هو الرحمةُ المهداه

سلوى النجار
ماأُرْسِل النَّبٌّي صلى الله عليه وسلم رحمة للناس والبشر جميعًا فقط ؛ولكنه رحمة للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107)الأنبياء

“رُوي عن ابن عباس ، وهو أن الله أرسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالم ، مؤمنهم وكافرهم . فأما مؤمنهم فإن الله هداه به ، وأدخله بالإيمان به ، وبالعمل بما جاء من عند الله . وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينـزل بالأمم المكذّبة رسلها من قبله.” “تفسير القرطبي”

جاء نبي الإسلامِ بالرَّحمةِ لكلِّ الخَلْقِ إِنْسًا وجِنًّا وحيوانًا وطيرًا وغيرَ ذلك، ومِن مظاهر تلك الرحمة: النَّهي عنْ أنْ تُعذَّبَ الحيواناتُ بالنَّارِ أو أنْ تُفْجَعَ بأَخْذِ صِغارِها أو بَيضِها، يقولُ عبدُ الله بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: “كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ فانْطَلَق لحاجتِه”، ، “فرَأَينا حُمَّرةً”، وهو طائرٌ صغيرٌ يُشْبِه العُصفورَ، “معَها فَرْخانِ فأَخَذْنا فَرْخَيْها”، ، “فجاءتُ الحُمَّرةُ فجَعَلتْ تُفرِّشُ”، وتُرفْرِفُ فزعًا؛ لفَقْدِ فَرْخَيْها وصَغِيرَيْها، “فجاء النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: مَنْ فَجَعَ هذه بولَدِها؟” أي: مَنْ أَحْزَنَها وخوَّفَها بأَخْذِ صِغارِها؟ “رُدُّوا ولَدَها إليها”، ،

وهنا: النَّهيُ عن تفزيعِ الطُّيورِ بأَخْذِ صِغارِها. وإذانظرتَ وجدت أنها طير شملتهم رحمته صلى الله عليه وسلم . إن المتشدقين بجمعيات الرفق بالحيوان ،يقتلون آلاف البشر منهم من يموت جوعًا ، ومرضًا وحروبًا وظلمًا ، إنَّ هذا الرفق لم يشمل البشر فحسبْ ،بل شمل جميع الكائنات.
وهذا جمل جاء يشكو صاحبه للنبي :

روى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال:”… .. .. ،فإذا جَملٌ، فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناهُ، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسَكَتَ، فقالَ: مَن ربُّ هذا الجَمَلِ، لمن هذا الجمَلُ؟ فَجاءَ فتًى منَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رسولَ اللَّهِ فَقالَ: أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟ فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ
هذه رحمة النَّبِّي بالحيوان ، فكيف بالإنسان .
ونجده يسرع في صلاته لكي يرحم طفلاً .�يروي أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ”

post

وتخيل هذا المشهد الرائع العظيم يوم فتح مكة، المكرمة، وهو يركب دابته وقد حمل طفلاً وأردف آخر خلفه!!�واستُقْبِل أيضًا بالأطفال، فلم يمنعه الموقف المهيب، ولا الوضع العسكري الخطير، من أن يتلطف معهم، بل ويحملهم! يقول عبد الله بن عباس: “لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ! ماهذا الخلق العظيم ،بل أيُّ رحمة هذه.
وشملت رحمته المسنين، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ”
إنَّ رحمة النبي صلى الله عليه وسلم تزيد الانسان انبهارًا وعجبا ولو علم هؤلاء المسيؤون تفاصيل هذه الرحمة فيه ،لدخلوا في الإسلام أفواجًا .
إنٍّ المسلمين وخاصة الدعاة الى الله وجب عليهم استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في تعريف العالم بنبي الرحمة ونور الهداية ، إنٍّ في هديه صلى الله عليه وسلم وأخلاقه ورحمته لمثلًا يحتذي به العالم كله فيخرج بهديه ودعوته من غياهب الظلم ، والفوضى ، وعدم التوازن بين الشعوب وبين الأفراد، ترى البعض يقتني حيوانًا فيربيه وينفق عليه ويصطحبه في كل مكان ، ولايرعى فقيرًا اويتيمًا ،بل أكثرهم لايرعى حق من هم أحق بصحبته ورعايته ؛موازين مطففة ثم نتشبث بجانب واحد من الرفق.
لننظر ونقتدي برفقه ورحمته صلى الله عليه.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} ٤٥-الأحزاب

سلوى النجار. ٢٠٢١/٩/٢١م

زر الذهاب إلى الأعلى