د.نور الدين منى ..يكتب..الحقائق المُرَّة السورية الحقيقة 4

واقع المرأة السورية

روعة محسن الدندن

يتناول هذا المقال
– بعض الجوانب والإضاءات على واقع المرأة السورية
حيث رُصِد الإخفاقات السياسية في تحقيق التحرر الحقيقي
للمرأة السورية واستقلالها الاقتصادي.

– كان تحرر المرأة السورية شعاراً منذ أن تسلم حزب البعث السلطة
في مطلع الستينات، باعتبار أن
شعار تحرر المرأة يعتبر مسؤولية أخلاقية واقتصادية؛
وذو أبعاد سياسية وتنموية في تطوير المجتمع السوري.

– التغير البنيوي بما يخص دور المرأة السورية، لم يعكس نتائج مرضية إطلاقاً بما يخص تطوير المنظومة التربوية والتعليمية والمؤسساتية، حيث للمرأة دور هام وبارز .

– سجلت تطورات للمرأة السورية بما يخص زيادة عددية في
مجالات العمل؛ ولكنها ليست زيادات معنوية إحصائياً ،
فهي ما زالت نتاج لتخلف الرجل، حيث تعيش واقعاً
( اجتماعياً واقتصادياً) يرتبط بالرجل بشكل مباشر؛ وبالمجتمع الذكوري والذهنية الذكورية المحيطة بشكل عام.

post

– حيث تبدو بأنها متحررة في ممارسة عملها، لكنها في أعماقها تشعر بأنها مكبلة بقيود وتشابكات كخيوط العنكبوت؛
الناتجة عن موروث اجتماعي ذكوري مزمن.

– ورغم دخولها المجال العملي كالرجل سواء في القطاع العام أوالخاص؛ لكنها في الحقيقة ليست مستقلة اقتصادياً،
ولا التشريع القضائي ساعدها على ذلك.

– وهذا بمجمله ومن الناحية العلمية والاحصائية يجعلها منذ أكثر
من نصف قرن تنتمي إلى مجتمع استهلاكي تمتعت به،
فأصبحت جزءاً من المشكلة، إذ أغراها المجتمع الاستهلاكي
أكثر من مساهمتها في إنتاج مجتمع إبداعي إنتاجي..
وهذه المسؤولية تشاركية تتحملها الدولة والحكومة والأحزاب .

– واقع المرأة السورية بهذه الصورة؛
لا يبشر بالانتقال إلى المجتمع الإبداعي؛ وخاصة ما بعد الحرب
والمأساة السورية.. والتي ألقت بظلالها على المرأة ومسؤولياتها الجديدة، وكشفت عن مشاكل اجتماعية ونفسية كثيرة،
لا داعي للخوض فيها.

– تتشارك المرأة مع الرجل المسؤولية في تفكك المجتمع السوري؛ حيث نسبة الطلاق الروحي والشرعي إضافة لحالات الطلاق المرتفعة في المهجر؛ من حالات لم الشمل… وطلاق من الطرفين.
وهذا مؤشر لهشاشة الأسرة السورية وتركيبتها .

– موضوع المرأة واسع وشائك ومعقد، إلا أنني اخترته أن يكون
أحد الحقائق المرَّة السورية.. التي يفترض أن يعاد برمجته،
ليكون لها دور في إعادة بناء سورية الحديثة على أسس مختلفة… حيث ذهنية العمل المؤسساتي والجدارة والكفاءة والمنظومة التربوية والقيم الأخلاقية والمواطنة .

– وبكل الأحوال كلما زادت سطوة المجتمع الذكوري وسلوكيات المجتمع الاستهلاكي، كلما انحسر دور المرأة لتصبح هي جزء
من المشكلة وليست جزءا من الحل .

– المرأة من الناحية العددية النسبية تمثل نصف المجتمع، لكنها من الناحية المعنوية والفعلية والأثر فهي تطال المجتمع بكامله؛ كتربية وتعليم؛ ومكانتها كأم وأخت وزوجة وابنة وزميلة وناشطة وعاملة
في المجتمع .. ومتفاعلة مع المجتمع بمواقعه المختلفة.
لذلك لا غرابة في قول أحد الحكماء:
إذا كان لديك ابن وابنة.. وتستطيع تعليم واحد منهما،
فاختر تعليم الابنة.

* هل المرأة السورية حقاً حققت إنجازات على صعيد التحرر
بكل معانيه؛ بما فيه الاقتصادي؟
وهل حصلت على حقوقها الميراثية؛ أو حتى الحقوق من زوجها
في المحاكم المدنية …؟

– الكاتب على علم بالكثير من الحالات من سيدات عاملات في مهن متنوعة… وتساهم بشكل مباشر في المصروف؛ وبالتساوي مع الزوج؛ وأحيانا أكثر منه.. ليكون كل شيء في النهاية باسم الزوج ..
ويقف القضاء عاجزاً عن إنصافها إذا وقع خلاف بينهما..
بناءً على قاعدة :
القانون لا يحمي المغفلين.
وهنا لا تحصل المرأة على حقوقها في الملكية…
هذا قضاء في الأوطان المزورة، لكن في الأوطان الحقيقية فهناك تشريعات تنصفها تماماً ، فحقها محفوظ سواء احتفظت بإيصال..
أو فاتورة.. أو عقد.. أم لا.

– تغلب قوة الموروث على قوة الشرع والقانون، لذلك قد تحرم المرأة من الميراث بتأثير العرف، ويوزع الميراث، بحيث تحرم الابنة
أو المرأة ..وهناك أمثلة كثيرة من البيئة السورية بهذا الخصوص.

– طالما كانت المرأة السورية مقيدة؛ بسبب عدم الاستقلال الاقتصادي الحقيقي المبني على تشارك الملكية؛ لا التبعية للرجل المتمتع بالملكية والقوة الاقتصادية.. لذلك فقرارها ليس حراً، وإنما مرتهن بمن يصرف عليها ويقدم لها المنزل …

– المرأة والمواقع الإدارية
في بعض الكليات الجامعية؛ تكون نسب الإناث أكثر من الشباب..
لكن من حيث الواقع العملي هناك تمييز نسبي في المواقع الإدارية
في جميع القطاعات الحكومية لصالح الذكور…
وفي بعض الحالات التي تتبوأ فيها المرأة منصباً، فتكون نتيجة وساطة ومحاباة وارتباطات شخصية وليس نتيجة معايير الكفاءة والجدارة والجودة والأمثلة كثيرة…إلا ماندر..!!

– ما سجل عن المرأة عندما تتبوأ موقعاً إدارياً، أنها تتعامل بتنمر وخشونة مع بنات جنسها؛ مقارنة بمن يعمل تحت إمرتها من الذكور.. والأمثلة كثيرة.

– الممارسة في العمل والإدارة
– تسجل كثير من الحالات.. تمارس فيها المرأة مثل الرجل الفساد والرشاوى… في التعليم وفي القضاء وفي الوظائف العامة….
وبذلك تساهم في التردي العام. يضاف إلى ذلك، أن هناك حالات من وصول المرأة للمناصب الإدارية؛ تحصل نتيجة الفساد الأخلاقي.. بمعنى تسليع المرأة.

– حالات تُستغل فيها المرأة لشكلها وأنوثتها؛ لتحقيق غايات شخصية ومصالح مادية.. حيث تستغل المرأة بشكل فظيع من قبل المسؤولين الذكور في الدولة في القطاعات الرسمية؛ من حيث الاعتداء والتحرش؛ وخاصة عندما تكون صاحبة حاجة لأسرتها؛ وحتى حاجة لزوجها..
فلا يتوانى المسؤول، أن يطالبها ليس فقط بمقابل مادي؛ وإنما أيضا بتنازل أخلاقي..
وحتى هذا يطال بعض الترشيحات بدخول البرلمان…

– وبرصد الحضور النسوي في المجتمع السوري؛ وخاصة في عقود
ما بعد مطلع الستينات.. فإننا نجد أن حضورها لايخضع لآليات التقييم الحقيقية في المناصب ومراكز القيادة والعمل.. فنراها وهي تشغل منصبا كبيراً تتصرف لإرضاء أولي النعمة، والحفاظ على لقب مُنِحَتْ إيّاه. وهي تدرك كنهه كجائزة ترضية مدفوعة الثمن من عزتها وكبريائها…

– المرأة قد تشارك بالفساد بشكل مباشر أوغير مباشر؛ عن طريق زوجها أو مديرها.. على شكل شبكة تسهل الفساد.

* صور من أمراض المجتمع
– ويسجل على المرأة التباهي بارتفاع المهور، بما يتعارض مع التشريعات الدينية.. حيث العادات والأعراف لا تأخذ بالوصايا الدينية.. ومن كل المذاهب.
وارتفاع المهورهو سبب مهم للعنوسة.. والمشاكل الاجتماعية
الناجمة عنها.. وهكذا…!!

– قد ترى المرأة تحاضر كمسؤولة في أحد المنظمات أوالمنتديات… وتنتقد غلاء المهور وغيرها من القضايا الاجتماعية.
وإذا سنحت لها الفرصة، تباهي هي وغيرها ببذخها؛ وارتفاع مهر أولادها؛ أو من يخصُّها..

– اهتمام نسبة من النساء بالصرعات والموضات؛ وعمليات التجميل بشكل مبالغ فيه وغير ضروري؛ بقصد المباهاة والمقارنة؛
وليس بالضرورة للحاجة…
وهذا باعتراف مختصين وخبراء.. حيث يتم استغلال اهتمام المرأة بشكلها وجمالها؛ لتمرير وبيع بضائع وسلع تجارية وأفكار غريبة وصرعات… وغيرها…!!

– وهناك فئة تمضي معظم وقتها ؛ وعلى حساب أمور أكثر أهمية بالمشاركة بكل الأمسيات والصبحيات والندوات الشعرية وغيرها، لتعطي انطباعاً بأنها من الراسخين في الثقافة والأدب والشعر.. وهن في الواقع يجمعن جملة من المعلومات عبر المطالعة وغيرها، ويتمتعن ببعض المهارات …

– وهناك نساء يسهمن بشكل فعال في إعالة أسرتها وبنائها…
ونساء أخريات أثبتن حضوراً مهنياً واجتماعياً بشكل أو بآخر.

– المرأة تمثل نصف المجتمع من حيث التكوين… وكله من حيث البناء والتأثير ولكن لو درسنا واقع ووضع المرأة السورية منذ بداية الستينات من القرن الماضي… فإنه استدلالاً يجب أن يكون واقعها مخالف
لما هو عليه حالياً.

– لقد تم العمل على تشويه المجتمع بنيوياً من خلال العبث بالقيم الاخلاقية الناظمة للوحدة الأولى فيه وهي الأسرة..
والتي عماد توازنها تمتع المرأة بشخصية اعتبارية؛ ذات تأثير فاعل حقيقي لا مزيف.

– منظمة الاتحاد النسائي؛ على سبيل المثال؛ أفرغت من محتواها ودورها الحضاري المفترض…
وذلك بتبعيتها الحزبية؛ و دورها المبتور في تنظيم الحركة النسوية؛ والعمل على الحضور الحقيقي للمرأة في قيادة المجتمع..
فكانت كياناً مترهلاً بكادره المحسوب على وساطات وولاءات
لاتخفى على أحد.
وإمعاناً في التهديم لا البناء؛ لم يتم التغيير أو إصلاح هذه المنظمة، وإنما تمَّ حلُّها، ليأخذ مكانها تنظيم القبيسيات (معلمات القرآن)؛
مكتوم النشأة والتوجّه.. للعوام ….

– رسم للمرأة السورية دور مشبوه؛ من خلال الزواج السياسي؛ والتنازل عن كبريائها وشخصيتها لمصلحة الرجل؛ وتقديمها كسلعة تفاوضية؛ لنيله مكتسبات سياسية؛ وعقود عمل؛ ومناصب عليا…

– تمَّ الزجُّ بها في خضم دائرة الدين برعاية وزارة الأوقاف؛
ذات النفوذ الفعلي على البلاد والعباد. فأصبحت داعية أو معلمة
باسم الدين.. ترسم لقريناتها المستقبل في ظل الرجل وتحت إمرته ولطاعته دون نقاش…!!!

– يؤخذ على المرأة بشكل عام، أنها تصرف جُلَّ طاقتها في قضايا سطحية، تعزز من دونية وضعها في الأسرة والمجتمع..
على الرغم مما تحمله من شهادات جامعية أو عالية.

– تم تغييب الوعي الفردي والجمعي للمرأة، فباتت لاتتمتع برؤية واضحة، عما تريده وعن دورها.. ولاتشعر، بأهمية ماتقوم به من خلال دورها المقدس؛ في بناء اللبنة الأولى؛ بتربية الأبناء تربية صحيحة.. لاتحاصرها في مسيرتها فكرة أنها خادمة، وتشعر بالعار من كونها
ربة منزل في كثير من الحالات.

– ولاننسى الدورالإعلامي المشبوه؛ والممول بسخاء،
لإنتاج مسلسلات تعمق النظرة المشوهة عن المرأة،
وتعزز دونية مكانتها.

– ولايفوتنا النقد بموضوعية لواقع المرأة التي تمارس جلد الذات؛
من خلال موقفها من بنات جنسها؛ والنيل ممن تتصدر منهن المشهد الثقافي أو المهني.
هذا التدمير البنيوي والمعرفي؛ زاد بعد سنوات الحرب، التي كرست تغيير التركيب الديمغرافي لبنية المجتمع، وبات التعداد النسائي
هو السائد.. مما اضطرها لتدخل سوق العمل سواء أكان مناسباً أم لا؛ وخاصة بعد فقد المعيل ( زوج.. أب.. أخ.. أبناء…)..
مما ساهم في زيادة تفكيك الأسرة السورية وتشرذم روابطها..

– حتى على صفحات الفيسبوك.. قد يحصل للمرأة أن تخرج من صفحات الفيسبوك نتيجة ملاحقة الزوج أو الأخ أو الابن؛ لتعليقها
على بعض الصفحات.. حتى لو كانت ثقافية.

– كثيراً ما يتم التبجح إعلامياً بالحضور النسوي المجتمعي
في هذه الأوطان. ولكن حقيقة الأمر أن دور المرأة قد تم بتره
من خلال التهميش المتعمد للمرأة غير العاملة؛ والنظر بدونية
لعملها كربة منزل.

وكذلك من خلال التحجيم الفعلي لدور المرأة العاملة..
والتي أخذت مكانها ضمن سلسلة الرتب والرواتب..
وقناعة الكثيرين بعدم أهليتها لتتبوأ مناصب قيادية مهمة…
وفي حال تم ذلك، فإنه يتم لاعتبارات شخصية مرتبطة بالمعارف والوساطات؛ وتلوين المشهد إعلامياً باللون الأنثوي؛ تماشياً مع
حضور المرأة في المجتمعات المدنية الحقيقية…

– المرأة مقيدة في هذه الأوطان بسبب عدم الاستقلال الاقتصادي الحقيقي المبني على تشارك الملكية؛ لا التبعية للرجل المتمتع
بالملكية والقوة الاقتصادية.
لذلك فقرارها ليس حراً، وإنما مرتهن بمن يصرف عليها،
ويقدم لها المنزل.

– في الأوطان المزورة؛ يتم تعويم فكرة تسليع المرأة..
وحتى أن المرأة نفسها تتعامل مع كيانها ووجودها كسلعة، وتحارب بنات جنسها إن شبَّتْ إحداهن عن الطوق، وفكرت، وتصرفت
خارج صندوق العقلية المتخلفة.

وخلاصة القول :
أن المرأة السورية بشكل عام لم تتحرر ثقافيا ولا فكريا ولا اقتصاديا ،
ولم تمتلك بعد حرية الرأي والتفكير ، ولم تستطع كما ينبغي أن تكون؛ موجهة وممتلكة لناصية الدفع باتجاه مجتمع وجيل مبدع وحر .

بينما هي في الموقع الذي يمنحها هذه القدرة.
بل ظلت وعبر الأجيال مهمشة ، وراضية بتهميشها ، وغير قادرة على الدفاع عن حقوقها؛ وبالتالي حقوق أولادها وأحفادها ؛
في حياة حرة كريمة .

زر الذهاب إلى الأعلى