المولد النبوى الشريف بين إحتفالات نابليون،وإساءة ماكرون

د. سهام عبد الباقى محمد
الباحثة الأنثروبولوجية- كلية الدراسات الأفريقية العليا
لاقت إحتفالات المولد النبوى الشريف فى مصر إهتماماً كبيراً وظل المولد النبوى مناسبة إستغلها الكثير من حكام مصر الأجانب لإمتصاص سخط المصريين ومحاولة التودد إليهم، بالمشاركة فى مظاهرها الاحتفالية ،وفي ظل الحملة الفرنسية على مصر كان يٌغطى نفقات الإحتفال بالمولد النبوى الشريف نابليون بونابرت،وفقاً لما ذكرة المؤرخ «عبدالرحمن الجبرتي» الذى عاش فى زمن الحملة الفرنسية مؤكداً إهتمام نابليون بونابرت بإقامة الإحتفال بالمولد النبوى الشريف سنة (1213هـ 1798م) من خلال إرسال نفقات الإحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسى إلى منزل الشيخ البكرى نقيب الأشراف فى مصر فى حى الأزبكية وكان يتم إرسال الطبول الضخمة والقناديل والألعاب النارية إحتفالاً بالمولد حيث إتبع نابليون سياسة إظهار الإحترام للدين الإسلامى والتقاليد الدينية المتوارثة، كما ترسخ لدية الإعتقاد بأن الإحتفال بالمولد النبوى من شأنه أن يقرب الفجوة بينه وبين المصريين لإرتباطهم الروحى والدينى الكبير بالنبى محمد صلى الله علية وسلم. واعتمد نابليون فى سياستة على مشاركة جيشه رسمياً فى إحتفالات المصريين الدينية، إلى جانب إظهار التوقير والإحترام لمشايخ وعلماء الأزهر الشريف. وكان نابليون كثيراً ما يجتمع بعلماء الأزهر، على موائد الطعام فى المناسبات والأعياد الدينية.بصحبة علماء الحملة الفرنسية أعضاء المجمع العلمى، وكبار ضباط الجيش،ولذا نجح نابليون فى التقرب من المصريين والإستحواذ على مشاعرهم لإحترامه لعادتهم الإجتماعية ومقدساتهم الدينية، حيث تعامل مع المصريين من خلال ثقافتهم الأصيلة فجلس على الأرض وأكل بيدية،وشاركهم مشاعر البهجة والسعادة فى مختلف مناسباتهم الدينية،واظهر احترامه للنبى محمد وللدين الإسلامى .فهل يمحى هذا أن نابليون كان محتلاً وغازياً؟. بطبيعة الحال الإجابة لا.ولكن ما أظهرة من إحترام وإن كان من باب المكر والدهاء السياسي، جعل هناك مساحة من الإحترام بينه وبين المصريين،وعلى النقيض من ذلك يأتى خلفه ماكرون ليوجه إساءة لكل المقدسات والرموز الدينية فى شخص النبى الهادى محمد صلى الله علية وسلم، والدعوة الإسلامية والتى تزامنت مع ذكرى مولده، ثم بدأ يتراجع شيئاً فشيئاً بعد ما أصاب الإقتصاد الفرنسي من تدهور جراء مقاطعة الدول الإسلامية للمنتجات الفرنسية. والفرق بين الرجليين أن الأول قد أرتأى أن احترامه لقيم المجتمع المصرى الدينية والذى يحظى بغالبية مسلمة يمكنه من تحقيق أهدافة السياسية والإقتصادية فاتبع خطاب المحبة الدينى،بينما اتبع ماكرون خطاب الكراهية ضد الاسلام والمسلمين لإرضاء جانب اليمين المتطرف، في محاولة منه لرفع شعبيته المتدهورة فى فرنسا مما أثار حفيظة وغضب العالم أجمع لذا ليس بمستغرب على حكام فرنسا التلاعب بالمقدسات الدينية إنطلاقاً من سياساتهم وتحقيقاً لأهدافهم فماضيهم وحاضرهم خير شاهد.

زر الذهاب إلى الأعلى