الحقائق المرة السورية

روعة محسن الدندن

الحقيقة رقم 5 (الطائفية في سورية)

من السر المستتر إلى العلن المنفجر..

واشتعال الجمر تحت الرماد…

– سوريا ككيان سياسي ولد بعد انهيار الخلافة العثمانية السنية في بدايات القرن العشرين. وقد تميز بتركيبة اجتماعية متنوعة…

post

من أبناء المدن المتعايشين مع بعضهم بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية المختلفة؛ إلى أبناء الريف عشائر وحضر.

كسنة ومسيحيين وعلويين ودروز واسماعيليين إلى أبناء القوميات غير العربية كأكراد وسريان وآشوريين وتركمان وشركس

إضافة للأرمن المهجرين

– هذا البلد أقام فيه الفرنسيون ( بعد دخولهم وإنهاء الحكم الملكي

ذو العهد القصير جدا) نظاماً جمهورياً بعيداً عن التقسيمات

الاجتماعية المذكورة ، نظاماً مازال محافظاً على طابعه الفرنسي

بغض النظر عن التعديلات التي حصلت على القوانين والدساتير،

ولم يخرج نظرياً عن معايير الدولة الوطنية الحديثة كدولة

مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات

– العودة إلى المذهبية والقبلية وبث النعرات الطائفية في سورية

(التي عرفت بتبني البعد الوحدوي و التي طالما عرفت

بـ “قلب العروبة النابض”)، جاء مفاجئاً، فأربك الجميع..

وتعددت التحليلات والقراءات

ويبدو أن المسألة الطائفية في سوريا انتقلت من التعتيم المتعمّد

إلى الضوء الكاشف

– الطائفية كانت موجودة في المجتمع السوري قبل حكم حزب البعث، ولكن للأسف استمرت في ظله بصورة متنحية.

هذا الأمر أدى إلى وجود حالة يمكن تسميتها

” الطائفية المستترة في سوريا “،

فلا هي ظاهرة كمشكلة واضحة يمكن معاينتها والبحث بها؛

لإحجام الجميع عن النقاش والاعتراف بها، ولا هي متجاوَزة

باتجاه حالة وطنية أرقى

وهذا ما جعل الأرضية الاجتماعية مناسبة لحزب البعث،

فساعدته على حكم سوريا لسنوات طويلة .. حيث عمدت

سلطة البعث إلى منع الحديث بالطائفية بأي شكل من الأشكال في الإعلام والتلفزيون والمجال العام؛ مقابل وجود تقسيمات

شبه معلنة عبر وظائف حكومية على أساس طائفي

هذا جعل من الطائفية حاضرة في السر في سورية.

وكان الحديث بهذا الأمر محظوراً تحت أي مسمى، مع وجود

قوانين تحاكم أي متحدث بالطائفية

– فاحت رائحة الطائفية بشكل واضح في سورية بعد أحداث الثمانينات من القرن الماضي .. حيث نشب آنذاك الصراع المسلح بين الإخوان المسلمين، وهم حزب إسلامي طائفي، يحاول تمثيل السنة

في سورية والعالم العربي، وبين نظام حكم البعث الذي ينظر له الإخوان على أنه نظام طائفي..

لنكون أمام أوّل حالة طائفية تعلن عن نفسها بهذا الشكل

بعد استقلال سوريا

– كشفت الحرب السورية بكل إحداثياتها وحيثيياتها… والتطرف والتدخلات الخارجية، كشفت مخالب المسألة الطائفية اللعينة في سورية، وبأنها تتقدم رويداً رويداً نحو مقدمة الأحداث،

في بلد تعلّم على مدى نصف قرن أن يواري طائفيته

– يعتبرانفجار ” المسألة الطائفية ” واقعاً ملموسا،

سواء أنكرناه أو تجاهلناه

– انتشر التمييز الطائفي والعرقي في الحرب السورية بين أتباع الطوائف الدينية وأبناء الجماعات العرقية المختلفة

لقد بدا بعض أجزاء الصراع في سورية على أنها جزء من صراع أوسع؛ وانعكاس للانقسام الطائفي على المستوى الإقليمي.

بالإضافة لذلك؛ كان للخلافات والصراعات والتحالفات الإقليمية المرتبطة بالقضايا القومية أثر على طبيعة الصراع ونتائجه

– نتيجة لما سبق؛ تعرّضت مُختلف الطوائف الدينية والمجموعات العرقيّة لانتهاكات حقوقية على أساس طائفي أو عرقي؛

من قبل القوات الرئيسية المتصارعة في الحرب

– إن وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عمق الشرخ الاجتماعي الكبير ذي البعد الطائفي والمناطقي، وأصبحت منابراً لتعميق الخلاف والدفع بالناس لأتون حرب إعلامية تجاوزت كل المعايير والقيم الإنسانية والأخلاقية المدنية…

حتى بتنا نسمع أصوات نشاز تنادي بإبادة الطرف المخالف…

– وقد أدى العنف الطائفي إلى زيادة تهديد الأقليات الدينية ..

حيث انضم عدد كبير من السكان إلى ميليشيات وجماعات تتّسم

بطابع طائفي أو عرقي، و‌تدفّق مسلّحون من عدّة دول للقتال

في هذه الجماعات

– تطييف الأحزاب وذلك من خلال الحسابات التي فرضتها الدولة على أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية كممثلين عن الطوائف؛ وليس كممثلين عن اتجاهات فكرية وعقائدية مابين اليسار ووسطه وأقصاه؛

على اعتبار أننا دولة علمانية ولامكان في الجبهة لأحزاب

اليمين الديني المتطرف…

– منهجية التقسيم الطائفي وتخصيص كل طائفة بنموذج محدد

من الوظائف والأعمال…

وهكذا تم خلط أوراق الفرز الطبقي بفرز طائفي مقيت،

أسَّسَ لهذه المرحلة التي وصلنا إليها…

– تسجل في الشارع السوري اعتراضات واحتجاجات على إطلاق يد وزارة الأوقاف في كل شاردة وواردة؛ في التعيينات السياسية

لمناصب حيوية ومهمة.. حتى وصلت للجامعات للمشاركة في

بناء (تديين) جيل الشباب ..

– لقد أدت الحرب السورية إلى دمار معنوي ومادي

ونظراً لأخطاء ارتكبت بقصدٍ أو بغير قصد في إدارة الأزمة السورية، تعمقت الطائفية.. و التي جرَّت الويلات على فقراء الطوائف…

– قيام أبواق مشبوهة مأجورة ومنها مجانية بإطلاق

الشعارات الطائفية المقيتة؛ للتخويف من الإبادة لدى طوائف

تمثل أقلية عددية ومالية، لينضووا تحت مظلة الصراع الدائر،

والذي بات ممنهجاً ومقاداً من الخارج وبتواطؤ من الداخل..

بحيث يتم توجيههم ضد إخوتهم في الوطن مدفوعين

بغريزة البقاء (يا قاتل يا مقتول) …

– التهجير القسري لتغيير التركيب الديموغرافي لمناطق بعينها..

وذلك خدمة لأجندات دول إقليمية تعمل على تعزيز انقسام

المجتمعات المحيطة بإسرائيل طائفياً …

يتحفظ جزء كبير من النسيج السوري بكل طوائفه ومذاهبه على:

– مشروع القبيسيات كمشروع لمنهجة الفكر الديني المذهبية..

بحيث تكون النساء …وهي المربية والتي تثبت التربية الموجهة الدينية والتسليم والخوف من إعمال العقل…

من خلال الفكر المقدم لهن واغراءات الزواج السياسي التي تدبر

– وكذلك مشروع الشباب الديني الذي أعفى الآلاف من الشباب من خدمة العلم… وباتت الخدمة الإلزامية على أولاد الفقراء غير القادرين على الهجرة أو دفع البدل أو الوساطة والتفييش

– مجهولي النسب… تلك القضية التي طفت إعلامياً لفترة

ثم انطفت بحلول تعمق التقسيم الطائفي

– زرع فكرة الولاء الوطني المرتبط بالانتماء الطائفي..

والذي بات أفراد الطائفة يرون في شريك الوطن

من الطائفة الأخرى عميلاً مرتهنا لولاء ديني خارجي…

– محاولات الاصطياد بالماء العكر وخصوصا للشخصيات الفكرية والقامات العلمية المتميزة والنيل منها.. ارتكازاً على انتمائها الإثني

– إن وجود الأغراب على امتداد الجغرافية السورية

وبغض النظر عما تم تحقيقه وتظهيره إعلامياً..

هذا الوجود كرس البعد الطائفي، حتى بتنا نلمح في

الخطاب السياسي لبعض الأصوات وكأن هذه الدول

أتت حامية لأقليات وقوميات بعينها…

ولكن وعندما توضع الأمور في نصابها، فإن هذه الدول تعلن

عن حقيقة تواجدها المرتبط بمصالحها فقط،

والتنسيق قائم فيما بينها وبقيادة اسرائيل..التي بات استهدافها للأهداف والبنى التحتية السورية ( الميناء ومراكز البحوث والمطار…) مظهراً مألوفاً للأسف

ولإطفاء نار الطائفية؛لابد من توفر:

– الإرادة السياسية لأصحاب القرار بإجراء الحوار السياسي

( سوري – سوري)، ليكون الحل سورياً بعيداً عن التدخلات الدولية الهادفة لمصالحها؛ وغير المعنية بمعاناة الشعب السوري وحل أزماته

– تبني بناء وقيام دولة سورية علمانية حقيقية تقوم

على فصل الدين والمذاهب عن الدولة…وليس علمانية برداء مزيف

– نحتاج لرجالات دولة وكفاءات وعلماء وخبراء حقيقيين،

ليقودوا البلاد نحو هدف إعادة بناء البشر قبل الحجر ….

فبدون الإنسان المنتمي لوطنه لا لعشيرته وطائفته؛ لايمكن النهوض وتحقيق الأمن والسلام.

وهذا يتحقق بقانون عام وشامل يطال الجميع دون استثناء

بمعنى الكل تحت سقف الوطن وتحت القانون…

– وجميعنا نرصد الإرادة الحقيقية الموجودة لدى شريحة كبيرة

من المفكرين والمتنورين السوريين الوطنيين؛ غير المرتبطين

بأجندات خارجية أو مصالح مناصبية، ويريدون الحل العادل،

ولديهم الرؤى الواضحة؛ دون الدخول في أتون التقسيمات

والإرضاءات الضيقة

* فسوريا أولاً…

– ووجوب العمل على تعزيز الانتماء الوطني من خلال دولة المواطنة التي تحدد وبوضوح الحقوق والواجبات المصانة دستورياً

للجميع وبعدل ومساواة

– وتغيير نهج التعيينات الحكومية ومناصب الدولة لتصبح بحسب معايير الجدارة والكفاءة والخبرة… لا الولاءات الشخصية..

وبعيدا عن التطييف والمحاباة و…و..

– فالسياسات المذهبية والطائفية في أي بلد تؤدي للتفرقة بين المواطنين ومنع اندماجهم، وقد تشجع بشكل صامت في بناء

مناطق جغرافية ذات لون طائفي واحد، أو اثني واحد

– إذن فالحل السياسي هو المقدمة الحقيقية

التي ترسخ هيكلية الدولة المدنية..

ثم باعتماد معايير الديمقراطية وإجراء الانتخابات الحقيقية؛

وليست المسبقة النتائج

– ويمكن العمل على البدء بنواة حياة سياسية محمية دستورياً

وإعادة صياغة وتشكيل أحزاب سياسية جديدة على أسس

وطنية حصرياً

– وبنفس التوقيت العمل في الشق الاقتصادي

لدفع عجلة الإنتاج…ومع أولوية لاجتثاث مافيات ودوائر الفساد

التي تعاظمت خلال فترة الحرب بشكل سرطاني

وخلاصة القول :

المشروع النهضوي السوري جذره الأساسي سياسي،

وبناؤه اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي….

والبحث والمشاركة فيه مسؤولية وطنية تشاركية،

وعلى جميع السوريين أن يكونوا جزءاً من هذا المشروع؛

لنهضة سورية الجديدة

* ملاحظة:

الحقائق المرة السورية سلسلة من المقالات نشرها الكاتب

على صفحته الفيسبوكية :

الحقيقة رقم 1(الحقيقة السياسية) ؛ الحقيقة رقم 2 (الفساد) ؛

الحقيقة رقم 3 (التعليم)؛ الحقيقة رقم 4 (واقع المرأة السورية)

زر الذهاب إلى الأعلى