سلوى النجار /تكتب (أيام التشريق وعلاقتها بالأكل والشرب

 

إنَّ أيام التشريق ، هي الأيام التي تلي يوم عرفةوالمزدلفة ،وأول أيام العيد،وهي من أعمال الحج ،

يكون الحاج إلى بيت الله الحرام قد بلغ الذروة من الجهد والتعب ، والمشقة ،وأيضًا السعادة والسرور والبهجة الروحية ،التى هى محور هذه العبادة ؛ألا وهي ارتباط العابد بالمعبود ،بأعمال مخصوصة في أيام معدودة،وأماكن معلومة ، وطريقة يهتدي فيها بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ،وأول يوم في هذه الأيام يُسمى بيوم القَر ؛لأن يوم القَرّ: هو اليوم الأوّل من أيّام التشريق؛ أي اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحِجّة، ويأتي عَقب يوم النَّحر، وقد ثبت فَضْله بما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أعظمَ الأيامِ عندَ اللهِ -تباركَ وتعالى- يومُ النحرِ ثمَّ يومُ القَّرِّ).[١] وسُمِّي يوم القر بذلك؛ لأنّ الحُجّاج يقرّون ويستقرّون فيه بمِنى بعد يوم النَّحر، فيستريحون من الأعمال التي أدَّوها.فتبدأ أيام التشريق .

و سميت بأيام التشريق لأن الناس كانوا يشرّقون فيها اللحم. والتشريق مصدر شرَّق اللحم أي قددَّه. ومنهُ أيام التشريق ؛وهي ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر لأن لحوم الأضاحِي تُشرَّق أي تُشرَّر في الشّمس وهذه الأيام أيام أكل وشرب وراحة وذكر وهذه كلها عبادة؛لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا .وفيها حكمة بالغة ،أن ديننا الحنيف ، هو دين اليسر ودين السعادة والسرور ،فيه العناية بالروح ، بارتباطها بالخالق عز وجل ،وفيها العمل والجد والاجتهاد باتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفيه العناية بالبدن من طعام وشراب ،ونظافة ولباس ، وكل هذا من أسباب سعادة وسرور العبد بالمباحات الكثيرة التي وسعها الله عليه،

وفيها يفرح الله بعباده ويباهي بهم ملائكتهُ ،ويفرحُ العباد بربهم الذي وسعَ عليهم وهداهم سُبله ،وأنعمَ عليهِم بِنعمهِ .وفيه جاء:

post

عَنْ نَبِيشة الخَيْر الهَذلِي رَضِيَ الله عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ:(أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ. [وفي رواية : زاد فيه «وذكرٍ لله»]

صحيح مسلم

وفيه أيضًا الذكر الكثير ،والشكر الكثير

وفي شرح الحديث كما شرحه العلماء:أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نَهى وعن صِيامِ أيَّامِ التَّشرِيقِ؛ فقدْ جاء في صَحيحِ البُخارِيِّ عنِ ابنِ عُمَرَ وعَائِشةَ رَضيَ اللهُ عنهم، أنَّهما قالَا: «لم يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشرِيقِ أنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَن لم يَجِدِ الهَدْيَ»، أي: إلَّا لِمُتمتِّعٍ أو قارِنٍ لم يَقدِرْ على هَدْيِ النُّسُكِ، وهذا مِنَ التَّوسِيعِ على النَّاسِ.

وفي النَّهيِ عن صِيامِ هذه الأيَّامِ والأمْرِ بالأكْلِ والشُّربِ سِرٌّ حَسَنٌ؛ وهو أنَّ اللهَ تعالَى لمَّا عَلِمَ ما يُلاقي الوافِدونَ إلى بَيتِه مِن مَشاقِّ السَّفَرِ، وتَعَبِ الإحْرامِ، وجِهادِ النُّفوسِ على قَضاءِ المناسِكِ؛ شرَعَ لهمُ الاسْتراحةَ عَقِبَ ذلك بالإقامةِ بمِنًى يومَ النَّحرِ وثلاثةَ أيَّامٍ بعدَه، وأمَرَهُم بالأكْلِ فيها مِن لُحومِ الأضاحيِّ؛ فهُمْ في ضِيافةِ اللهِ تعالَى فيها، لُطْفًا مِنَ اللهِ تعالَى بهم ورَحمةً، وشارَكَهم أيضًا أهلُ الأمْصارِ في ذلك؛ لأنَّ أهلَ الأمْصارِ شارَكُوهم في النَّصَبِ للهِ تعالَى، والاجْتِهادِ في عَشْرِ ذي الحِجَّةِ بالصَّومِ والذِّكرِ، والاجْتهادِ في العِباداتِ، وفي التَّقرُّبِ إلى اللهِ تعالَى بإراقةِ دِماءِ الأضاحِيِّ، وفي حُصولِ المغفِرةِ، فشارَكُوهم في أعْيادِهِم، واشتَرَكَ الجَميعُ في الرَّاحةِ بالأكْلِ والشُّربِ، فصارَ المسلِمونَ كلُّهم في ضِيافةِ اللهِ تعالَى في هذه الأيَّامِ؛ يَأكُلون مِن رِزقِه، ويَشكُرونَه على فضْلِه، ولمَّا كان الكريمُ لا يَليقُ به أنْ يُجيعَ أضْيافَه نُهُوا عن صِيامِها.

وفي هذا التيسير من نعم الله وآلائه العظيمة ،مايغمر العباد بالنعم والفضل العظيم ،وفيه قوله سبحانه: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ }ابراهيم 34

فما للمؤمن الصادق إلا شكر مولاه ،على ماأعطاه وَمَنَّ عليه ،وفي الشكر زيادة وفضل ، لقوله تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }إبراهيم 7.نسأله سبحانه الشكر على النعمة والزيادة والبركة ،وأن يتقبل حج الحجاج هذا العام وأن يرجعوا من حجهم ، بحج مبرور وذنب مغفور ،كما ولدتهم أمهاتهم ،وأن يرزقنا القادم حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا ،وثباتًا على الحق ، وسرورًا ،وشكرًا ،لنعم الله

زر الذهاب إلى الأعلى