صورة الحماة فى الثقاقة الشعبية

د. سهام عبد الباقى محمد

الباحثة الأنثروبولوجية- كلية الدراسات الأفريقية العليا

تعد شخصية الحماة فى الثقافة الشعبية المصرية شخصية مركبة بما تمتلكه من مشاعر حب عميقة تجاه أبنائها،ومشاعر بغض،وتعاملات عدائية فى كثير من الأحيان تجاه زوجة وزوج الإبن والابنة ،ونظراً لكونها شخصية محورية فى الحياة الأسرية بما تقدمه من دعم لأبنائها أيما كانت طبيعة علاقتها بأزواج الأبناء،كان يتم على الدوام التعامل مع شخصية الحماة بحذر شديد لضمان الإستقرار الأسرى، وعدم الفرقة بين الزوجين، لذا كانت من أولى الواجبات والوصايا التى تقدمها الأم لإبنتها هى توعيتها بكيفية التعامل مع الحماة حتى تأمن شرورها، وقد إنبثقت عن تلك النظرة المجتمعية صورة ُطرحت بالأمثال الشعبية المصرية أضفت على شخصية الحماة مزيداً من القسوة والغلظة، والشرور،واتهمتها بالترصد الدائم لأزواج الأبناء والتآمر عليهم، ووصفتها بأنها أقصى أنواع الشرور التى عليهم مواجهتها ومجابهتها بحياتهم رغم أن التعريف اللغوى والإصطلاحى لكلمة حماة فى اللغة العربية يعنى الحماية،وفى المراجع الإنجليزية تعرف الحماة بانها الأم بموجب القانون الرسمى أو العرفى،من هذه الأمثال،على إبنها حنونة وعلى مراته مجنونة،إن كتر ضحك حماتك خافى على نفسك وحياتك،الحماة حمٌا وأم الزوج عقربة سامة، أنكوى بالنار ولا تقعد حماتى فى الدار، لو كانت الغلة أد التبن لكانت الحماة حبت مرات الإبن.

وترجع أهمية تلك الأمثال إلى أنها عكست قيم المجتمع المصرى واتجاهاته وأفكارة تجاه تلك الشخصية فى فترة تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية معينة،لكنها لم تقدم لنا صورة منصفة للحماة فأصبح لزاماً علينا ألا نظل متمسكين بتلك الرؤية برغم كونها جزء هام فى تراثنا الثقافى لأنها ساهمت فى ظلم وتشوية تلك الشخصية الثرية ولم تقدم لنا صورة إيجابية ورأى وسطى عنها،حيث اختلفت صورة الحماة اليوم عما كانت عليه بفعل التغيرات التى طرأت على واقعنا الاقتصادي والإجتماعي،والثقافي فلم تعد الحماة تلك المرأة المتسلطة التى لا يشغلها إلا إثارة المشاكل بل أصبحت أكثر إنشغالاً بعملها وحياتها الخاصة وعلاقاتها، وأنشطتها الإجتماعية ، كما أصبحت تقدم الرعاية والدعم للأحفاد وتتولى رعايتهم طيلة فترة عمل الأم نظراً لأرتفاع رسوم دور رعاية الاطفال فضلاً عما تقدمة من دعم مادى ومعنوى لهم،مما ساهم فى توثيق مشاعر المحبة والألفة بين الحماة وأزواج الأبناء.

post
زر الذهاب إلى الأعلى