الحقائق المرة السورية الحقيقة رقم 2 (الفساد)

روعة الدندن

* يعرِّفُ معجمُ أوكسفورد الفسادَ بأنه :
” انحرافُ أو تدميرُ النزاهة في أداء الوظائف العامة؛ من خلال
الرشوة والمحاباة “.

– الفساد ظاهرة من الظواهر الاجتماعية الخاطئة وهي نتاج غياب
أو ضعف القانون والتشريعات السائدة .

– وهي من الأساليب الخاطئة التي يتبعها فرد من أفراد المجتمع؛
من أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب الآخرين، وبذلك فهي خروج عن القانون والعرف السائد في المجتمع ؛
واستغلال للمناصب الرفيعة وذات السلطة والسيادة في الحصول
على ممتلكات الغير؛ سواء كان هذا الاستغلال لصالح فرد
أو لصالح جماعة؛ مع غياب القوانين والعقوبات الرادعة
لمثل هؤلاء الأفراد.

– والفساد عموماً ظاهرة مركبة ومعقدة،
تشمل الجانب ( السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي ).

post

* أحب أن أدلل على بعض مظاهر الفساد في سورية بالآتي :

زاد الفساد، وتفاقم، وانتشر بأنواعه خلال العقد الماضي في سورية؛ وبصورة مقيتة وواضحة….
لكنه لم يكن البداية… فالفساد قديم في سورية؛ منذ عشرات السنين ،وهو مرتبط بالفساد السياسي، والذي شهدته سورية
منذ زمن طويل.

استمر الفساد.. لأنه تابع للفساد السياسي؛ وبنفس الوقت
لغياب القانون وتطبيقاته؛ وضعف التشريعات.

يمكن الإشارة إلى أنماط من الفساد، يعرفها الشارع السوري؛
وفي كل القطاعات.
فكم سمعنا من مقولات، وهي حقائق:
– فلان دفع مبالغ طائلة للاستمرار في المنصب (مدير عام.. مسؤول في الجمارك.. أو التعليم العالي.. أوالصحة.. وظائف في وزارة الخارجية والسفارات….الخ).

– كم سمعنا عن تقديم هدايا سبائك ذهبية في أعياد ميلاد مسؤول
كبير أمني أو سياسي أو حكومي.. أو زوجته أو أولاده…
ومناسبات أخرى.

– حتى بعض المسؤولين في الخارجية.. ممن كانوا يتاجرون
ببيع وتصريف العملة الأجنبية.. والمحاصصة مع من لهم
علاقة معهم.

– انتشر الفساد وبأنماطه المختلفة؛ في كل المجالات؛ بدون استثناء ..وهذه حقائق لا يمكن تجاهلها وتغطيتها بالشعارات.
وفي مجال القضاء والمؤسسات التشريعية..

– فما من مواطن في سورية؛ إلا ويدرك أن القضاء يمكن أن يحول البريء إلى مجرم؛ والمجرم إلى بريء من خلال الفساد..
فكثير من قضايا الجنايات وتهريب المخدارت حُلَّتْ بالمال..
وهذا معروف في الشارع السوري..بينما قد يرتكب مواطن
مخالفة عادية يسجن فيها لمدة أطول.

وهذا الفساد وصل حتى المحاكم الشرعية.. حيث قد يتم الدفع
لبعض المحكمين، فيزِّورون الحقائق والأحكام… الخ.

– نماذج من فساد أخلاقي.. لرجال أو نساء حصلوا على مناصب؛
ليس بسبب الكفاءة والجدارة؛ وإنما بسبب الفساد الأخلاقي..
وبطرق ملتوية تمارسها النفوس الأمارة بالسوء؛ معتمدين على
مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.

– وآخرها الكارثة البييئة الناجمة عن التلوث النفطي في الساحل السوري.. والتي تمثل صورة واضحة عن الفساد السياسي والإداري والمالي.. في ظل ترهل الإدارات؛ وغياب معايير الجودة والكفاءة
في الاختيار؛ وإنما التعيين حسب الولاءات والوساطات و..و..

* للفساد مظاهر مختلفة في سورية،
تتجلى في:
( الرشوة • إقصاء الكفاءات المؤهلة • المحسوبية • التكسب من وراء الوظيفة العامة •المحاباة • استغلال الممتلكات العامة•
الوساطة على حساب الغير • إساءة استخدام السلطة الرسمية • استغلال النفوذ • عدم المحافظة على أوقات الدوام الرسمي • الاستيلاء على المال العام •الابتزاز• وضع الانسان المناسب في المكان غير المناسب • التهاون في تطبيق الأنظمة والتشريعات؛
أو تطبيقها على البعض دون الآخر.)

* أنواع الفساد وتأثيراته في المجتمع السوري
– يُعرَّفُ (الفساد السياسي)
بأنه إساءة استخدام السلطة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة كالرشوة، الابتزاز، المحسوبية، والاختلاس .
لأن الفساد السياسي يقوض الديمقراطية وعمل الحكومة؛ بتعويم
أو تغيير مسار العملية الرسمية ؛ وذلك من خلال الفساد
في الإنتخابات والهيئات التشريعية. مما يسبب بيع المناصب وشراءها.

– أما (الفساد القضائي):
فإنه يعرض سيادة القانون للخطر… والفساد في الإدارة العامة
ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات…

– أما (الفساد التشريعي ):
فيقلل من المساءلة للحكومة ويشوه التمثيل البرلماني في عملية
صنع القرار السياسي.

ولهذا يمكن القول:
أن الفساد يولد تشوهات اقتصادية في القطاع العام؛ عن طريق
تحويل استثمار المال العام إلى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى.
لهذايؤدي الفساد إلى تقويض التنمية الاقتصادية،
ويمثل تحدياً خطيراً في وجه التنمية بكل أشكالها.

* طرق في معالجة الفساد:

– الخطوة الأولى هي الإرادة السياسية والرغبة الحقيقية الأصلية في مكافحة الفساد.

– يلي ذلك تطبيق الاستراتيجيات المضادة للفساد؛ وسَنّ الأنظمة والتشريعات والقوانين؛ والشفافية فيها بما لا يدع مجالاً للشك؛ والوضوح في تطبيقها؛ والجزاءات الصارمة في حق المخالفين .

– وبعدها تشكيل هيئة تنفيذية لمكافحة الفساد تكون مختارة حسب معايير النزاهة والكفاءة والجدارة والقبول الاجتماعي العام لأعضائها .

– تحسين الظروف المعاشية للمواطنين.
– إتاحة الفرصة لخلق نوع من الإبداع والتطوير لدى الموظفين ومكافأتهم.

– وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بالاعتماد على الكفاءة والإبداع العلمي؛ وعدم الاعتماد على العلاقات الشخصية
والمحسوبية والوساطة والعلاقات الأسرية .

– تبسيط القوانين والتشريعات والأنظمة؛ وجعلها أكثر شفافية؛ وتوضيح مفرداتها لكي لا تستغل من قبل ضعاف النفوس لتحقيق مآربهم؛ من خلال استخدام الثغرات في القوانين وخاصة القابلة للتفسير بأكثر من رأي؛ ومنع الاجتهاد .

* الإعلام السوري وللأسف؛
ليس له دور في الكشف عن الفساد؛
وليس له سلطة حقيقية لردع الفساد ؛
من خلال التنوير والتحذير والتوعية والتنسيق بين الجهات
الإعلامية والقضائية والسياسية …. والإشارة لكل فاسد ،
لتتم محاسبته لمصلحة الوطن والمجتمع.

أعزائي ؛
عندما تقرُّ وتعترف الحكومة بشكل ضمني وصريح، على أن ظاهرة الفساد موجودة ، فهذا يعني حسب أسس العلوم السياسية والقانونية عدم شرعية بقاء الحكومة واستمرارها في ممارسة أعمالها،

لأن الإقرار علنياً بظاهرة الفساد؛ يلغي العقد الشرعي بين الحكومة والشعب.

لهذا يمكن القول وبمنطق علمي: لايمكن تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سورية، مالم يتم القضاء على الفساد السياسي؛
وكل تفرعاته؛ في القطاعات العامة للدولة؛ بإرادة سياسية حقيقية؛ وقوانين وتشريعات عادلة؛ تطبق بحق جميع السوريين…
بدون تمييز واستثناء أحد….!!

يتبع …

٢٩ آب ٢٠٢١
نورالدين منى

زر الذهاب إلى الأعلى