من فتاوى وأحكام الوصية الواجبة في الإسلام

 

ا.د / عطية لاشين – أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

يقول في رسالته :

توفي شخص عن ابن ، وابن بنت ماتت أمه قبل موت أبيها فمن يرث ومن لا يرث ؟

 

post

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [سورة الجاثية آية(٢٣)]

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة “إن الله أعطى كل ذي حق حقه”٠

 

وبعد :

فإن الله عز وجل قال في القرآن الكريم : ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (٤٨) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾[سورة النور : (٤٨-٤٩)]

 

تحكي الآيتان الكريمتان حال صنف من أمة الإسلام إذا كان شرع الله يقضي لصالحهم ، ويحقق رغباتهم ، ويلبي شهواتهم قالوا : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، وقالوا : أصغينا سمعنا لما يقضي به شرعنا، ويحكم به ديننا ،أما إذا كان حكم الشرع لا يستجيب لرغبات هؤلاء ولا يحقق نزواتهم ، ولا يرضي نفوسهم الأمارة بالسوء إذا هم يعرضون عن شرع الله ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين.

 

كتبت هذه المقدمة حين إجابتي عن هذا السؤال لأننا إذا أجبنا بعض السائلين وقلنا : بأن فلانا الذي مات أبوه أو ماتت أمه حال حياة الجد ثبتت لهذا الحفيد وصية واجبة عند موت جده أو جدته إذا هم بعد وضع أصابعهم في أذانهم يقولون نريد حكم الشرع والحال أنهم لا يريدون شرعا ولا قانوناً إنما يريدون الحكم الذي يستجيب لداعي الهوى عندهم٠

 

نهمس في أذن هؤلاء التي لا تريد أن تسمع إلا ما يرضي أهواءهم بأن ما قرره قانون الوصية الواجبة ليس بعيداً عن الشريعة بل عن رحمها ولد وخرج ، والشريعة والقانون بشأن مشروعية الوصية الواجبة خارجان من مشكاة واحدة إذ الوصية الواجبة قال بمشروعيتها بعض الفقهاء العظام من التابعين ومن بعدهم وذهب إليها من الفقهاء ابن حزم ، وغيره من أهل العلم ، وسندهم في ذلك قول الله : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾[البقرة آية(١٨٠)].

 

فاستند بعض أهل العلم لما قررته الآية الشريفة وقالوا : إن الوصية للأقارب غير الوارثين واجبة لأن الآية محكمة ليست منسوخة وما جاء فيها على سبيل الوجوب وليس الندب٠

 

فتبنى قانون الأحوال الشخصية ما قاله هؤلاء الأئمة الأعلام وأصدروا بشأنه قانون الوصية الواجبة ، والحاكم إذا تبنى رأيا من الأراء الواردة في المسألة الواحدة صارت الأراء الأخرى مصروفا عنها وكأنها لم تكن لأن حكم الحاكم في المسائل الخلافية يقضي على هذا الخلاف٠

 

وبناء على ماتقدم :

يكون لابن البنت وصية واجبة في تركة جده لأمه حين موته يقدر هذا النصيب بمثل ما كانت ترثه أمه لو كانت موجودة عند وفاة أبيها وهو هنا مقدر بثلث التركة فيخرج منها ويعطى لهذا الحفيد وما بقي بعد إخراج وتنفيذ وصية الحفيد يعطى للابن الصلبي٠

 

هذا والله أعلم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله

زر الذهاب إلى الأعلى