لاتتكبر أيها الآنسان

سلوى النجار

إنَّ الكبر والغرور والخيلاء من صفات الإنسان ، وكثيرًا ماينسى الإنسان أصل خِلْقَته ،لذا فهو اسم على مسمى فقيل أنه من الأنُس فهو من الإنْس وقيل من النسيان لأنه كثير النسيان ، فأرسل الله رسله تذكرة وموعظة، ولايزال المرء بخير مادام ينسب الفضل والخير إلى أهله ، ويشكر ربه، فإن أعطاه شكر وإن منعه صبر لايغتر ولايختال ،ولايمش في الارض مرحًا. ولو تأمل الانسان أصل خِلْقته مابغى وماطغى،تدبر معي قوله تعالى: {كَلَّا ۖ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّايعْلمونْ}: المعارج “٤٩”{ كلَّا } [أي:] ليس الأمر بأمانيهم ولا إدراك ما يشتهون بقوتهم.�{ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ } أي: من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، فهم ضعفاء، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. السعدي
اوفي تفسير الشيخ الطنطاوى : كَلَّا ۖ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ وجملة ( إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ) تأكيد لهذا الردع والزجر ، وتهوين من شأنهم ، وإبطال لغرورهم ، وتنكيس لخيلائهم بأسلوب بديع مهذب . . لأنه مما لا شك فيه أنهم يعلمون أنهم قد خلقوا من ماء مهين ، ومن كان كذلك فلا يليق به – متى كان عاقلا – أن يغتر أو يتطاول . كلا ” لا يدخلونها .
وجاء في تفسير القرطبي :ثم ابتدأ فقال : إنا خلقناهم مما يعلمون أي إنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ; كما خلق سائر جنسهم . فليس لهم فضل يستوجبون به الجنة ، وإنما تستوجب بالإيمان والعمل الصالح ورحمة الله تعالى . وقيل : كانوا يستهزئون بفقراء المسلمين ويتكبرون عليهم . فقال : إنا خلقناهم مما يعلمون من القذر ، فلا يليق بهم هذا التكبر . وقال قتادة في هذه الآية : إنما خلقت يا ابن آدم من قذر فاتق الله . وروي أن مطرف بن عبد الله بن الشخير رأى المهلب بن أبي صفرة يتبختر في مطرف خز وجبة خز فقال له : يا عبد الله ، ما هذه المشية التي يبغضها الله ؟ فقال له : أتعرفني ؟ قال : نعم ، أولك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة . فمضى المهلب وترك مشيته . نظم الكلام محمود الوراق فقال :
عجبت من معجب بصورته وكان في الأصل نطفة مذره
وهو غدا بعد حسن صورته يصير في اللحد جيفة قذره
وهو على تيهه ونخوته ما بين ثوبيه يحمل العذره
وقال آخر :
هل في ابن آدم غير الرأس مكرمة وهو بخمس من الأوساخ مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك والعين مرمصة والثغر ملهوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا قصر فإنك مأكول ومشروب
وقيل : معناه من أجل ما يعلمون ; وهو الأمر والنهي والثواب والعقاب . كقول الشاعر وهو الأعشى :
أأزمعت من آل ليلى ابتكارا وشطت على ذي هوى أن تزارا
ونختم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [ الانفطار]
فسبحان الذي خلق فسوى والذي قدر فهدي . بقلم سلوى النجار

زر الذهاب إلى الأعلى