الحكمة من كثرة المصلين في الليالي الوترية من رمضان
د/ عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر
هناك سؤال يقول :
نرى ازدحام المساجد في ليالي الوتر من ليالي العشر بينما يتناقص عدد المصلين في ليالي الشفع فما حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم : (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين)
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
وبعد :
فإن رزق الله وسائر نعمه تترى على الإنسان وينعم بها يوميا ولم تنقطع عنه يوماً من الأيام وعملا بقول الملك العلام : (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فذلك يجعل الإنسان المؤمن في عبادة مستمرة دائمة غير منقطعة لمن لا يحجب عنه نعمه في يوم من الأيام وبذلك تكون نعم الله إلى الإنسان نازلة، وعبادة المسلم لربه صاعدة.
وفي واقعة السؤال نقول : إن ماعليه حال البعض من التشمير للعبادة والاجتهاد في الطاعة في أوتار العشر الأخيرة من رمضان ثم التكاسل عنها في ليالي الشفع منها ظاهرة غير صحية للأدلة الآتية:
أولا : قول سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) والمؤمن الصائم لن ينال غفران الذنب بقيام البعض من الليالي وترك البعض منها بل إذا أراد نيل جائزة قيام رمضان ينبغي عليه قيام لياليه كلها ، ليالي العشر الأول، وليالي العشر الأواسط وليالي العشر الأخيرة من رمضان).
ثانياً : تحكي أمنا أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله تعالى عنها حال عبادة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان فتقول : كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها.
ولم يكن صلى الله عليه وسلم كما جاء في السؤال عن فعل العبد وقصر اجتهاده في الليالي الوترية دون ليالي الشفع منها.
ثالثاً : ما روته أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها من تشمير النبي صلى الله عليه وسلم وجده في العبادة ومضاعفته للعبادة في كل ليالي العشر الأخيرة من رمضان وليس في بعض الليالي دون البعض منها فتقول : كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شد المئزر وأحيا الليل كله، وأيقظ أهله.
وخلاصة القول :
من كل ما سبق نقول إن تعمير المساجد في ليالي الوتر من العشر الأخيرة من رمضان دون ليالي الأشفاع منها ظاهرة مرضيه لا تقوم على أدلة شرعية بل الأدلة الشرعية على خلافها.
هذاوالله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد
وكتبه أ.د / عطية لاشين- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.