اللواء اشرف فوزى لجريدة نبض وطن .. “المخدرات الرقمية”.. كيف يتم اصطياد الشباب ؟

موسيقى تشبه “حبوب الهلوسة” تخدر العقل بالموجات وتنصب فخاً للإدمان من بوابة المحتوى.

دائماً يصر الإنسان على صناعة وابتكار مايسبب له الأذى والألم ، ويظن أنه بذلك يقوم بتوفير وسائل الاستمتاع والشعور باللذة .. فقام بتصنيع المخدرات ، بكل أنواعها .. بل وتفنن في جعل تأثيرها ساماً يقتل متعاطيها ببطء ممتع.

 

وفي ظل التقدم الكبير وثورة التكنولوجيا وتطورها، وتحت إصرار الإنسان أيضاً على أن يبتكر ما يؤذيه، ظناً أنه بذلك

يزيد من استمتاعه بالحياة وما توفره له الحضارة التي وصل إليها .. ظهرت المخدرات الرقمية .

post

 

اوضح اللواء اشرف حيث استطاع الإنسان أن يصل لمعرفة نتائج تعاطي المخدرات التقليدية ، وتفاعلاتها داخل الدماغ ، فابتكر طريقة جديدة وصل بها لتحريك التفاعلات الكيميائية التي تحركها المخدرات التقليدية ، دون التعاطي الفعلي للمخدرات ، فأصبح يصل للنتيجة مباشرة دون المرور بمراحل التعاطى من تحضير المادة المخدرة و تناولها ، سواء كانت تتعاطى بالحقن أو الاستنشاق أو البلع ، فأصبح الخطر الناتج من التعاطي مضاعفاً وخطيراً جداً.

 

اكد اللواء أشرف فوزى على خطورة المخدرات الرقمية فى ظل التحديات التكنولوجية الحالية .

 

المخدرات الرقمية:

واضاف اللواء اشرف المخدرات الرقمية أو الـ Digital Drugs أو ال iDoser هي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعات بكل من الأذنين، حيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمنى مثلاً وترددات أقل إلى الأذن اليسرى ، فيحاول الدماغ جاهداً أن يوحد بين الترددين للحصول على مستوى واحد للصوتين، وهذا الأمر يجعل الدماغ في حالة غير مستقرة، على مستوى الإشارات الكهربائية العصبية التي يرسلها .. وأضاف هنا يتم تقسيم أنواع المخدرات الرقمية مثلها مثل أنواع المخدرات التقليدية.

 

نشأة المخدرات الرقمية:

نشأت المخدرات الرقمية واعتمدت على تقنية قديمة تسمى “النقر بالأذنين” اكتشفها العالم الألماني “هينريش دوف” عام ١٨٣٩ واستخدمت لأول مرة عام ١٩٧٠ لعلاج بعض الحالات النفسية لشريحة من المصابين بالاكتئاب الخفيف، أو انه استخدم في حالة المرضى الذين يرفضون العلاج السلوكي ” العلاج بالأدوية” ولهذا تم العلاج عن طريق تذبذبات كهرومغناطيسية لفرز مواد منشطة للمزاج، كما أنها استخدمت في مستشفيات الصحة النفسية نظراً لأنه هناك خللاً ونقصاً في المادة المنشطة للمزاج لدى بعض المرضى النفسيين ولذلك يحتاجون إلى استحداث الخلايا العصبية إفرازها تحت الإشراف الطبي، بحيث لا تتعد عدة ثوان أو جزء من الثانية ويجب ألا تستخدم أكثر من مرتين يومياً وتوقف العلاج بهذه الطريقة آنذاك نظراً لتكلفتها العالية.

 

أنواع المخدرات الرقمية:

بالطبع هناك أثر لكل نوع من أنواع المخدرات، مثل الكوكايين والهيروين والحشيش والترامادول ونبات البانجو و الميثامفيتامينات المعروفة بالكريستال ميث أو الشبو، إلى غير ذلك من أنواع المخدرات، كل نوع منهم له أثر خاص به، حيث أن منها ما يصل بتعاطيها للهلوسة وآخر للاسترخاء، وآخر للتركيز وهكذا..

ومن الجدير بالذكر أنه يمكن علاج الادمان علي المخدرات التقليدية لكن المخدرات الرقمية علاجها صعب إلى حد ما.

تعرف على مدى تأثير المخدرات الرقمية:

لقد انقسمت الآراء حول مدى تأثير المخدرات الرقمية، كما فعلوا تماماً مع المخدرات التقليدية، فهناك من قال أنها مؤثرة جداً وذات فاعلية كبيرة، ولها تأثير قوي وهناك من لم يتأقلم معها أو لم يتقبلها فقال عنها أنها ليس لها تأثيرايجابي، بل إنها ربما تسببت في آلام في الرأس والظهر فقط ولكن اتفق البعض أن مدى تأثيرها على المتعاطي لها أنه بعد سماع المقطع، مثل المخدرات التقليدية تماماً، فربما يقوم الشخص بالصراخ والهلوسة أو تشنجات لا إرادية في العضلات.

 

طقوس تعاطي المخدرات الرقمية :

يصف البعض هذه الطقوس أنها يشترط فيها شكل معين .. حيث أنه لابد من أن يكون في حجرة ذات إضاءة منخفضة، معصوب العينين، يرتدي ملابس فضفاضة، يشرب ماء قبل الاستماع للمقطع وهذه هى كل الأدوات التى يحتاجها الفرد كي يتم الوصول لقمة التأثير والنشوة من جراء سماع هذه المقاطع.

 

كيف تعمل المخدرات الرقمية:

اكد الخبير الامنى انها تعمل على تزويد السماعات بأصوات تشبه الذبذبات والأصوات المشوشة، وتكون قوة الصوت أقل من ١٠٠٠ إلى ١٥٠٠ هيرتز كي تسمع منها الدقات.

أما الجانب المخدر من هذه النغمات فيكون عبر تزويد طرفي السماعة بدرجتين مختلفتين من الترددات الصوتية ويكون الفارق ضئيلاً يقدر من٣٠ هيرتز لذلك ينصح المروجين لها أن تكون السماعات ذات جودة عالية ومن نوع “ستريو” كي تحقق أعلى درجات الدقة والتركيز، فالفارق بين طرفي السماعة هو الذي يحدد حجم الجرعة، فكلما زاد الفارق زادت الجرعة.

ومن الجدير بالذكر أن هناك مواقع متخصصة تقوم ببيع هذه النغمات على مواقع الانترنت، وللأسف الشديد، لا توجد رقابة رسمية عليها في الوقت الحالي، حيث يتم ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً مقابل القليل من الدولارات.

 

مؤشر الإدمان على “يوتيوب”

فيديوهات “موسيقى الهلوسة” تحظى على “يوتيوب” بمشاهدات عالية، فهذا مقطع يحقق ١٤٥ ألف مشاهدة، ومقطع آخر بعنوان مخدرات رقمية عالية الجودة بـ٨٠ ألف مشاهدة مع تعليقات لمدمنين من جنسيات عربية.

 

أرقام مخيفة تحمل مؤشرا على أن انجراف الشباب والمراهقين لهذا الصنف الموسيقي الرائج الذي يؤثر نفسياً على سلوك الأفراد وصحة المجتمعات.

 

نرصد منها مثلا من قال: “حسيت راسي وصدري بينفجر”، فيما علق آخر بالقول: “استمعت لهذه الأغنية.. نمت على الأغنية.. وشاهدت حلما وكأنني كلمت الجن”، وثالث يقول: “حماسية كثيرة أدخلتني إلى البعد الخامس” ورابع يروج لها بالقول: “ضيفوني على انستغرام ورح تشوفو مخدرات على أصولها”!

 

أعراض الإدمان الإلكتروني يمكن اكتشافها بسهولة لدى الأبناء من خلال تصفح الطفل أو المراهق أجهزة الموبايل والآيباد وقضاء وملاحظة وضع سماعات الأذن لوقت طويل وظهور انفعالات غريبة على ملامحه، وإذا افتقده السماعة أو الجهاز تظهر لديه علامات توتر وقلق وعصبية، وهناك علامات أخرى حيث يبرز قصور واضح في دراسته ونشاطاته الرياضية وعلاقاته الأسرية مع أهله، ويكون دائم الانزواء.

 

سلوكيات عدوانية

المخدر الرقمي له خطورة كبيرة على الأعصاب، حيث يجعل المدمن في حالة انطواء ودائم الإرهاق، وتسيطر عليه عصبية مفرطة، وأحيانا تظهر لديه سلوكيات عدوانية، ويكون مشوش التركيز والتفكير غير متجاوب مع الآخرين وخجول من الناس ويشكو من الإمساك ويعاني من اضطراب الشهية.

 

برمجة سلوك الطفل

التربية الموسيقية لها دور مؤثر في تأسيس وتحصين وجدان الطفل منذ مرحلة النشء، وتبدأ من البيت من خلال إحاطة الطفل بآلة موسيقية معينة وتغذية وعيه بمقطوعات موسيقية ملهمة قادرة على صياغة ذائقته، فضلا عن كونها تساهم في ترقية سلوكه وتهذيب مزاجه النفسي وتمنحه قدرات ذاتية وتجارب وجدانية يتكئ عليها في جميع مراحله العمرية.

خطورة المحتوى الموسيقي الرقمي الذي تتم برمجته للتأثير على ذهنية الطفل وانحراف سلوكه، المسؤولية يتحملها الآباء حيث يفترض بهم تنشئة طفلهم منذ الصف الأول، على الموسيقى الإيجابية التي تحافظ على هدوئه وذوقه واستقراره المزاجي والذهني وحتى العاطفي.

زر الذهاب إلى الأعلى