سلوى النجار/تكتب : (كيف تنجو من الفتن)

 

إنَّ هذه الفتن التي تظهر فينا وبيننا اليوم ،كقطع الليل المظلم ماهي إلا نذيرًا للناس بالهلاك ،كيف لا وقد علا الغش والكذب والفساد، ؟!كيف لا وقد ظهرت فتن الفيس والتيك توك ، وغيرها من عرض النساء والرجال عروضهنَّ وأعراضِهَّن على الملأ بلا حياء ولا خجل ولا وجل ،تري عورات البيوت ، على الملأ بكل تفاصيلها ، بدون أدنى حياء، وتري عورات البنات ،بل النساء!!!وما أعظم المصيبة في امرأة تعرض طولها وعرضها ومفاتنها على الملأ ،لتحصي (اللايكات )اقصد التعليقات كي تجمع المال الحرام الذي ينبت منه أجسادهن ، والأعجب من ذلك هؤلاء الرجال الذين يتشبهون بالنساء حتى تكاد لاتميزه عن النساء ، أما بالنسبة لرقص الرجال،أقصد الذكور ،فالرجل لايفعل ذلك،فهو الأنثى بعينها، واقع حزين ومخزي ،يجر آلاف الغافلين والجاهلين للتقليد الأعمى ، والأعجب هؤلاء المغيبون الذين يشجعونهم ويحفظونهم بتعليقاتهم والإطراء عليهم ولا لهم في الأمر لاناقة ولاجمل بل يحصدون معهم السيئات .والله لقد تفوقوا على إبليس نفسه في الاغواء،

هذا فساد وعين الفساد ولا رادع ولا رقيب ،وإذا نظرنا لوجدنا أن هذا نوع واحد من الفساد الذى ظهر في البر والبحر والجو ،ناهيك عن الغش والكذب ، والجهل وعقوق الابناء وعقوق الآباء وقطع الأرحام ، ألا نستحق وقفة !وقفة مع النفس وقفة أما الرب عزوجل ،ألا من وقفة أمام هذا الفساد الذي ينذر بالهلاك ،لقد كسروا القيود والأعراف ،والأصول ، فخرجت الفتن من معاقلها كما الأغنام الضالة ، والذباب الهائم على وجوه الأسوياء القابضين على جمر ، الأمر شديد ، والهول كبير ،إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،منذ ألف وأربعمائة عام استيقظ من نومه محمر الوجه فزعًا يقول لاإله إلا الله إيذانًا بحدوث أمر ما،وكما جاء:

عَنْ أُمِّ المُؤمِنينَ زَينَبُ بِنْتُ جَحشٍ رَضِيَ الله عَنْها قَالت:(أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ! ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ؛ فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه. وحَلَّقَ بإصْبَعِهِ الإبْهَامِ والَّتي تَلِيهَا، قالَتْ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وفينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ؛ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ.)

:صحيح البخاري—————————

وكما شرح شُرَّاح الحديث:

أنَّ يَأجوجُ ومَأجوجُ همُ القَوْمانِ اللَّذانِ بَنى عليهما ذو القَرنينِ السَّدَّ المذكورَ في قولِه تعالَى: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95]، وخُروجُهما مِن هذا السَّدِّ عَلامةٌ مِن العَلاماتِ الكُبرى ليومِ القِيامةِ.

فهل نستعجل خروج يأجوج ومأجوج ، وقد أمرنا ,بالاستعاذة من هذه الفتن ،وقراءة سورة الكهف حتى ندفعهم عنا .

وكذلك في هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمنينَ زَينبُ بِنتُ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ عليها فزِعًا يَظهَرُ عليه عَلاماتُ الخوفِ، وهو يقولُ: «لا إلهَ إلَّا اللهُ»، إيذانًا بتَوقُّعِ أمْرٍ مَكروهٍ يَحدُثُ، ولا نَجاةَ منه إلَّا بالالْتجاءِ إلى اللهِ سُبحانَه والاستجارةِ بِسُلطانِه، وفي رِوايةٍ في الصَّحيحَينِ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَيقَظَ مِن نَومِه مُحْمَرًّا وَجْهُه، وهُو يَقولُ…»، فيُجمَعُ بيْنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ عليها بعْدَ أنِ استَيقَظَ فَزِعًا، وكانتْ حُمرةُ وَجْهِه مِن ذلك الفزَعِ، ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وَيلٌ لِلعَربِ مِن شَرٍّ قدِ اقتَرَبَ» وُقوعُه، والوَيلُ كَلِمةٌ تُقال لمَن وَقَعَ في هَلَكةٍ، وتُقالُ للحُزْنِ، والمشقَّةِ مِن العَذابِ، وقد خَصَّ العرَبَ بالذِّكرِ إشارةً إلى ما وَقَعَ مِن قتْلِ عُثمانَ منهم، أو أرادَ ما يَقَعُ ،منْ مَفاسدَ آخرَالزمانِ ومِن مَفسَدةِ يَأجوجَ ومَأجوجَ، أو خَصَّ العرَبَ بالذِّكرِ؛ لأنَّهم أوَّلُ مَن دَخَلَ في الإسلامِ، وللإنذارِ بأنَّ الفِتنَ إذا وَقَعَتْ كان الهلاكُ إليهم أسرَعَ.

ثمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ هذا الشَّرِّ بأنَّه قدْ «فُتحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأجوجَ ومَأجوجَ» -وهو السَّدُّ الَّذي بَناه ذُو القَرنينِ بيْننا وبيْنهم- «مِثلُ هذه. وحلَّقَ بِإصبعِه الإبهامِ والَّتي تَلِيها»، يعني: جَعَلَ الإصبعَ السَّبَّابةَ في أصلِ الإبهامِ وضَمَّها حتَّى لم يَبْقَ بيْنهما إلَّا خَللٌ يَسيرٌ، والمرادُ بالتَّمثيلِ التَّقريبُ لا حَقيقةُ التَّحديدِ، والمعنى أنَّه لم يَبْقَ لِمَجيءِ الشَّرِّ إلَّا اليسيرُ مِنَ الزَّمنِ، فلمَّا سَمِعَتْ زَينبُ بنتُ جَحْشٍ رَضيَ اللهُ عنها ذلك، قالت: «يا رَسولَ الله، أَنَهْلِكُ وفِينَا الصَّالحونَ؟»، أي: كيف يُسلِّطُ اللهُ علينا الهلاكَ وفِينا المؤمنونَ الصَّالِحون؟ وكأنَّها أخَذَت ذلك مِن قولِه تعالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نَعَمْ، إذا كَثُرَ الخَبَثُ»، والخَبَثُ: هو الفُسوقُ والفجورُ والمعاصي، مِن نَحوِ الزِّنا، والخُمورِ، وغَيرِها، وإذا كَثُرَ المُجترِئونَ على مَعاصي اللهِ دونَ رادعٍ ولا وازعٍ؛ عَمَّ الهلاكُ الجَميعَ، ثُمَّ يُبعَثُ كلٌّ على نيَّتِه. وقيل: إذا عزَّ الأشرارُ وذلَّ الصَّالِحون، فيَهلِكُ العامَّةُ بفَسادِ الخاصَّةِ ولو كان فيهم الصَّالِحون، إذا انتَشَرَت الفواحشُ، وفَشَت المنكَراتُ، ولم يُنكِرْها أحدٌ، كما قال تعالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: 25].

فهل بعد هذا الكلام ، من رداع وزاجر ،فهل من توبة وأوبة إلى الله العظيم ، إنَّ الخروج من الفتن لابد لها من عمل ولابد لها من تغيير حتى يغير الله حالنا الذي وصلنا إليه ،والله يقول:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}١١.الرعد والتغيير يحدث بأمور كثيرة :

منها الدعوة الى الحق ،انكار المنكر ومحاربته،البعد عن الفساد ومواطن الفساد ، التوبة والعودة إلى الله ، واذا عم الفساد فعلى المرء أن يلزم نفسه بالتمسك بدينه بعيدًا عن الفتن ، وأن يعتزل الفساد ، والدعاء للمسلمين خاصتهم وعامتهم .ومازالت الأمة حية وبخير ، لأن هذه الأمة لن تموت ،فكلما ازداد الظلام ظهر النور ، وما أظن إلا أن النور قادم ، والظلام منقشع، ولابد لليل أن ينجلي ، فتنهض الأمة من فراشها ،كما ينهض الشاب اليافع من نومه ،نشيطًا مستبشرًا بأيام مشرقة منيرة يرفع يديه إلى السماء فتتنزل الخيرات مدرارا ، وأينما كان! ،وأينما حل!.

مصداقًا لقوله تعالى:{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }(51)غافر