استجابة لدعوة الرئيس السيسي: ندوة مؤسسة رسالة السلام للتفكير وتنمية الوعي بمشاركة كبار المفكرين

وليد جمال
نظمت مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير السبت 4 سبتمبر 2021، مؤتمر بعنوان «العقلانية والوعي والإبداع… أسلحة لمواجهة الإرهاب».
بدأت فعاليات المؤتمر بكلمة مؤسسة «رسالة السلام» ألقاها الأمين العام للمؤسسة، أسامة إبراهيم، وجاء في الكلمة:
هذا المؤتمر يأتي استجابة للدعوة التي تفضل بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مداخلته التلفزيونية لبرنامج «صالة التحرير» عن الوعي، والتي أوضح سيادته خلالها أن الفهم هو الطريق والقاعدة التي ينطلق منها الوعي الحقيقي. وهو ما نعتبره خارطة طريق لتحقيق الهدف الأسمى الذي يحمي ويؤمن مصر وشعبها من مخاطر التطرف والإرهاب، وهو ما يأتي عن طريق بناء الوعي الحقيقي.
الرئيس عبد الفتاح السيسي قدم أيضًا رؤية ثاقبة اعتبرها مفتاح النجاة لهذا الوطن وهي أن على من يتصدى للحديث في الشأن العام أو القضايا والتحديات أو من يتحدث عمومًا للناس لا بد أن يتحلى بالفهم العميق وامتلاك العلم والمعلومات. فهناك فارق كبير بين التنظير والأسلوب العلمي السليم للتفكير. لأن الوعي هو من يُحرك ويتحكم في سلوك الإنسان وتعامله مع محيطه ومجتمعه وردود أفعاله حول مختلف القضايا.
لذلك فإن ما يطرحه الرئيس يحتاج إلى نقاش جاد من مثقفي مصر وعلمائها ومفكريها المستنيرين، لأن قضية الوعي من القضايا التي توليها الدولة اهتمامًا كبيرًا.. وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى هذه القضية في العديد من المناسبات، بهدف العبور بمصر إلى بر الأمان وتحقيق الاستقرار.. والنهوض بالوطن وبناء دولة قوية جديدة. بعد أن تمكن الجيش المصري الباسل وشرفاء هذا الوطن من إحباط كافة محاولات التدمير التابعة من قوى الشر وإخوان الشيطان.

وفي ظروف كهذه تصبح مضاعفة جرعات الوعي الحقيقي والمعرفة الرشيدة مهمة قومية لازمة في بناء الإنسان وتحصين الوطن من الفكر المتطرف والإرهابي. ولن يتحقق شيء من ذلك إلا إذا نهضت المؤسسات المعنية ببناء العقل وصياغة الوجدان بدورها مؤمنة بأننا في حاجة لإحداث تغيير جذري في ثقافة شائعة ومغلوطة تغذي الخرافة والفكر المنحرف، وتغيير مفاهيم خاطئة صارت لطول بقائها مسلمات متوغلة في العقول وتضع العراقيل في طريق التطور، وكل ذلك يتطلب إحداث تغيير جذري يدحض الفتاوى المخربة والمتهافتة ويكرس للاجتهاد المستنير بأدواته وضوابطه المعتبرة من أهل التخصص ذوي الاعتبار والاستنارة.
وقال الدكتور سعد الدين الهلالي المفكر الإسلامي، إن الولاء والبراء يكون لقيم الخير والشر وليس للأشخاص والانتماءات الدينية والعرقية ولا يمكن نسبته إلى الله عز وجل.
وأضاف في كلمته خلال مؤتمر «العقلانية والوعي والإبداع… أسلحة لمواجهة الإرهاب» أن دعوة الرئيس السيسي الأخيرة والتي استجابت لها مؤسسة «رسالة السلام» لنشر الوعي ومن ضمنه محور الدين، وكلمة الرئيس الهاتفية مع صدى البلد إبراء لذمة الدولة المصرية أن تتحمل مسؤولية أحد في أمر الدين، وهو التفكير في المعتقد حتى يعلم حقيقته، لأننا سنلقى الله بقلوبنا وعقولنا وليس بشيوخنا، وعلينا أن نتدرب في الدنيا على الاستقلالية والدين هو بين المرء وربه.
وأشار د. الهلالي في كلمته في المؤتمر الذي أقامته مؤسسة «رسالة السلام للأبحاث والتنوير» أن حروب التنوير والعلم بمصطلحات توجه الألفاظ هذا التوجه لصالح الوصايا الدينية. مضيفًا أن مبدأ الولاء والبراء لا يمكن أن ننسبه إلى الله عز وجل والذي يقسم المجتمع إلى طوائف ومذاهب.
ولفت د. الهلالي إلى أن تصويب ذلك الفكر بأن الولاء يكون للحق والبراء من الباطل، الولاء للعدل والبراء من الظلم، الولاء للخير والبراء من الشر الولاء للرحمة والبراء من القسوة؛ فيجب تفسير الولاء والبراء بشكل موضوعي بحيث يكون الولاء للامانة والبراء من الخيانة، فلا نساعد الخائن حتى لو كان الابن وفي الوقت نفسه نتعاون مع الامين ولو كان من غير ملتنا.
وأشار إلى ضرورة تربية الأبناء على ثقافة الولاء والبراء الحقيقية من قيم الخير والشر وليس من الأشخاص والانتماءات الدينية والعرقية.

وأضاف أن المصري القديم كان لديه القانون السماوي الذي يتوعده بدخول النار إذا فعل الشر ولم يتبع طريق الحق وقانون أرضي يتوعده بالعقاب إذا لم يلتزم بقواعد القانون .
وأشار د. وسيم إلى كتاب «فلسفة القانون والتاريخ المصري القديم» للدكتور محمود السقا الذي يؤكد فيه أن هذه الحضارة العظيمة لازالت موجودة حتى الآن، وكذلك شهادة عمدة برلين بقوله «كيف سيكون شكل العالم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟» والباحث البريطاني في التاريخ المصري القديم وارس مانش، يقول: «نحن في حاجة إلى قرنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة المصرية القديمة».
وقال د. وسيم أن المصري القديم كان مثاليًا في قواعده عادلًا في أحكامه فكان دهشة للمؤرخين وذلك بسبب قيام حضارته على دعامتين «العدل أساس الملك» بين الحاكم والمحكوم و«العدالة الاجتماعية» بمعنى أن الكل أمام القانون سواء.
ويستشهد بمؤسس الإمبراطورية المصرية القديمة التي امتدت ما بين النهرين شمالًا إالى إثيوبيا جنوبًا وهو الملك «تحتمس الثالث» الذي أراد أن يغير فقرة في القانون فاعترض كبير القضاة وقال له «لا يجب أن تعلو كلمة الحاكم على كلمة القانون»، فاعتذر الملك تحتمس الثالث.
فكان الكل أمام القانون سواء مشيرًا إلى انجلترا التي تتفاخر بتأميم الطب بناء على كلام برنارد شو، مصر وصلت له من أكثر من 5000 عام. حيث يقول برنارد شو «مهنة الطب لن تتقدم إلا بإعمال القانون بوضع حائل بين يد الطبيب وجيب المريض».
على أن تكفل الدولة حياة كريمة للطبيب وهذا ما وصلت له مصر منذ آلاف السنين فكان الطبيب إذا جاءت له هدية من أحد المرضى سلمها إلى بيت الحياة (كلية الطب) التي تخرج منها حتى يعزل ما بين المصلحة للمريض مع أي طبيب.
وأكد د. وسيم السيسي على أن القانون هو الذي يؤسس الحكم في البلاد فلا يمكن أن تكون هناك دولة دون قانون
“مبادرة الرئيس السيسي التي جاءت في إحدى الامسيات منذ عدة أيام لم تات مصادفة أو حالة استثنائية؛ وإنما جاءت في سياق سلسلة من الرؤية العميقة للواقع.”
جاء هذا في كلمة د. حسن حماد أستاذ الفلسفة –عميد كلية آداب الزقازيق السابق خلال كلمته في مؤتمر «العقلانية والوعي والإبداع… أسلحة مقاومة الإرهاب» الذي أقامته اليو مؤسسة «رسالة السلام للأبحاث والتنوير» استجابة لدعوة الرئيس السيسي لإعمال العقل والتفكير.
وأضاف أن مبادرة الرئيس جاءت في سياق مشروع سياسي ووطني كبير جدًا وهو تجفيف هذا الواقع الذي نعيشه من كافة العناصر الظلامية والتكفيرية.
ولفت إلى أنه يستخدم هذه المصطلحات التي تغطي أفكارا كثيرة سواء في المؤسسات الرسمية أو في الجماعات المارقة خارج مؤسسات الدولة .
وقال د. حماد أن الرئيس بدأ هذه السلسلة من المشروع بالقضاء على جماعة الإخوان الإرهابية وعندما تم هذا في 2013 شعرت بالأمل بأن مصر لن تركع ولن تسقط ولن تضيع مثلما ضاعت سوريا وليبيا واليمن أو غيرها من الدول.
وقالت د. نجوى الشافعي، عضو مجلس الشيوخ، أمين عام نقابة أطباء مصر، أنه من الضروري مشاركة كافة المؤسسات التعليمية والتثقيفية في تثقيف الدعاة وعدم ترك ذلك لمؤسسة الأزهر والأوقاف فقط.
وأضافت د. نجوى في كلمتها خلال مؤتمر «العقلانية والوعي والإبداع… أسلحة مواجهة الإرهاب» يجب تنوع المؤسسات التي تساهم في تثقيف الدعاة وتكوين الوعي لدى القائمين على الدعوة مشيرة إلى تأثيرهم القوي على المستوى الشعبي من خلال خطب الجمعة خاصة في القرى والأماكن الشعبية.
وأشارت إلى أن مضمون الخطب التي توجه للعامة تثير التخبط والحيرة خاصة لدى الشباب بين ما يسمعونه من الشيخ في المسجد وما يتم معايشته سواء في البيت أو مع الأصدقاء من سلوكيات بسبب إقحام الدين في تفاصيل الحياة العادية.
تثقيف الدعاة والأسرة للمساهمة في نشر الوعي
ولفتت د. نجوى إلى أهمية الوعي ومعناه وهو ضم الشيء واحتوائه، متسائلة: نريد أن نعلم ما هي العوامل التي تجعل الفرد في المشاركة في المجتمع إيجابيا أو سلبيًا.
وأكدت قائلة: لا يمكن أن ننسى دورالأسرة في زرع الوعي في نفوس الطفل، لأنه يستقي منهم كل ما هو يجعله يختلط بالآخرين، والأم مدرسة ودورها خرافي في زرع كل ما هو جيد في نفوس الطفل وتعطيه القدوة في الأفعال والأقوال، وتصل إلى الطفل بشكل غير مباشر.
وهناك أيضًا المدرسة وهي مؤسسة ثقافية وتعلمنا كيف نحب القراءة، ويجب أن تستعيد المدرسة صورتها القديمة.
وأشارت إلى دور المسجد، ومسؤولية الخطيب الكبيرة في انحراف الفكر أو تقويمه، وأنه أحيانا يتسبب في وضع الناس في حيرة، وكم من المهازل توضع في خطب الجمعة ويظهر نفسه أنه راعي الدين، مؤكدة على أنه يجب وضع المكون الفكري لهؤلاء الدعاة وتوعيتهم بشكل مناسب.
كما أكدت على دور الفرد، وأنه مهما تعرض لأفكار ضالة عليه مسؤولية فردية وهي إعمال العقل تجاه الأمور؛ لأن الله ميز الإنسان بالعقل، ويجب استخدامه بشكل جيد.
وقال الدكتور سامي عبد العزيز أستاذ الإعلام –العميد الأسبق لكلية إعلام القاهرة: «الإعلام يحتاج مدخلات حتى يلعب دور في المجتمع، فلا يجوز للإعلامي أن يتحدث في قضية وهو لا يعرف تفاصيلها».
وأضاف في كلمته خلال مؤتمر «العقلانية والوعي والإبداع.. أسلحة في مواجهة الإرهاب» الذي أقامته مؤسسة «رسالة السلام للأبحاث والتنوير»، أنه يجب التأهيل والتدريب والتثقيف للإعلاميين والقائمين على المحتوى الإعلامي لكي يؤدوا دورهم لنشر الوعي بين الناس.
وأكد د. عبد العزيز أنه لابد أن يتوفر للإعلامي بدوره كوسيط حقائق ومعلومات كاملة للقيام بهذا الدور لأنه بدون توافر تلك المعلومات لا يستطيع إيصال رسالته التي يقوم بها.
الدكتور سامي عبد العزيز يطالب بتثقيف الشباب
وفي مداخلة مع الحضور سأل دكتور سامي عبد العزيز إحدى الطالبات عن عمرها ومعلوماتها عما حدث منذ عشر سنوات في أحداث يناير 2011 وكان سنها وقتئذ لا يتعدى العشر سنوات، وخلص من تلك المداخلة بأن هذا الجيل من الشباب لابد وأن يتم تثقيفه حتى نستطيع أن نجعله على الوعي الكافي بما يحدث على أرض مصر.
ولفت د. سامي إلى ضرورة نشر الوعي بين جميع فئات المجتمع وخاصة الشباب في العشرينات مؤكدًا على دور الإعلام في بيان كيف تحولت مصر من مرحلة الاختطاف إلى مرحلة الالتفاف، مشيرًا إلى الفترة التي عاشها الشعب المصري فاقدًا لعناصر الأمان بسبب حوادث الإرهاب والعنف.
وأكد أستاذ الإعلام في حديثه أنه لا نستطيع أن نضع اللوم على الإعلام إلا في حال توفير الملفات التي تحتوي على المعلومات والحقائق التي تساعده في القيام بهذا الدور الهام في نشر الوعي.
وإذا تم توفير هذا يبقى على الإعلام الإبداع في تقديم هذه المادة للمتلقي حتى يستطيع إيصال المعلومة التي تحقق له المعرفة الكاملة بما يدور حوله من خلال تلك الحقائق والمعلومات.
وقال د. عبد العزيز أن قضايا الوعي قضايا جافة لذلك هي تحتاج إلى الإبداع، ودون البحوث سيظل الأمر مجرد تخطيط، مؤكدًا على أننا إذا أردنا إعلامًا فاعلًا، فيجب منحه محتوى متجدد ومتطور.
وأشار إلى أنه يجب أن نخرج بأول قاموس للمصطلحات المستنيرة يصاغ برشاقة، ونرسله لهذا الجيل في شكل كبسولات موجزة.
وقال د. طلعت عبدالحميد، الخبير التربوي وأستاذ العلوم التربوية بجامعة عين شمس، إن مضمون التعليم هو إعطاء الفرد مهارات وتربية، كما أن ومنطق العلم يقوم على وحدة وتكامل المعرفة والتطبيق العملي للعلم، مشيرًا إلى أن الهدف من أي تعليم أو تربية، هو عدم اختزاله في المعلومات فقط بل معلومات وقيم ومهارات.
لفت إلى أنه بدلا من الخطط الموجودة والهدف منها اجتياز الامتحان، هو الوصول إلى تنمية الطلاب القدرة على التعلم الذاتي وليس حفظ بعض النصوص وحل الامتحانات، حيث إن التربية تعتمد على نمو متكامل لكافة جوانب الشخصية.
وشدد على أنه يجب تكوين مواطن وليس تلميذ يحل الامتحان، ومن ثم يجب وضع اختبارات قبول قبل الالتحاق بالجامعة، موضحا أن كارثة التعليم العربي أنها تعطي معلومات على أنها حقائق، مما يخرج أفكار أحادية واشخاص متعصبة ويصبحون ارهابيين.
وطالب بإعادة النظر في السياسة التعليمية الموجودة وتكون باستشارة الخبراء.
وقال د. محمد المرصفي، استاذ العلوم التربوية ووكيل كلية التربية بجامعة بني سويف، إنه يوجد مؤشرات واضحة وملموسة تمت بشكل مبهر في مجال الصحة والعشوائيات والدولة أصبحت موجودة ويتم محاسبة أي اعتداء على الدولة.
وأوضح أنه كان هناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية أن يتم فتح ملف التعليم، وهو مشروع قومي وأعطت الملف لوزر التعليم الحالي.
وذكر أن التعليم تم ضربه في مقتل عندما أصبح مهنة من لا مهنة له.
وشدد على أنه يجب إعداد المعلم نفسيًا حتى يستطيع أن يربي شخصية بشكل سليم.
وأكد أن الوعي هو الاستطاعة في التمييز بين السيء والجيد، وعندما يتحول السلوك إلى عادة يكون صعب جدًا تغييره، والأمر يحتاج جهد منظم ومستمر وواعٍ.
وقال المفكر د. عادل نعمان، المفكر المصري، إن الهدف من التعليم، هو إخراج إنسان سوي يؤمن بالعلم والعمل وتبعد الخرافات عن طريقه ويؤمن بحرية الفكر والعقيدة والاختيار والمجادلة والمناقشة مع الآخر والتعامل مع العالم الخارجي.
وتساءل: هل التعليم الديني يخرج هذا المنتج الجيد؟
ورأى أنه بالعكس، فاحيانً يجعل الشخص مخالف مع القانون.
وأكد أن مناهج الأزهر بها الكثير من الأمور الخاطئة والتي ترسخ لعدم قبول الآخر وتخرج منتج متناقض مع نفسه، وهو منتج فاسد غير متصالح مع نفسه ولا المجتمع وعدواني ولا يرى غير السيف والقتل.
وشدد على أنه يجب أن نصل إلى تظام تعليمي متصالح مع نفسه ويبتعد عن كل شيء مدمر للإنسان.
وقال د. أبو الفضل الإسناوي، مدير مركز رع للدراسات الاستراتيجية، إن جماعة الإخوان الإرهابية خلال ٢٠٢٠ استهدفت مجموعة من القطاعات لتزييف الوعي، ومنها قطاع التعليم والصحة والاقتصاد.
وأوضح أن هذه الاستهدافات لا تقتصر على هذه القطاعات فقط، وكان شهر إبريل هو الأكثر استهدافًا.
وذكر أن هذه الجماعة التي تشكل العدو الأول في البلاد، تسعى إلى نشر الشائعات وكلما قل استخدامها العنف زادت من استخدام الشائعات وتزييف الوعي.







