القلب والعقل معًا
وفاء أنور
إن أردت أن تحكم على شخصٍ قد انبهرت به اقترب منه تعرف عليه استمع إليه .
جاور من تعاملوا معه قبلك واسألهم عن رأيهم فيه . لاتثور كالأطفال إن خالفك أحدهم الرأى فى رؤيتك وحكمك على الشخصية التي أبهرتك . دعهم يسردون لك الكثير من المواقف لتقرأ فى كل موقف سيقومون بسرده أمامك تلك الشخصية وتحللها . إن أردت أن تبصر بوضوح اقترب وستجد وهمًا كبيرًا صنعته من نسج خيالك ، وحينها سيقوم العقل بمهمته الكاملة حين يضع أمامك ذلك الشخص فى حجمه الطبيعى حين ترى أن مالديه لم يكن فيه أبدًا مايستحق ذلك الانبهار !
ستجد عقلك يأمر قلبك بالتنحي جانبًا ؛ ليبدأ فى أخذ الدور منه كاملًا سيعتلي خشبة مسرحك حتى وإن جاء هذا الفعل على غير إرادتك ؛ أو رغمًا عنك ؛ فصوت العقل الذى يدوى بداخلك سيكتم صوت تلك النبضات الساذجة ولو لبعض الوقت .
إن هذا الموقف أشبه بموقف المعلم ، والطالب فمهما بلغ علم الطالب فلن يبلغ مالدى معلمه من علم .
فإن حضر المعلم وبدأ حديثه صمت الطالب ليستمع لمن هو أعلم منه . أحيانًا ينبغي علينا أن نترك ساحتنا للعقل ، ونمكن له القيام بمهامه ، وإن شئت قل التحكم ببوصلة حياتنا ؛ فالقلب الذى يتعامل مع المواقف ، والأشخاص بتلك الطريقة المكسوة بالحنان ، والعاطفة المبالغ فيها فقط سيقف بعيدًا ويتركك تواجه معركتك بمفردك . وعندها ستستيقظ من غفلتك وتستمع لصوت العقل موبخًا القلب فى محاضرةٍ يستحقها قائلًا : أرأيت ماذا كنت ستفعل بنا عندما تركتك تقود وأنت لاتمتلك إلا تلك الخريطة البالية !
والآن جئت لتقر بهزيمتك . وتعلن إخفاقك . ابتعد الآن عني ودعني أصلح ماأفسدته . ابتعد فأنا الآن ذلك الجراح الذى أتى فى اللحظة المناسبة لينقذ الموقف . فى يدى مشرطٌ سيؤلمك ولكن عليك أن تتحمل ذلك استجب ، ولاتعاند ، أو تكابر .
وهنا سنجد غالبًا أن حكم القلب على بعض الأشخاص لم يجلب لنا سوى ويلات تسللت وسحبتنا معها كرمالٍ متحركة كادت أن تغرقنا فى أعماقها ؛ لتكتم أنفاسنا للأبد .
فلولا ذلك العقل الرشيد الذى سيخرجنا فى الوقت المناسب لهلكنا تمامًا . وعندها سنوئد بأنفسنا ذلك الانبهار . اتركوا العقل يدير الأمور لبعض الوقت . امنحوه مساحةً أكبر للحكم على مشاعركم .
أقول هذا لأننا أصبحنا نحيا فى زمنٍ اختلطت فيه القيم ، والمبادئ ، والمثل العليا ؛ لذلك علينا أن نتبعه أحيانًا . اتبعوا العقل مع القلب ولن تندموا .