صلة الأمانة بالتكليف وأوتادالعقل البشري

بقلم شمس الاصيل العابد قصيبة سوسة .تونس الخضراء

يقول الله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} [سُورة “الأحزاب”، الآية:72] فما هي الأمانة؟

تتضمن الأمانة التي كلَّف الله تعالى بها بني آدم،في إبلاغ عقيدة التوحيد، وإقامة العبادات والفرائض، وإتيان الطاعات. فإذا أحسن الإنسان ٱداء التكليف الذي تحمله فإنه سوف يُثاب، وإذا تهاون فسوف يُعاقَب.

فالأمانة التي حملها الإنسان، هي العبادة وما تقتضيه من وجوب الطاعة وآداء كل الفرائض التي كلفه بها كالإخلاص في الصلاة والصوم والزكاة والحج و حفظ الأمانة وإعادتها لأصحابها وحفظ المرأة لعفتها وشرفها وغيرها من وجوه التكليف المتعددة الأبعاد.

إذا فالأمانة هي غاية وجود الإنسان في الوجود وتتشكل في مدى طاعته للأحكام التي سنها الله لخلقة وفي طريقة تنظيم الفرد لأموره وكيفية تطبيقه لحقوقه وواجباته في الزواج والمواريث. فالأمانةوالتكليف بهذا المعنى لهماعلاقةمزدوجةومنها نشر عقيدة التوحيد، وإقامة تعاليم الله تعالى في الأرض، والتي أنزلها على أنبيائه ورسله، حتى وصلت إلى الإنسانية عبر الشريعة.

فالمعنى المقصود من خلال هذه الآية ،أن يتمثل الانسان المقاصد في ذهنه وأن يعمل بهذا التكليف على الوجه الأكمل بإرادة وشعور بالمسؤولية ورغبة ذاتية في إرضاء والله والفوز بمكانة الصالحين في المجتمع وهذه الصورة المثالية التي رسمها القرآن الكريم الإسلامي، ومن الانعكاسات الإيجابية لهذا السلوك ،الشعور بالرضاعن الذات والمصالحة معها وايضا الاحساس بالقرب من الله وهذا ما يمنحه الشعور بالسكينة والاطمئنان اللذان يحصنانه ويحميانه من كل المغريات الدنيوية الزائلة خصوصا في هذه الحقبة الزمنية التي تشهد الكثير من الارتباكات والتوترات نتيجة انقلاب القيم واللهث وراء الثراء المشبوه و المنافسة الغير نزيهة والغير عادلة في مختلف المجالات .

فالفرد لم يعد يمتثل لمفهوم الأمر والنهي،و الترغيب والترهيب و غدى فعل المرء يتحدد بإرادة ذاتية تستجيب لمطامح شخصية فبرز الفعل السيئ بنسبة متزايدة وتناقص الفعل الجيد .

ومن هذا المنطلق يتجلى بوضوح النضج العقلي والاستقرار الوجداني والسكينة الروحانية المقترنة بالتكليف الذي هو في الحقيقة تكليف اختياري وليس اجباري بدليل ان الذي يؤدي أمانة التكليف بصدق ونزاهة فإنه يتحصل على الثواب في الدنيا والآخرة ،ومن يتهاون في أداء هذه المسؤولية يكون جزاؤه العقاب.

فالمحدد الأساسي الذي يفصل بين الفوز والفشل هو الاحتكام إلى الرشاد بما يعنيه من انصهار العقل كوعي وإدراك وقدرة على تحمل مسؤولية وآداء الأمانة بإخلاص مع الشعور بالإيمان والتوحيد والارتباط بروح العقيدة و العبادات ومن هنا يتحقق السلوك السوي والمعاملات المثالية مع الآخر والسعي إلى الرقي بالذات البشرية وترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية ونبذ العنف و الحروب وكل أساليب التجويع والتدمير للذات البشرية فالتكليف اختيار وتحمل المسؤولية في آداء الأمانة اصعب قرار يتخذه الإنسان لأنه يقترن بصراع الإنسان مع ذاته وصراعه مع الإغراءات الدنيوية وصراعه مع القيم والمثل المترسخة في أعماقه الروحية فعلا الشباب إعادة تقييم طريقة تعامله مع واقعه وأن يتخذ من سلوك الرشاد بوصلة تحدد مصيرهم في الدنيا،نحو درب “النجاح” والإنتصار على “الفشل” وما بكرسه من معاناة ، في الدنيا و الآخرة.

فبغياب الفهم الصحيح لفلسفة التكليف والعمل في القرآن الكريم باعتباره مصدر شريعتنا الأساسي كمسلمين و تغليب اعتبارات مرتبطة بمكاسب الدنيا المادية بالمفهوم الواسع للمادية، مثل المال، والعمل، وباقي ما تكلم عنه القرآن الكريم من زينة وزُخُرف الحياة الدنيا، على الاعتبارات التي تتصل بمقصود الله تعالى من خلق الإنسان واستخلافه في الأرض، مما أدى إلى إعلاء الأدنى على الأسمى، وبالتالي حصول الخلل.

ولذلك جاءت الأية الكريمة لتثبت الأوتاد في نفسية كل امرئ منا وتقوم على ثلاثة أركان وهي العقيدة والعبادات والمعاملات

زر الذهاب إلى الأعلى