغيره من مكونات المحيط قابلة للتغير في كل لحظة، ولمقاومة هذه التغيرات عليك التحلي بالمرونة والسير مع التيار والتأقلم مع المتغيرات، فهي تميل المرن ولكنها تكسر الصلب.

كن مستقيما في عملك

مهما كانت الإغراءات، دائما حافظ على الاستقامة في عملك، فما يميزك هو سمعتك، ومهما بدى لك عالم الأعمال كبيرا فهو في الواقع سوق صغيرة تنتقل فيها الأخبار بسرعة، لذلك إجعلهم يتناقلون عنك سمعة طيبة وتذكر دائما أن حبل الغش والكذب والخداع قصير جدا.

عالم الأعمال قد يبدو صعبا، ولكنه ليس مستحيلاً، فقط يحتاج لبعض التعليم والكثير من الخبرة، لذلك سلحوا أنفسكم بالعلم وأحيطوها بالخبرات، ففي هذا المجال تصح عبارة “اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا”.

زر الذهاب إلى الأعلى