د.سحر السيد..تكتب.. لقد رأيت شبحاً ”

 

يتساءل الكثيرون عن حقيقة وجود عالم الأشباح، ياتُرى هل هي حقيقة أم أنها حكايات من نسج الخيال والأساطير والسينما والخرافات، والحكايات التي تناقلتها الأجيال وبقيت معتقدات أساسية، فعلى الرغم من تطور العلم والتكنولوجيا في مجال الاتصالات المرئية والمسموعة، ألا انه رفع من شأن هذه المواضيع وجعلها محل حديث بين الناس، فهنالك العديد من الأشياء المريعة التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الرغم من أن البعض قد أصبح منيعاً بما يكفي، لكن عبارة “قد رأيت شبحاً” ما زالت قادرة على إثارة حالة من الصدمة والصمت في الأجواء، وهي قادرة على أن تغير من نظرتنا للأشخاص إلى الأبد، فحتى الآن هنالك العديد من الأشخاص المقتنعين برؤيتهم للموتى وهم يعودون للحياة، وهنالك طرفان في مباراة إثبات وجود الأشباح من عدمها المشككون من جهة متسلحين بالتفسيرات العلمية، أما المؤمنون بخوارق الطبيعة ومشحونين بجرعات عالية من أدرينالين آخر الليل في الأماكن المسكونة مقتنعون بأنهم قد رأوا أشياء لا يمكن للعلم تفسيرها، وهناك بعض الأشخاص لا يعتقدون بوجود الأشباح لكنهم رأوا شيئاً أثار شكوكهم وأبقوا تجاربهم تلك لأنفسهم خوفاً من وصمة العار في مجتمعهم.

ربما يشاهد أحدهم خيالًا لجماد أو لأي شيء غير متوقع فجأة، فيقول إنه شاهد شبحًا، ولكن الذي يجب معرفته أن الأشباح لم تُذكر أبدًا بنص واضح وصريح في القران، غير أن الكثيرين من أهل العلم قاموا بتصنيفها على أنها تتمثل في الجن أو الشياطين، وهي تظهر لبثّ الخوف في نفس الإنسان، وبعضها يرغب في إلحاق الأذى به، فربما الاعتقاد بوجود الأشباح أو الجن قد تطورت كنتيجة للاعتقاد الشائع منذ أزمنة طويلة، أن الإنسان يمتلك روحًا تبقى حتى بعد موته، إذ إن الإنسان لم تكن لديه القدرة على احتمال فكرة فراق أحبته إلى الأبد، فبدأ يزعم أن تلك الأرواح قد تأتي لزيارة أهلها بعد الموت وتعيش معهم، وهكذا وصولًا إلى فكرة الأشباح والجن.

ففي معركة إثبات وجود أو عدم وجود الأشباح، فإن معظم الناس يخوضون تجربة ما كرؤية الأشباح  وبمجرد اتخاذهم خطوة الاعتقاد بذلك، فالأشباح تصبح حقيقية بالنسبة لهم، بمعنى آخر يصبح لها تأثير ملموس على حياتهم أي باختصار أصبحوا موجودين، ويبدو بشكل ملحوظ أن التجارب الخارقة للطبيعة لطالما اتبعت أنماطاً محددة عبر التاريخ، حيث يتخذ المقتنعون بوجود الأشباح من ذلك دليل على حقيقة وجود الأشباح، بينما المشككون يرون ذلك كمرضٍ معدٍ سببه الاعتقاد، وما يثبت الأمر أكثر من أي شيء هو حاجة البشر لوجود الأشباح، حيث أن ذلك متأصل في أعماق النفس البشرية وصعب تحويله.

فعلى الرغم من جهود المشككين إلا أنه من الصعب تجاوز الخزعبلات التي تصاحب اعتقاداً كهذا، فهنالك العديد ممن يؤمنون بوجود الأشباح، كما أن هنالك العديد ممن لا يؤمنون بوجود الأشباح لكنهم لا يتجرؤون على قضاء ليلة واحدة في بيت “مسكون” لأنهم في أعماقهم يؤمنون بوجود الأشباح بما يكفي ليجعلهم يخافون ذلك، فمن الواضح أن الأمر عاد للظهور مجدداً بعودة ظهور طاردي الأرواح الشريرة وكذلك أفلام الرعب التي تملأ دور السينما وقصص الأشباح التي ما زالت تلقى أقبالاً كبيراً، كما أن وفاة شخص عزيز علينا قد يغير من موقفنا تجاه الأشباح، فبعض الأشخاص قد تظن أن وميض المصباح أو كسر شيء ما أو فتح النوافذ فجأة في منزلها هو عبارة عن إشارة لوجود هذا شخص في المنزل، مما يثير صراعاً بين العقل المشكك والقلب المحطم المفجوع بفقدان من نحب، فقد يزعم الكثير من الناس أنهم يشاهدون أشياء غريبة في غرفهم، أو أنهم يرون أجسامًا مرعبة فوفقاً لبراين شاربلس فإن مشاهدة الأشباح في الليل أو استشعار وجود تلك الكائنات الشيطانية إنما يعتمد على عوامل ثقافية وموروث اجتماعي نشاء الشخص خلاله.

post

فما حقيقة وجود الأشباح في الإسلام، قد نفى الدين الإسلامي نظرية أن الأشباح هي أرواح الموتى، ولكنه أقر أن الأشباح هي نفسها الجن الذي لا يمكن رؤيتهم من خلال العين المجردة. وظهور الشبح وتخويفه للإنسان هي نفسها العملية التي يقوم بها الجن الذي يلبس الإنسان، فوفقًا للمفهوم الإسلامي أن هناك مخلوقات قد خلقها الله من مارج من نار ولكن تلك المخلوقات خفية ويطلق عليها اسم الجن، وتصنف لنوعان جن مؤمن وهو لا يؤذي الإنسان ونوع آخر وهو الجن الكافر أو كما يطلق عليه اسم الشيطان، وهو من يحاول مس الإنسان وتخويفه ويتجسد أحيانًا في صورة شخص ميت أو من خلال صورة مرعبة، وبالنسبة لمعتقد أن الأشباح هي أرواح للموتى فذلك معتقد خاطئ في الإسلام، وذلك لأن الموتى لا يعودون للحياة الدنيا مرًة أخرى.

وربما يحتاج المشككون لأن يكونوا حذرين أكثر في سعيهم للقضاء على المعتقدات اللاعقلانية وحل ظلال الأشباح تلك بأضواء المنطق القوية، فهنالك الكثير مما ينبغي علينا القيام به لتقديم التفسيرات العلمية والعقلانية لتلك التجارب الشبحية، لأن تلك التفسيرات هي التي ستساعدنا في مجابهة الخوف إن كان منزلاً مسكوناً أو أن الشخص نفسه مريضاً عقلياً.

زر الذهاب إلى الأعلى