الإنزلاق والإنحلال الأخلاقي
بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
علاء حمدى
فكرت ملياً قبل أن أبدأ في كتابة هذا الموضوع ليس لإنه إقتصاديا أو سياسياً ولكن
لأنه يُثير الفزع في القلوب والحزن والأسى حيث أنه لم يعد عارضاً في حدوثه بل صاعداً
في الإرتفاع خلال العقدين الأخيرين من هذا القرن !!
ما المقصود بالإنزلاق والفسادالأخلاقي ؟ إنه استمرارية عملية خسارة المجتمع للمثل
الأخلاقية التي سادت لقرون في المجتمع أو تدهور القيم السلوكية التي إرتكز المجتمع
عليها لسنوات طوال . وهو أيضا تدهور وإنحطاط السلوكيات الإجتماعية لتصبح
مقززة ومخجلة ومنفرة وقبيحة وشاذة عن الأعراف والتقاليد وفطرة الإنسان الطبيعية لأن
جميع الأديان السماوية ركزت على الجانب الأخلاقي الفطري للإنسان ، كما حث جميع المصلحون والفقهاء وكبار الأئمة على إيجابيات السلوكيات الأخلاقية في بناء المجتمعات
السليمة . وهنا لا أنسى في هذا المقام قول الشاعر أحمد شوقي :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إذا أردنا حلول لمشكلة الإنحدار الأخلاقي الذي عّم المجتمعات فعلينا أن نحلل أسبابه .
توجد أسباب كثيرة منها وأهمها :
*السوشيال ميديا ( Social Media ) وما ينشره البعض من تفاهات أخلاقية ومن سلوكيات
طائشة وفيديوهات غير أخلاقية تُغري وتجذب الشباب لممارسة سلوكيات حقيرة .
*البطالة والفقر اللذان يزيدان من مكوث الشباب على الإنترنت ليبحثوا عن تسلية في الواتس
آب أو Tik Tok أو الفيس بوك وغيرهم ومن ثم تقليد أسوأ الأخلاقيات الدنيئة . إن المداومة
على هذه المشاهدات توسوس للشباب بفعل السوء وهكذا يزداد الفساد والشر والرذيلة في المجتمع .
*صحبة السوء التي تغرس أسوأ الأخلاقيات المنحطة في النفوس من الأحاديث الفاسقة المتكررة في جلسات خاصة في حجرات مغلقة ! ولكن هل الشباب هم المسؤولون عن هذا ؟ أم شبكات التواصل الاجتماعي الطافحة بكل مُثل فاسدة وبقليل من القيم والمثل الأخلاقية السامية ؟ إن الانحلال الأخلاقي حالة غير سوية لأي مجتمع لأن المجتمع لا تحكمه القوانين فقط بل تحكمه القيم والمثل الاخلاقية البشرية السوية . ومما لا شك فيه أن الأعلام الصهيوني يساهم في تحطيم كل القيم والمثل البشرية السامية ببث السموم فهم يملكون المال والقنوات التلفزيونية والإعلام الدنيء المسموم لتفكيك الأسر في جميع أنحاء العالم . هم ناشروا الفساد والفساد الكبير . لا شك أن البطالة والفراغ قد ساهما في مكوث الشباب طويلا أمام أجهزة التلفزيون التي تبث الخبث والفساد والانحلال ، كما أن البطالة والفراغ الروحي جعل الكثير
من الشباب ينحرفون ويهربون من واقعهم البائس لتعاطي المخدرات .
*ويا هول ما نقرأ كل يوم عن جرائم لا تمت للإنسانية والفطرة السليمة بصلة بل هو شر
وإجرام ونكسة أخلاقية خطيرة . كنت أود أن أضع بعض العناوين لمثل هذه الجرائم ولكني
أحجمت حتى لا يزداد القاريء ألماً وحزنا ومرارةعلى ما وصلنا إليه من إنزلاق أخلاقي خطير
زوجة تضع السم لزوجها وزوج يقتل زوجته وأب يلقي بأطفاله على خط المترو وإمرأة تقتل
زوجها بالإتفاق مع عشيقها . وأم ترمي طفلها في صندوق القمامة وأخ يقتل أخيه لأنه لم يقبل
أن يقرضه مالاً حتى أن طبيباً قتل زوجته !!! جرائم بشعة يشيب لها الولدان .في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضي .
لم تقع حوادث إجرامية مثل هذه الحاصلة في أيامنا هذه بتاتاً . كانت معظم الحوادث للثأر
بين عائلات مثلاً !
ما أراه أن هذالإنزلاق السلوكي الخطير يزداد سوءاً عاماً بعد العام ، فعلينا نشر الخير والبعد
عن الشر وعن الانحرافات والتقرب إلى الله .