سلوى النجار .تكتب .آداب في حضرةالنبي صلى الله عليه وسلم حيا وميتًا.    

 

إن التأدب بين يدي رسول الله ومع وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين وعبادة يُتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى ، إعزازًا وإجلالا وتوقيرًا ، وتقديما ، وأدبًا واحتراما ،وطاعة ،لقوله تعالى :{لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}٩الفتح.

وقال السعدي في هذه الآية:

أي: بسبب دعوة الرسول لكم، وتعليمه لكم ما ينفعكم، أرسلناه لتقوموا بالإيمان بالله ورسوله، المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور.

{ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتجلوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم، { وَتُسَبِّحُوهُ } أي: تسبحوا لله { بُكْرَةً وَأَصِيلًا } أول النهار وآخره، فذكر الله في هذه الآية الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما، والمختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، والمختص بالله، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها.

post

إذن من الأوامر التي لابد من اتباعها نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم:تعظيمه في أنفسنا وعند غيرنا ، وتعزيزه وإجلاله، والأدب بين يديه ،وتوفيره حيًا وميتًا .

أولًا:توقيره في حياته صلى الله عليه وسلم، الدخول عليه بأدب وسكينة وتواضع ،وخفض للطرف والصوت،واتباع أوامره ، وطاعته فيما أمر وفيما نهى .وعدم الإسراع قبله في الكلام أو المبادرة بالفعل قبل اذنه ،وقد جاء من هذه الآداب في سورة الحجرات مايبين الأدب الذي يجب أن يكون لرسول الله

من سورة الحجرات: ” وهي مدنية .هذه آداب أدب الله بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول – صلى الله عليه وسلم – من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله [ واتقوا الله ] ) ، أي : لا تسرعوا في الأشياء بين يديه ، أي : قبله ، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور ، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ ، [ إذ ] قال له النبي – صلى الله عليه وسلم – حين بعثه إلى اليمن : ” بم تحكم ؟ ” قال : بكتاب الله . قال : ” فإن لم تجد ؟ ” قال : بسنة رسول الله . قال : ” فإن لم تجد ؟ ” قال : أجتهد رأيي ، فضرب في صدره وقال : ” الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ، لما يرضي رسول الله ” .وقد رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة ، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله .قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة .وقال العوفي عنه : نهى أن يتكلموا بين يدي كلامه .وقال مجاهد : لا تفتاتوا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بشيء ، حتى يقضي الله على لسانه .وقال الضحاك : لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم .وقال سفيان الثوري : ( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) بقول ولا فعل .

قال القرطبى : لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

لتؤمنوا بالله ورسوله قرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو ( ليؤمنوا ) بالياء ، وكذلك ( يعزروه ويوقروه ويسبحوه ) كله بالياء على الخبر . واختاره أبو عبيد لذكر المؤمنين قبله وبعده ، فأما قبله فقوله : ” ليدخل ” وأما بعده فقوله : إن الذين يبايعونك الباقون بالتاء على الخطاب ، واختاره أبو حاتم . وتعزروه أي تعظموه وتفخموه ، قاله الحسن والكلبي ، والتعزيز : التعظيم والتوقير . وقال قتادة : تنصروه وتمنعوا منه .

وقال ابن عباس وعكرمة : تقاتلون معه بالسيف . وقال بعض أهل اللغة : تطيعوه .

وتوقروه أي تسودوه ، قاله السدي . وقيل : تعظموه . والتوقير : التعظيم والترزين أيضا . والهاء فيهما للنبي – صلى الله عليه وسلم، وتسبحوه أي تسبحوا الله بكرة وأصيلا أي عشيا . وقيل : الضمائر كلها لله تعالى ، فعلى هذا يكون تأويل تعزروه وتوقروه أي : تثبتوا له صحة الربوبية وتنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك . واختار هذا القول القشيري . والأول قول الضحاك ، وعليه يكون بعض الكلام راجعا إلى الله سبحانه وتعالى ، وهو وتسبحوه من غير خلاف . وبعضه راجعا إلى رسوله – صلى الله عليه وسلم – وهو وتعزروه وتوقروه أي : تدعوه بالرسالة والنبوة لا بالاسم والكنية .

ثانيا :اذا كان هذا في حضرته صلى الله عليه وسلم وفي حياته وقبل مماته،فماذا بعد مماته صلى الله عليه وسلم ؟!؟!

كلُ ماتقدم واجب علينا نحن المسلمين ، من تعظيم واجلال وتوقير والمبادرة بعمل ماكان يعمل ، وقول ماكان يقول ،وفعل ماكان يفعل، وتوقير مجلسه،. فكيف إذن نوقر مجلسهما الله عليه وسلم؟!؟!

هذا يكون بتوفير مجلس الحديث الذي يذكر فيه ، ودراسة احاديثه وسيرته ،على الوجه الذي يحبه ويرضاه،

وكان الائمة الكبار ومنهم الامام مالك رضي الله عنه اذا جلس ليحدث الناس

ارتدى أجمل الثياب ،وتعطر ، وعلاه الوقار ،عند يحدث طلبته عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتبعه طلابه في ذلك.

ومن مظاهر التبجيل والتوقير والتعظيم لرسول الله أنك اذا مَنَّ الله عليك بزيارة قبره الشريف ، أن تلبس أحسن ثيابك بعد التطهر والتطيب ، وأن تذهب في سكينة ،للتزاحم فيها أحدًا ولاتجذبه ، ولاتدفعه ، والترفع صوتك في مسجده وكن هامسًا عند قبره في الروضة الشريفة امتثالًا لقوله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }(2)الحجرات

وقوله تعالى : : {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (3) الحجرات:

فما نراه الآن من الدخول على حضرة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده الشريف وفي الروضة الشريفة عند قبره ،من التسابق والجري والأصوات التي تعلو أحيانًا ،وبالتأكيد هو من شدة الشوق والحب ، ولكن حبه صلى الله عليه وسلم باتباع ما أمر الله به ،واتباع سنته صلى الله عليه وسلم ، وتوفيره ، وتعظيمه ، والتواضع بين يديه ، ونبذ الخلاف في حضرته ورفع الصوت ، والتدافع ،عند قبره، و كذلك في المجلس الذي

زر الذهاب إلى الأعلى