والجبناء تزوجهم أمهاتهم!

نحن شعوب عاطفية تقدس الحب وتخاف منه ، تحترم الحياة وتهابهاوتخشاها

إننا نحرس تعاستنا بجدارة !

نرى من يحب ليلى وعند الزواج فهو مع أمل فيما تحب هى هشام وتزف إلى كريم ! لما يترك الشاب من يحبها ويقرر الزواج بأخرى وهنا سنعفي البنت من التساؤل فالخطوة ليست بيدها فهو من يتقدم لطلب الزواج منها وليس العكس

أما عنه فهل يترك الشاب من يحبها لتخّوفه من تبدل المشاعر بينهما بعد الزواج ؟ أم قلقه من المسؤلية تجاه من يحب خاصة وأن المشاعر الواجدانية يعيد الواقع تشكيلها وصياغتها في صورة مواقف مع المعاملة المباشرة ؟ ربما يكون هناك ماهو أكثر أهمية ..

 

post

الحب للشجعان ..الجبناء تزوجهم أمهاتهم !

لشاعر الرومانسية الأشهر نزار قبانى ولكن ما الجُبّن في أن يفوض الشاب أمه في أن تختار له شريكة حياته أليست هذه الأم هى أكثر شخص يعرفه حق المعرفة وهدفها الأول هو هنأه وراحته ؟! فكل أم تحرص على مستقبل ابنها خاصة وأن زواج الأبناء بالنسبة للأمهات جميعهن مسألة هامة ومرحلة حساسة وفارقة بحياتهن

 

فنجد بكثرة ملفتة للإنتباه وذلك ربما لأنها تحدث في أيامنا تلك وبعصرنا الحالى أن أم تبحث لإبنها عن عروس وتوصي القريبات والصديقات والمعارف أن يشاركنها ويدلنها على عروس مناسبة له فقد آن الأوان وقد تأهب الإبن للزواج وأنها تريد أن تفرح به وترى أولاده وتداعبهم ويسر قلبها برؤيتهم

 

الإبن ترك للأم مسألة إختيار الزوجة والتى غالبا إن وجدتها الأم وستجدها فبنات الحلال كثيرات ولايخلو منهن بيت والحمد لله فسيراها هو للمرة الأولى في حياته وإن أعجبته فسيكمل المراحل المتبعة للزواج وإن لم تلقى قبوله فستقوم الأم بطرق أبواب أخرى حتى إيجاد النصف الثاني للإبن

 

أما عن شعوره وهو يتّنقل من صالون بيت لآخر فهو ممتلاءاً بحرارة إحساس من يدشن مرحلة هامة ومفصلية من حياته نحو تكوين أسرة هو ربها والقائم على شؤونها والراعي لأمورها

 

فهو يركض على خطى من سبقه في إتخاذ الخطوة إلا قلة تختلف عنه في ثمة بعض التفاصيل كمن تمسك بألا يتزوج بغير التى يحبها أو سيختارها لنفسه وبنفسه وفق ما ستصادف منه ماهو محبب إليه ومرضي له وكافى

 

أما من يترك من يحبها ليتزوج من تختارها الأم أو الأخت والقريبات فهو لم يحرم نفسه من الحق في إختيار من ستشاركه رحلة العمر إنه فكر وقرر واختار بالفعل بأن يتزوج على الطريقة المضمونة من وجهة نظره ونظر البعض يلتمس الأمان فيما أتفق عليه الناس إن أخطأ فليس هو الأول وأن غيره فعلها وإن أصاب فخير ونعمة ، فضّل إن يأخذ صك الرضى والقبول والمباركة من الغالبية المحيطة به والذين يتزوجون بنفس الطريقة تقريباً ووفق رؤية شاملة للزواج متوارثة ومطبقة ومستمرة

 

حتى أنه سيحصل على كافة المزايا التى توفرها تلك المنظومة للأزاوج دون الزوجات من حقوق ملزمة قابلة للزيادة في مقابل واجبات قد يعفى منها أو عند التقصير سيجد من يدعمه ويقدم له باقة منوعة من الأعذار فيما أشبه بكرنفال من المجاملات المتبادلة

 

ومجددا يجتمع اثنان تحت سقف بيت واحد يمارسان ويتشاركان بعدد من الأمور إلا ما يهفو إليه القلب ويكفى النفس ويملائها ثم ينجبان أبناءاً يكبرون ويتزوجون ويعيشون على نفس الطريقة و الإسلوب

اؤويد رأيه القائل : من القسوة ممارسة الجنس مع من لاتحب لخميائى الأدب اللاتينى “باولو كويللو”

 

إننا خائفون من المسؤلية تجاه ذواتنا ومن الوفاء والإلتزام بالوعود أمام أنفسنا ومع غيرنا حتى ولو كان إنسان عزيز على القلب والنفس فنتركه ونفضّل على ذلك أن نندس وسط الجموع نتبع وجهتهم مستلهمين تجربتهم ونستقبل معهم مصائرنا بقبول مثير للتساؤل والحيرة والتعجب

 

متى تخلينا عن الحب نكون قد خذلنا أرواحنا وإستنكرنا على قلوبنا أن تخفق وتآمل وتهفو إلي فرحة

العاطفة بذرة كل علاقة إنسانية فليس هناك صلة سليمة ورابطة قوية تنشأ في غياب المشاعر

ليس عند الزواج فقط فلو لم تتحرك بداخلنا مشاعر الشفقة لما قدمنا الصدقة لمسكين نصادفه في طريقنا ، فلما نترك قلوبنا تتسول إبتهاجة وسروراً بمختلف الإتجاهات ونحن نعلم سر الخواء الداخلى الذى يعانى ويشكو منه الكثيرون حتى أن بعضهم يضع على نفسه مسوح الحكمة ويتسأل لما أنا ومائة أخرون لسنا سعداء ؟!

 

كيف وأنت تسير على عكس بوصلتك وقلبك حائر معك وتائه تضلله أنت ثم تتعجب من تمدد الصقيع بداخلك

ولكن هل الحب هو مفجر سعادتنا ؟وأن كل مشكلة تواجهنا قد تم حلها وما بقى إلا هو ؟ الحياة تطيب لمن لايبالي كما قال أحد الحكماء ولأنها لاتطيب للعقلاء فمن العبث أن ننحى مايجلب لنا النور في أجواء ضبابية على مدد البصر بدروبنا التى نسعى فيها ونركض يمينا ويساراً نروضها وتروضنا محاولين مسايرتها وحل ألغازها فتصلبنا تقلباتها ومتناقضاتها وتحولاتها

 

الإنسان يمر عليه كثير ولايستقر بأعماقه إلا ما قد شعر به فلماذا نغلّق ونسد منافذ الضياء إلى الداخل منا

إن لم نحيا مع من نحب فمن أولى لنكون معه ،مع شخصاً مجهولاً لوجداننا وبعيداً عن نفوسنا

ألا يعرف من يتزوج بمن لايحب أنه غالبا يُقدم على الزواج بحبيبة غيره وحبيب غيرها بالنسبة لها أيضا إلا بظروف أخرى لأشخاص أخرون وبمراحل عمرية متفاوتة

الحياة للجميع والحب لمن يستحق والسعادة لمن يجرؤ.

زر الذهاب إلى الأعلى