نهى حمزه. تكتب..مفهوم الذات والكمال الروحي

 

قد يبدو البحث أو الحديث عن الذات أمرأً سهلاً ، وهو أمر ليس بتلك السهوله إذا أردنا الغوص فيها… وإذا ماتت فقدتٌ الشعور بوجودها وحتى بعدم وجودها .

بعض التيارات الفكرية والفلسفية أو حتى الدينية وصلت بأفكارها إلى حد التقليل من شأن الفرد ( الذات ) وهنا إستهانة بقيمة الانسان ، من أشهر الحركات الفكرية الداعية إلى قتل الذات مذهب وحدة الوجود في التصوف السلبي الذي يدعو إلى الفناء ويدعو إلى شعاره المشهور ( موتوا قبل أن تموتوا ) ولا أجد فى ذلك إلا مبالغة في إنكار الذات … فلا يصل بنا الاعتداد بالنفس وحب الذات حد التوقف عن الكفاح والقيام بنشاط فى حركة الحياة أو الكمال الروحي .

في الفلسفة والفكر الغربي يستمدون معنى الذات من فكرة الكنيسة .. فكرة الراهبانية القائمة على إعتبار الانسان مذنباً بالفطرة والوراثة ويرون أن هدف الانسان الأسمى هو التخلص كليةً من الفردانية والهوية مثل قطرة الماء التى تسقط في المحيط فتذوب فيه وتصبح منعدمة الوجود واعتبرت الانسان ترس فى عجلة أو حتى آلة منتجة .. وعلى الجانب الآخر إعتبر بعض مفكري الاسلام الذات هي إنسان فاقد الثقة وإستولى عليه اليأس .. وفي فكر الجماعت وخصوصاً المتطرفة الفرد يذوب فى الجماعه ولا يملك من أمره شيئاً .. يمحون ذاته وحتى عقله .. يأتمر وينتهي عندهم وما يخرج من أفواههم .. وتضيع هويته وتذوب .. هى فكرة ( موت الذات ) تحت مسمى إنكار الذات ..، يقول الشاعر عمر الخيام فى رباعياته ( إن تفصل القطرة عن بحرها ففي مداه منتهى أمرها ) .. الانسان ليس بهذا الهوان حتى يتم إنكاره ذاته فذاته ، مملؤه بالكنوز مصونة المعنى في العالم الانساني .. هي نقطة الانطلاق وعليها الارتكاز .

وهدف قطرة الذات الانسانية ليست كغاية قطرة الماء التي تسعى إلى الانحلال والذوبان في المحيط وان هدفها يكمن فى تحقيق وتأكيد واستمرارية الذات الانسانية يصورة أقوى وأعمق .. ونتوقف هنا لنتساءل ,,,, كيف ترى أنت نفسك وما الصورة الذاتية التي رسمتها أنت عنك معنويا .. أرسمت صورة أو لوحة فنية لأي شئ ؟ .. إفعل ذلك وتأمل.. سترى نفسك ( ذاتك ) … إختيارك لموضوع اللوحة ، الألوان ، إنسيابية الفرشاة وإلى أي حد تتوقف فى اللوحة … ستقرأذاتك دون أن يقرأك أحد .

post

هذه كفاءة ذاتية أو وعي ذاتى وهذا الوعي من مفهوم الذات على سلوكيات الشخص .

بعض الفلاسفه يقولون أن الصورة الشكلية مثل حجم الجسم ولون الشعر ولون العينين ، القامه ,,, إلى آخره من السمات الشكلية هي تعريف للذات .

وأنا أرى أن هذا قد يكون جانباً شكليا له بعض التأثير الطفيف .. لكن مفهوم الذات هو أكثر وأكبر وأعمق وأدق من ذلك ، هو مدى رضانا عن أنفسنا ، مدى إحترامنا لذاتنا … حتى وإن كنا نتخبط فى حياتنا … ولكن كوننا نقيم أنفسنا وننشغل بذلك … وهو أمر صحي … فنحن ننشغل بذاتنا على النحو التالى ,,, إما نكون كما نبلغ من الرضا عن أنفسنا مداه .. أو لا نكون . ومن ينجح فى الوصول إلي هذا المحتوى الفكري يكون قد وصل إلى ذاته التى تتلبسه والتى هي هو .

 

زر الذهاب إلى الأعلى