أسباب الحروب والبحث عن السلام

السفيرةالدكتورة..ماجدة الدسوقي

كلمة ” حرب ” تعني القتال بجميع أنواع الاسلحة من جيش بلد ما أو مجموعة بلدان ضد جيش بلد آخر عدو بقصد تحقيق هدف ما عن طريق إستخدام القوة ، وكذلك تعني الصراع المسلح أو القتال داخل بلد ما على شكل حرب أهلية أو ثورة ضد الحكم السائد . والسؤال الأول الذي يتبادر الى الذهن هو : ما أسباب الحروب ؟ في الحقيقة لا يوجد سبب واحد للحرب أو الصراع المسلح ، بل دائما توجد أسباب متعددة متشابكة بطريقة معقدة . وتعتبر الحروب جزءا من تاريخ البشرية منذ آلآف السنين ، بل أصبحت أكثر دمارا مع تقدم التصنيع الحربي والتكنولوجيا . أما أسباب الحروب الرئيسية المتعارف عليها هي :

* الربح الإقتصادي فمثلا ترغب دولة ما في السيطرة على ثروات بلد آخر ، ولهذا فإن الدافع الإقتصادي من أهم أسباب نشوب الحروب وإن لم يُعلن هذا . سابقا كانت مكتسبات الحروب في السيطرة على مناجم الذهب والفضة وحتى قطعان الماشية والخيول ، ولكن هذه المكتسبات تغيرت في الحروب الحديثة فأصبحت للسيطرة على النفط والمعادن أو المواد التي تستخدم في الصناعات مثل اليورانيوم . ويعتقد كثير من العلماء والأستراتيجيون بأن حروب المستقبل ستكون فقط من أجل الماء والطعام !

* ومن أسباب الحروب أيضا محاولة ضم أراضٍ جديدة ، بلد ما مجاورة لدولة أخرى تحتاج أرض جديدة لأغراض زراعية أو سكنية أو لأية أهداف أخرى ومثل هذه الحروب تنشب على أراض متنازع عليها بين البلدين المتجاورين . ولعل حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧ من إسرائيل دليل قوي على مثل هذه الحرب حيث إحتلت إسرائيل الضفة الغربية من فلسطين والقدس الشرقية من الأردن وسيناء من مصر .

* أما حروب العقيدة أو الصراع الديني فغالبا ما تكون جذوره ضاربة في عمق التاريخ مثل الحروب الصليبية من عام ١٠٩٥ حتى ١٢٩١ ، وحديثا الحرب اللبنانية الأهلية من عام ١٩٧٥ حتى ١٩٩٠.
* أحيانا تكون الحرب للإنتقام ومثال هذه الحرب العالمية الثانية من عام ١٩٣٩ حتى ١٩٤٥ التي حارب فيها العالم كله المانيا إنتقاما لغطرسة هتلر .
* أما الحروب الأهلية فقد إزدادت حدة وحدوثا في نهاية القرن الماضي والقرن الحالي ، وأسبابها عدم الإتفاق بين مجموعتين من الناس في بلد ما على حقوقهم السياسية وعلى كيفية إدارة الدولة وغالبا ما يكون هذا الصراع عنيفا وشرسا .

post

بقيت الحروب الدفاعية التي تنشب من أجل مقولة غير مقبولة إطلاقا الا وهي ” نحن نهاجمهم قبل أن يهاجمونا حتما “. وفي مثل هذه الحروب تتداول وسائل الإعلام أخبارا زائفة ولعل أبرز مثال على هذه الحرب ، الحرب العراقية في عام ٢٠٠٣ وحتى الآن لإدعاء كاذب وهو وجود أسلحة دمار شامل في العراق . أما الحرب الضروس التي لم تنته بعد ولا أحد يعرف نهايتها فهي الحرب ضد الإرهاب التي بدأت بعد الحادي عشر من سبتمبر سنة ٢٠٠١ ، دول عظمى تحارب الارهابيون ولم تنتصر حتى هذه اللحظة!! لا بد من ذِكر نوع آخر من الحروب الا وهي ” الحروب بالوكالة ” وذلك عندما تستخدم بعض الدول المتحاربة أطرافا أخرى للقتال بدلًا عنها بشكل مباشر . كانت مثل هذه الحروب ظاهرة بقوة في فترة الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي .الحديث يطول عن آثار الحروب فهي تخلق المجاعات والأمراض والتأخر العلمي والدمار ، هذا عدا التأثيرات النفسية السلبية وخاصة على الأطفال وتشريد المدنيين الى البلدان المجاورة أو الى أي بلد آخر يأؤون اليه .

يبقى حلم البشرية أن تعيش في سلام ووئام وبدون صراعات مسلحة مدمرة تهلك الحرث والنسل وتشرد البشر وتقتل المدنيين الأبرياء قبل الجنود المقاتلين ! ومن أخطر نتائج هذه الحروب دمار البنية التحتية والتي تحتاج لملايين المليارات لإعادتها مثل ما كانت ، والبنية التحتية تشمل الإقتصاد والصحة والتعليم والطرقات والإتصالات والمصانع والقطاع السكني وكل شؤون الدولة . ولكن هل من الممكن تحقيق مثل هذا الحلم العالمي ؟ مما نراه ونسمعه ونقرأه يصعب جدا تحقيق هذا الحلم بعيد المنال لأن الشر تَمّلّك قلوب وعقول فئات بشرية لا تعرف الإنسانية ، قلوب وعقول يسيطر عليها الإستكبار والقوة المفرطة والسلاح السري . وللأسف الشديد لم تعد الدبلوماسية ناجحة في حل الصراعات . تلتزم بعض الدول بسياسة الاحتواء لتهدئة الاوضاع في بلد ما ولتخفيف التوتر الذي قد يؤدي الى حرب . إن التسويات التفاوضية والحوار طريقان جيدان للوصول الى بعض الحلول وكبح جماح دولة مارقة .

زر الذهاب إلى الأعلى