من فتاوى الاجتماعيات… تعرف على أداب الطعام
عمرو حلمي
بقلم: ا.د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
س : يقول في رسالته : عرفنا في فتاوى سابقة شيئا عن أداب الطعام ونريد معرفة ما تبقى منها؟
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) العنكبوت آية (٦٠).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة : ” لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير يغدو خماصا ويروح بطانا”٠
وبعد :
فإن الله قدر الأقوات والأرزاق والآجال ، وما قدره الله آت لا محالة ، إذا كان الأمر كذلك فعلى الإنسان خاصة المسلم ان يطمئن ، وألا يستعجل رزق الله ولا يستبطؤه روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : “اتقوا الله وأجملوا في الطلب ،ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها “٠
وبخصوص واقعة السؤال نقول :
أولاً : من أداب الطعام إذا سفطت لقمة من الإنسان أثناء أكله فلا يتركها هكذا على الأرض ، بل يرفعها ويبعد عنها ما علق بها من أذى ثم يأكلها٠
روى الترمذي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “إذا أكل أحدكم طعاما فسقطت لقمة فليمط ما رابه منها ثم ليطعمها ولا يدعها للشيطان٠
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لعق طعاما لعق أصابعه الثلاث وقال : “إذا ما وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ،ولا يدعها للشيطان “٠
والأمر بصون الأذى عن اللقمة ، وإبعاده عنها إذا ما نفذه الإنسان دل ذلك على تواضعه وعدم تكبره ، كما ان في تنفيذ هذا التوجيه النبوي صيانة للنعمة ومحافظة عليها ، وذلك يجعل المسلم في زيادة منها لأنه يعد شاكرا ربه عليها والله عز وجل قال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) سورة إبراهيم الآية (٧).
وأخيراً : فإن التوجيه النبوي الوارد في هذا الأدب يعلم الإنسان عدم التعدي ،وعدم مجاوزة الحد ؛لأن الإنسان إذا ترك اللقمة على الأرض لأن بعضها أصابه شئ من الأرض كان متعديا متجاوزا الحد المشروع ، فترك الكل من أجل البعض يعد تعديا من الإنسان ٠
ثانياً : ومن أداب الطعام أن يلعق المسلم أصابعه بعد الأكل٠
وإذا أردنا أن ننفذ هذا التوجيه على أرض الواقع نجد الأم مثلا التي تؤكل طفلها غير المميز بيدها إذا فرغ الطفل من الطعام تحاول أن تناوله يدها حتى يلعق الطعام المتبقي على أصابعها ، فإن لم يفعل الطفل ذلك لعقت هي أصابعها حتى ينفد ما عليها من طعام٠
روى الإمام البخاري في “صحيحه” عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها”٠
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا أكل أحدكم فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أيتهن البركة “٠
ثالثاً : من أداب الأكل إذا كان اليوم يوم جمعة فيكره أن يشتمل الطعام على شئ من الثوم أو البصل غير المطبوخين ؛ لأن لهاتين الشجرتين رائحة تؤذي المصلين وملائكة الله المقربين٠
روى الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أكل من هذه قال أول مرة : الثوم ثم قال: الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا”٠
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب ، وكان إذا أكل طعاما بعث إليه بفضله ، فبعث إليه يوما بطعام ولم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم منه فلما أتى أبو أيوب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال : “به ثوم فقال يا رسول الله : أحرام هو ؟ فقال : لا ،ولكني أكرهه من أجل ريحه”٠
قال أبو عبيد : وهذا حديث حسن صحيح٠
والعلة من النهي عن أكل الثوم والبصل هي الرائحة الكريهة المنبعثة منهما والتي يتأذى منها الإنسان ،وتتأذى منها ملائكة الله ،ورد في الحديث الصحيح “الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنوا آدم”٠
ويقاس على الثوم والبصل والكراث كل شئ يأكله أو يشربه الإنسان وكان له رائحة كريهة فإنه ينهى عن ذلك إذا ما أراد أن يحضر محفلا من محافل المسلمين ٠
فإن أذهب الإنسان هذه الرائحة المنبعثة من هذه الأشياء قبل الأكل عن طريق الطبخ ، أو أزالها بعد الأكل عن طريق المطهرات والمنظفات كالمعجون مثلا زال النهي وأصبح أكلها لا كراهة فيه٠
روى الترمذي في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : “نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخا ،وروى مسلم في صحيحه عن عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه قال : من أكلها فليمتها طبخا”٠
وصلى الله على سيدنا محمد