أبن لوسيفر

151990255 256265702673466 8678257954257308010 o
بقلم الروائية/ منى خليل
في ليلة ممطرة والسماء مرعدة هزت سطح الكرة الأرضية برعدها وشرارات برقها الخاطف الفزاع ومع هطول الأمطار كان يسير تحتهأ علي الارض الشيخ احمد ليغلق محل العطارة بسرعة من وهل الأعاصير والامطار ومع كل هذا الضجيج يسمع صرخات طفل رضيع بجانب المسجد القريب من محل العطارة وأصبحت صرخات الرضيع اقوي من صوت الرعد وكأن السماء تبكي معه بأمطارها الغزيرة .
اتجه الشيخ احمد مسرعا نحوه ورأه ملفوفا في شال حريري عجيب وعيناه تنظر إليه معبرة بنظرة استغاثة كأنها تتحدث حمله بين صدره مخبأ وجه من الأمطار وهرول الي بيته .
استقبلته زوجته احسان وفي عينيها الف سؤال أجابها علي الفور قبل أن تحدثها تلافيف عقلها وما أصعب عقول النساء مهما بلغن من العمر أو الوعي . لحقها بالإجابة أنه وجده بجوار المسجد ولا يعلم من اين أتي. تبدلت نظرات الريبة والحيرة الي نظرات الشفقة والعطف وقررت أن يتربي مع ولديها صالح وصلاح وسوف تسميه ( خاطر ) لانها عندما رأته حاك نفسها وخاطر قلبها بالوسوسة والتساؤلات . وادخل الشكوك علي نفسها من ناحية زوجها. وكبر خاطر وترعرع مع ابنيها .
ولكنه دائما كان الطفل الساكن من الخارج المشتعل بالفتنة بداخله. كثيرا ما كان يستغل أخطاء اخوته ويسرع الي والدته ويفتن كل الأحاديث بين اخوته وبكل غضب تتسرع الام وتنهرهما وتلعنهما أمام خاطر الذي يمثل الخجل ويضع رأسه علي الارض .
استمر ( خاطر ) هكذا يشعل الفتن في البيت حتي أن اصطحبه يوما الشيخ أحمد الي محل العطارة وكان فرحا أنه كبر وبدأ يستفاد منه وأنه سيساعده إلا أن أفسد عليه فرحته عندما جاءت هذه السيدة البضة المكتنزه المهتمة بنفسها بدلال الي الشيخ احمد طالبة بعض من البخور وكالعادة كانت تدفع له لاحقا عندما تأتيها الأموال . هرول خاطر الي امه وقص عليها قصة السيدة التي تأخذ كل الاشياء بدون حساب مما اشعل نار الفتنة والغيرة بقلبها وانقلب البيت الي حريقة وتدخل صالح وصلاح ليتقصوا عن الحقيقة ونظروا شزرا لهذا الوغد الجاحد واعلموه بحقيقته أنه ليس اخيهم وأنه كان ملقي بجوار جامع وهو رضيع. صرخت الام بوجههم معاتبة ومنهارة لالا لا تصدقهم يا ( خاطر ) انت ابني . فتح الباب وخرج يجري بالشوارع غير مصدق وظل يلعن كل الظروف . وتوعد بنفسه من الانتقام من صلاح وصالح وشعر بالجحود يتملكه والغرور لحب هذه الأم له وتفضيلها عليهما. ثم استراح بجوار مطعم مأكولات وشعر بالجوع عرض علي صاحب المطعم أن يطعمه بمقابل عمل يوم كامل لديه وافق صاحب المطعم . واكل وشبع وادلف علي المطبخ كان به شاب في مثل عمره مظهره مهرتل وحذائه ممزق. سأله عن حاله وأخبره أن أجره هنا مقابل طعامه ومسكنه بمطبخ المطعم . وسوس له خاطر وأخبره أن هذا قليل ويجب أن تطلب أموال .
رفض الشاب خوفا أن يطرده صاحب المطعم فهو يكتفي بالطعام والمأوي . وسوس له مرة أخري بأن يسرق صاحب المطعم في اخر اليوم معه ويهربا بعيدا . اشتعلت الأفكار في رأس الصبي فهو المحروم من كل ملذات الحياة ووافقه علي فكرة السرقة وانتهي اليوم . وأثناء تنفيذ الخطة فاجئهم صاحب المطعم وأمر خاطر الصبي بقتله وساعده وأعطاه يد الهون الكبيرة ليضرب صاحب المطعم علي رأسه ويموت في الحال ويهربا بالأموال بعيدا .
ويتركه خاطر وحده . ويذهب الي والدته باكيا متصنعا الدموع . وتطلب من اخوته مصالحته وبالفعل وكأن شيئا لم يكن .. وتحضر خطيبة صالح وتعد الطعام مع حماتها بالمطبخ ويتجمعا وبعد الغداء تطلب الام من العروسة أن تعد الشاي . وتدخل المطبخ . ويطلب خاطر من صلاح إحضار كوب من الماء لانه تعب جدا ويذهب صلاح للمطبخ .لإحضار كوب الماء . وبعدها يدخل خاطر المطبخ . ويتعجب صلاح منه ويقول له هكذا انت كالقرد تقوم وتقفز لماذا جعلتني انهض تبا لك .
ثم بنظرة كلها ريبة يرجع إلي الجلسة وينظر الي صالح بتوتر كأنه رأي شيئا مريبا بالمطبخ بين أخيه صلاح وعروسته. لتعمل تلافيف عقل صالح ويأخذ أخيه خاطر جانبا ويسأله عن سر توتره. ولا يجيب ويدعي الخوف . وتزداد الشكوك أكثر في قلب صالح ويصمت ويسأل أخاه عن سر تواجده فجأة بالمطبخ مع عروسته التي كانت تعد الشاي. وينظر إليه أخيه بأحتقار ولم يرد عليه.
ويسال خاطر مرة أخري ويطمئنه ويوعده بأنه لم يتحدث ويخبره عن ما رأي ويجيبه علي الفور رأيت اخيك يقبل عروستك ويحتضنها استشاط غيظا واستمد خاطر طاقته الملعونه من ناره الواضحة علي معالمه . وأسرع صالح ومعه سكينا وطعن به أخيه صلاح ليصرخ صرخة مدوية يستيقظ لها كل من في البيت . وتحضر الشرطة والاسعاف ويموت صلاح في الحال ويسجن صالح ويحكم عليه بالاعدام ويموت الاب من الصدمة . وتبقي الام ترعي ابن لوسيفر وهي لا تعلم أنه ابن الشيطان .

زر الذهاب إلى الأعلى