طفولة اليوم مرآة الغد

بقلم شمس الأصيل العابد
يعد الطفل من أوكد المواضيع الاساسية التي ينبغي ان نسلط الضوء عليها لصلتها الوثيقة بالتنمية المستدامة الرامية إلى النهوض بالإنسان وبالأجيال المقبلة.ولا شك ان المجتمع المتضامن والمدرك للمعنى الحقيقي للحرية المسؤولة والواعي بقيم المساواة والمكرس لها في القول وفعل القول فضلا عن التميز بسمة التسامح والاعتدال ,يمكن له إشاعة ثقافة حقوق الطفل عبر العمل الدؤوب الذي يرتقي بالمجتمع بأسره ويضمن الفائدة لأجيال الغد. فكيف يمكن ان نستثمر لصالح هذه الأجيال؟
ويمكن ان تكون حملة حماية الاطفال من التسول في الشوارع أول خطوة نخطوها وذلك بتجنيد شرطة حماية الطفولة من شبكة التجارة بالاطفال التي تستغل عدم النضج البدني والفكري لهذه الفئة فينتقلون بهم عبر الجهات ليعودون بهم عند كل مساء مما يستوجب اتخاذ جملة من التدابير الوقائية ذات الصبغة الاجتماعية والتعليمية والصحة النفسية لتعالج وضعيات هؤلاء الأطفال الذين يعيشون حالات صعبة تهدد استقرارهم النفسي وسلامتهم البدنية والمعنوية من ناحية وتأمين حقهم في معاملة جيدة تحمي شرفهم وكرامتهم من ناحية أخرى .
فماهي السبل الكفيلة لإعادة إدماج هذا الصنف من الاطفال لضمان قدرتهم على الاضطلاع بأدوار بناءة في المجتمع؟
تعتبر الاسرة المعبر الامثل كي نعيد الاعتبار لذات الطفل المتصارعة مع ذاتها جراء الشعور بالاغتراب ومن هذا المنطلق يتحدد العمل الوقائي داخل العائلة من خلال دور الوالدين في تقديم الرعاية والإحاطة الرشيدة التي تضمن لهما القدرة على اتخاذ التدابير والتوجيهات الصائبة التي تنعكس على مرآة السلوك اليومي للطفل والواجبات التي يقوم بها على اكمل وجه.
نتبين اذن مما تقدم ان مسؤولية الوالدين أساسية في مجال تربية الابناء وخصوصا فيما يتعلق بالإحاطة والرعاية .
والسوال الذي يفرض نفسه هو كيف يمكن توعية الابوين بأن الطفل كائن قائم بذاته وقادر على استيعاب مختلف التدابير وانه يمكن تشريكه في إبداء الرأي وانه قادر على التعبير عن ما يؤرقه في العلاقة بين الابوين وهنا تتحدد الإشكالية اذ كيف يمكن تدريب الوالدين على قيول راي الطفل ومنحه الحق في التعبير بحرية والتخلص من عقدة السلطة الابوية المتعالية.
ويمكن ان يكون هذا الاعتراف بذات الطفل كمشارك في بناء الرأي واخذ القرار في كل ما يتعلق بحياة الاسرة بوابة للانفتاح على الحياة الإجتماعية من منطلق الشعور بالمسولية والوعي بالواقع مما يسمح له بالمشاركة في الاجراءات الاجتماعية المتخذة بشأنه وهذا من شأنه إكساء الإجراءات والقرارات النجاعة والريادة المطلوبة حتي يعي الطفل بكل ما يدور من حمله فيساهم في إعداد نفسه إعداداكاملا فيتهيئ نفسياً لتحمل المسؤولية واستشعار الخطر الذي قد يجرفه فيتكفل تدريجيا بذاته منذ الصغر ويحمي نفسه من المخاطر والأكدار .
ويمكن ان نشير ان المجتمع المدني يلعب دور الشريك الفاعل والمساهم في تشكل شخصية الطفل ويمكن الإقرار بأن المجتمع المدني المبني على مبادئ الديمقراطية والعدالة والمساواة والتوزيع العادل لفرص العمل والذي يكرس مقومات العمل الجماعي على اسس التضامن وتشريك المواطن من شأنه ان يكسب الطفل الإحساس بالمسولية في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والعامة فيسهم في قوافل الإعانات الإنسانية وحملات النظافة و ايضا المشاركة في برلمان الطفل والمجالس البلدية والمهرجانات الثقافية كما يمكن أن يشارك في مجال الإعلام كي يعبر عن مشاغل الطفولة بكامل الحرية والمسوولية وبذلك تتم تهييته لتحمل المسؤوليات والتكفل تدريجيا بذاته منذ الصغر .
ويمكن القول ان تحسس الطفل بمسووليته الاولى في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية لا يمكن ان يتسنى له اكتسابها خارج الوظيفة البيداغوجية لحاجته الى النموذج والقدوة الملهمة لطاقة النضج الفكري والراعية له منذ الطفولة والمساعدة لنموه وصقل شخصيته عبر آليات التدريس التي ينبغي ان تتأسس على ورشات البحوث الجماعية وورشات اتكوين في المهارات الحياتية كالصيانة والوقاية من الحوادث والتدريب على القيام بمشاريع وبحوث في إطار ورشات جماعية حتى يتسنى للطفل المحافظة على علاقاته بأصدقائه بصورة منتظمة واختيار علاقاته الشخصية بعناية والرقي بنوعية اختياراته وتكثيف اتصالاته بذوي الخبرة من افراد أسرته ومدرسيه وهذا يكفل له السلامة البدنية والمعنوية وتأمين مختلف لوجه العناية النفسية والصحية فضلا عن شعوره بالنجاح في محيطه الأسري من جهة وانسجامه مع المحيط الخارجي واتفاقه وانصهاره معه فيترسخ وعيه بذاته ويبدأ بالاعتراف بوجوب احترام شخصه وشرفه وحرمته الجسدية فيكتسي الجانب الوقائي في سلوكه ويساهم في معالجة ظاهرة الأنحراف و المشاركة في إيجاد الحلول التربوية من خلال الأنشطة الثقافية في نوادي المواطنة وحقوق الطفل.
والمنسجمة مع المادة40 من اتفاقية حقوق الطفل ومع المبادئ التوجيهية في مجال الوقاية من انحراف الاطفال والمعروفة بمبادئ الرياض القرار الجمعية العامة الامم المتحدة عدد 45 112بتاريخ 28 مارس1991. مع الإشارة أنها تزيد في درجة إحساس الطفل بكرامته و قدراته فيتيسر الاندماج والانصهار في المجتمع المدني والانخراط والمشاركة في القيام بأدوار فاعلة .
والجدير بالذكر ان تشريك المصالح والموسسات الاجتماعية والتعليمية وذوي الخبرة في شؤون الطفولة في اتخاذ القرارات واختيار التدابير الملائمة بانقاذ الاطفال المتسولين بما يضفي النجاعة المطلوبة التي تستجيب لحاجيات الطفل ومصلحته.فكل هذه القوى المتحدة تكون كالبنيان المرصوص الذي يدرأ عن الطفل كل المسالك الشوكية التي قد تهوي به في بور الأنحراف جراء الفقر والخصاصة و طلاق الوالدين او عدم اعتراف الاب بهويته المدينة وبالتالي التشرد ثم التسول ،فتعمل قوى المجتمع المدني على اثبات إنسانية الطفل واحترام كرامته وتأصيلها في ماهيته كانسان كما يمكنها مساعدة أسرته على توفير احتياجاته الصحية والجسدية والأخلاقية فضلا عن العناية الإجتماعية والتربوية مع ضمان تأمين حق الطفل

زر الذهاب إلى الأعلى