حكم التواصي بعدم دفن أولاد البنات المتزوجات في غير عائلتهم

 

د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.

استدراك واجب مع العظة والعبرة.

 

نشرت بالأمس القريب على صفحتي إجابة عن سؤال خاص بالتواصي بين أفراد العائلة بعدم دفن بناتها المتزوجات في مقابر العائلة.

post

 

واتصل بي بعض أفراد هذه العائلة؛ ليبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من أمر هذا السؤال ، وأرسل الإقرارات التي وقع عليها واحد وخمسون من أفراد العائلة.

 

وحقيقة الأمر أنهم لم يتواصوا بعدم دفن بناتهم المتزوجات في مقابر العائلة ، بل تواصوا بعدم دفن أولاد هؤلاء البنات المتزوجات في غير عائلتهم.

وعلى هذا يكون الجواب.

 

وقبل أن أجيب أوصي نفسي وكل من يتعرض للفتوى بعدم الاستماع لطرف واحد من أطراف الواقعة خاصة إذا كان السؤال متصلاً بأفراد عديدة ، بل يجب على المفتي أن يضع نصب عينيه حديث المعصوم صلى الله عليه وسلم: “لا تقض لأحدهما إلا إذا سمعت من الآخر كما سمعت من الأول”.

 

وقديما قالوا : إذا جاءك أحد الخصمين حاملاً إحدى عينيه في يده فلا تتسرع في الحكم له فلعل الخصم الآخر يجيئك وقد حمل عينيه كلتيهما في يديه.

 

هذا ما يخص المفتي.

 

أما ما يخص المستفتي؛ فعليه أن يتقي الله ولا يحاول انتزاع الجواب الذي يريده من المفتي عن طريق لي عنق الحقيقة ، بل عليه أن يتحلى بالصدق والإخلاص والأمانة في سؤاله ، وليكن عرضه لمسألته بعيداً عن الأهواء والأغراض واتهام الآخرين بما ليس فيهم.

 

وبخصوص الإجابة عن السؤال بعد أن اتضحت حقيقته وظهرت معالمه نقول:

 

إن أقرباء الشخص ينقسمون قسمين :

 

أولاً : عصبات ، وهم أقرباء الرجل من عائلته، يتصدر قائمتهم الأب بالنسبة للابن ، والابن بالنسبة لأبيه ، والأخ بالنسبة لأخيه ، وأبناؤهم ، والعم بالنسبة لابن أخيه ، وابن الأخ بالنسبة لعمه، وكذلك أبناء العمومة.

 

وهؤلاء لكل واحد منهم على الآخرين حقوق ليست للنوع الثاني من القرابة.

 

ثانياً : قرابات الرجل من ذوي رحمه ، كالخالة بالنسبة لأولاد أختها ، وأولاد الأخت بالنسبة لخالاتهم ، وأولاد البنات بالنسبة للأخوال ، والأخوال بالنسبة لأولاد أخواتهم.

 

وهؤلاء حقوقهم فيما بينهم ليست من القوة التي للقرابة الأولى.

 

وعندما يشترط أفراد العائلة بأن أولاد بناتهم اللائي تزوجن في غير عائلتهم لا يدفنون في مقابر هذه العائلة ، فهذا الشرط ما خالف شرعا، ولا منع حقا ؛ لأن أولاد البنت يتبعون عائلة أبيهم ، دون عائلة أمهاتهم ، ولذلك يكون دفنهم في مقابر عائلة أباءهم أوجب من دفنهم في عائلة أمهاتهم، إلا إذا رضي بذلك عائلة الأمهات.

 

والله أعلم.

 

وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى