من دعاء الصالحين دعاء صالح بن بشير المري

عمرو حلمي

قالْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ أَبِي بِشْرٍ: قَالَ لِي فِي مَنَامِي قَائِلٌ: «إِذَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكَ فَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْمُبَارَكِ الطُّهْرِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْمُقَدَّسِ، قَالَ: فَمَا دَعَوْتُ بِهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا تَعَرَّفْتُ الْإِجَابَةَ», “الحلية”(6/168).

وكَانَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، يَقُولُ: فِي دُعَائِهِ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَوْفًا غَيْرَ نَاهِضٍ وَلَا قَاطَعٍ، خَوْفًا حَاجِزًا عَنْ مَعْصِيَتِكَ مُقَوِّيًا عَلَى طَاعَتِكَ وَأَسْأَلُكَ صَبْرًا عَلَى طَاعَتِكَ وَصَبْرًا عَنْ مَعْصِيَتِكَ».
وكَانَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ يَدْعُو: «اللهُمَّ ارْزُقْنَا صَبْرًا عَلَى طَاعَتِكَ، وَارْزُقْنَا صَبْرًا عِنْدَ عَزَائِمِ الْأُمُورِ».

نبذة عن صاحب الدعاء:
هو أبو بشر صالح بن بشير المري القارىءُ الدُرِّيُ والواعظُ التقيُ صاحبُ قراءةٍ وشجنٍ ومخافةٍ وحزنٍ يُحَرِّكُ الأخبارَ ويَفْرِّكُ الأشرارَ, من أهل البصرة.

حَدَّثَ عن : الحسن البصري, ومحمد بن سيرين, وغيرهما.
روى عنه : شجاع بن أبي نصر البلخي, وسريج بن النعمان الجوهري, وغيرهما.

post

وكان عبداً صالحاً وكان المهدىُ أميرُ المؤمنينَ قد بعثَ إليه فأقدَمَهُ عليه بغداد. مات سنة اثنتين وسبعين ومائة (172هـ).

مناقبه :
1- ذكر الخطيب البغدادي : «أن صالح المري لما أرسل إليه المهدي قدم عليه فلما أدخل عليه ودنا بحماره من بساط المهدي أمر ابنيه وهما وليا العهد موسى الهادي وهارون الرشيد. فقال: قُومَا فأنزلا عَمَكُمَا فلما انتهيا إليه أقبل صالح على نفسه فقال: يا صالح لقد خبت وخسرت إن كنت إنما عملت لهذا اليوم».
2- قال عفان بن مسلم : « كنا نأتي مجلس صالح المري نحضره وهو يقص وكان إذا أخذ في قصصه كأنه رجل مذعور يفزعك أمره من حزنه وكثرة بكائه كأنه ثكلى وكان صالحُ شديدَ الخوف من الله كثير البكاء».
3- وقال عبد الرحمن بن مهدي: «جلست مع سفيان الثوري في مسجد صالح المري, فتكلم صالحُ فرأيت سفيان الثوري يبكي، وقال : ليس هذا بقاص هذا نذير قوم» .

إلقاء الضوء على الدعاء :
«اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْمُبَارَكِ الطُّهْرِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ الْمُقَدَّسِ، قَالَ: فَمَا دَعَوْتُ بِهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا تَعَرَّفْتُ الْإِجَابَةَ» كأنه دعى باسم الله الأعظم الذي إذا دُعِيَ به أجاب واسم الله الأعظم فيه خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال : (الحي القيوم), ومنهم من قال غير ذلك, ولعل المراد به : حالة الخشوع التام والذل والانكسار لله رب العالمين.

وأما دعاءه: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَوْفًا غَيْرَ نَاهِضٍ وَلَا قَاطَعٍ، خَوْفًا حَاجِزًا عَنْ مَعْصِيَتِكَ مُقَوِّيًا عَلَى طَاعَتِكَ وَأَسْأَلُكَ صَبْرًا عَلَى طَاعَتِكَ وَصَبْرًا عَنْ مَعْصِيَتِكَ»: يعني يارب اجعل خوفي منك مُعِيْنَاً لي على طاعتك, حاجز يحول بيني وبين الوقوع في الزلل والمعصية.

وأما دعاءه : «اللهُمَّ ارْزُقْنَا صَبْرًا عَلَى طَاعَتِكَ، وَارْزُقْنَا صَبْرًا عِنْدَ عَزَائِمِ الْأُمُورِ»:
فبين لنا بهذا الدعاء أنَّ الصبرَ أصلُ في العبادة , فهو كما في الحديث: «شطر الإيمان», ويكون عونا على فعل الطاعات , ويكون سندا لنا عند المصائب.

وفي الحديث: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» ويكون حاجزا مانعا عن الوقوع في الذنوب والخطايا. ولهذا كان الصبر ضياء في الحياء نهتدي به في ظلمات الدنيا.

زر الذهاب إلى الأعلى