(الأكل حتى البَشَّمْ، أو حتى التخمة)

سلوى النجار
إنَّ حاجة الإنسان إلى الطعام، والشراب، كحاجته إلى الهواء الذي يتنفسه وبدونه، لاتستقيم حياته ، فهو من النعم الكبرى، التي أنعم الله بها على الإنسان ولكن هناك ضوابط له شرعية، وقواعد.
لنتعرف على معناه
معنى البشم في المعجم الوسيط
1- بَشِمَ من الطعام بَشَمًا : أكثر منه حتى اتَّخَمَ وَسَئَمه، فهو بَشِمْ
2- أبشمهُ الطعامُ:أتخمه
ثانيًا ومعنى تخمة في معجم المعاني : تُخمة ، داء يصيب الإنسان من أكل الطعام الثقيل أو من كثرة الأكل أو من عُسر الهضم.
ب) وتاخم فعل تاخم – يتاخم – متاخمة ، فهو متاخم.
والأكل والشرب، من الطيبات التي أحلها الله سبحانه وتعالى لعباده لقوله تعالى ﴿ ۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ ( الأعراف : 31)
وفي سنة نبينا المصطفى ﷺ،الحث على الإعتدال في الطعام والشراب، وفيها ذم الإسراف ، والإستكثار منه.
لقوله ﷺ ( ما ملأ آدميْ وعاءً شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلاتٍ يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثُ لِطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) رواه الترمذي (2380)
وابن القيم يلخص لنا هدى النبي ﷺ ، في أمر الطعام والشراب فيقول ( لايردُّ موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا فما قرّب إليه شئ من الطيبات إلا أكله، إلا أن تعافه نفسه، فيتركه من غير تحريم، وما عاب طعامًا قط، إذ إشتهاه أكله، وإلا تركه. والأكل حتى التخمة يبعث على الكسل، والخمول، وبالتالي تضعف همته، ويكثر نومه، ويقل عمله، وهذا مما نهى عنه ﷺ، قال ﷺ ( المؤمن يأكل في مَعي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء)
وروى أسد بن موسى من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: (أكلت ثريدًا بلحم سمين، فأتيت النبي ﷺ وأنا أتجشأ، فقال (كف عنا جُشاءَك فإن أكثرهم شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا يوم القيامة) صحيح الترمذي ، فما أكل أبو جحيفة محل بطنه حتى فارق الدنيا.
قال المنياوي : موضحًا خطورة الإسراف في الطعام: ” وهو مذموم طبًا وشرعًا كيف، وهو يقرب الشيطان، ويهيج النفس إلى الطغيان، والجوع يضيق مجاريه ، وقال ابن حجر: “نيل المراد حض المؤمن على قلة الأكل إذا علم أن كثرة الأكل صغة الكافر، فإن نفس المؤمن تنفر من الإتصاف بصفة الكافر. لقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ ( محمد :12 ) .
إذن ما حكم الأكل حتى الشبع أو البشم؟ سؤال هل الأكل حتى الشبع منهى عنه؟؟ هنا جاء في صحيح البخاري ومسلم ما يدل على جواز الشبع، أو الوصول إلى حد الشبع، وأن المكروه ما جاوزه حتى البشم.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله ﷺ ضعيفًا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شئ؟!. وفيه قصة تكثير الطعام بدعاء النبي ﷺ وقوله” ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرةٍ، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال أئذن لعشرة ……إلخ الحديث والقوم ثمانون رجلًا ” وقد بوب البخاري (باب من أكل حتى شبع أورد فيه أيضًا قول عائشة رضي الله عنها ” توفي النبي ﷺ حين شبعتا من الأسودين والتمر والماء”
والخلاصة أن المنهي عنه الأكل حتى التخمة، أو حتى البشم، وفيه إمتلاء المعدة المذموم، والمكروه وألا يدخل الطعام على الطعام، فتفسد البنية، ويموت القلب . وهنا يكسل المسلم عن العبادة، ويفض إلى الكسل والنوم، وضعف الهمة وبعض الأمراض التي تؤدي إلى مفاسد عظيمة. وهدي النبي ﷺ فيه من الهداية والوقاية والعلاج الناجع لهذا، مارواه مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسولَ الله ﷺ يقول: ( مَا مَلَأَ آدمي وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ؛ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ؛ فَإنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلثٌ لِطَعَامِهِ وَ ثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) رواه أحمد والترمذي. وصححه الألباني.

كتبته/ سلوى النجار
22/ 11 / 2021م

زر الذهاب إلى الأعلى