د/ عمرو حلمي..يكتب.. الشهور العربية شهور قمرية تعبدية

 

لقد امتاز الشهر القمري عن غيره بظهور الهلال في الأفق مطلِع كل شهر. ولأن الله تعالى تعبدنا بها في كتابه, فقال تعالى:{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}, وقال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.

والمعنى : أن عدد شهور المسلمين التي تُعبِّدوا بأن يجعلوها لسنتهم اثنا عشر شهراً على منازل القمر واستهلال الأهلَّة لا كما يعدُّه أهل الرُّوم وفارس, كِتَابِ اللَّهِ أي : في الإِمام الذي عند الله كتبه يوم خلق السماوات والأرض, مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم يعظم انتهاك المحارم فيها بأشدَّ ممَّا يعظم في غيرها, ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أي : الحساب المستقيم.

كما أقره النبي في خطبة الوادع بقوله: «إنَّ الزَّمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خَلَق اللهُ السَّمواتِ والأرضَ، السَّنةُ اثنا عَشَرَ شَهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ : ذو القَعْدةِ، وذو الحِجَّةِ، والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادى وشَعبانَ».

قال الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه:«المشهور في أسماء الأيام والشهور»، فيما ذكره عنه ابن كثير في التفسير:

post

أن« المحرم»: سمي بذلك لكونه شهراً محرماً وعندي أنه سمي بذلك تأكيداً لتحريمه لأن العرب كانت تتقلب به فتحله عاماً وتحرمه عاماً, قال: ويجمع على مُحَرَّمات ومَحَارِم ومَحَاريم.

و«صفر»: سمي بذلك لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار, يقال: صَفِر المكان إذا خلا ويجمع على أصفار كجمل وأجمال.

وشهر«ربيع الأول» سمي بذلك لارتباعهم فيه, والارتباع: الإقامة في عِمارة الربع, ويجمع على أَرْبِعَاء كنصيب وأنصباء وعلى أربعة كرغيف وأرغفة، وربيع الآخر كالأول.

و«جُمَادي»: سمى بذلك لجمود الماء فيه، وكانت الشهور في حسابهم لا تدور، وفي هذا نظر إذ كانت شهورهم منوطة بالأهلة فلا بد من دورانها فلعلهم سموه بذلك أول ما سمى عند جمود الماء في البرد.

ويجمع على جُمَاديات كحُبَاري وحُباريات, وقد يذكر ويؤنث فيقال جمادى الأولى والأول وجمادى الآخر والآخرة.

«رجب»: من الترجيب وهو التعظيم, ويجمع على أَرْجَاب ورِجَاب ورَجَبات.

«شعبان»: من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شَعَابين وشَعْبانات.

«رمضان» من شدة الرمضاء وهو الحر, يقال: رمضت الفصال إذا عطشت، ويجمع على رَمَضَانات ورَمَضِانين وأَرْمِضَة.

«شوال»: من شالت الإبل بأذنابها للطراق, قال: ويجمع على شَوَاول وشَوَاويل وشَوَّالات.

«القعدة»: بفتح القاف قلت وكسرها لقعودهم فيه عن القتال والترحال, ويجمع ذوات القعدة.

«الحجة»: بكسر الحاء قلت وفتحها سمي بذلك لإقامتهم الحج فيه, ويجمع على ذوات الحجة.

زر الذهاب إلى الأعلى