“الشيخ عطية صقر زوجًا وأبًا حنونا ومعلمًا”

سلوى النجار 

اليوم نسلط الضوء على زاوية بسيطة من حياة العالم الجليل والفقيه المستنير ،المجتهد في عصرنا الحديث ،
فضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله رحمة واسعة، والحديث اليوم عنه كيف كان زوجًا.وأبًا؟ ،كيف كان في أسرته ومع أقاربه ؟إنه الشيخ العلامة الفقيه صاحب المؤلفات العظام ،والفتاوي التي ملأت الآفاق فأنارت دروبًا وطرقات،
لكنك أيها القاريء لاتعلم عنه كيف كان زوجًا وكيف كان أبًا؟.باديء ذي بدء أقول لكم كان زوجًا محبًالزوجته حبًا جمًا،لها في نفسه المعزة والتقدير ،ولم يكن يُخْفِ ذلك بحال من الأحوال،وكما نعلم جميعًا فالحب ليس فقط كلمات تقال ،أو لحظات تُقضى ،ولكنه أسلوب حياه،
فقد كان الشيخ في بيته سكينة وسكنًا
عندما تدخل بيته ترى السكينة تُخَّيم على أركانه ،ترى بيتا لاصخب فيه ولاشغب، وعندما يدخل الشيخ بيته تزيد السكينة ويعلوه الوقار .

كان في بيته يتقن كثيرًا من المهن التي قلما يستطيعها رجل في مثل قيمته وقامته، كان يتقن الخياطة ، نعم يتقن الخياطة فيُّفصل الثياب بنفسه لأولاده،
ويفصل الأغطية للكنب ،والصالونات ،كأحسن وأتقن خياط. ولِمَ لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم تشرف بزيارة ربه في الملأ الأعلى وعندما نزل كان في مهنة أهلة يخصف النعل ويخيط الثوب ويمشي مع العجوز حتى يقضي حاجتها.والله تعالى يقول:{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا}الاحزاب ٢١
حنان الشيخ :كان حنونا على أطفاله ؛فكان حبه وحنانه يغلب حنان الأم على ولدها ،فكان يحمله ، ويهندم له ملابسه،
ويمسح بيديه الكريمتين دموعه.
وكأنه كما يقول الشاعر:

من ذا يكون كأبي
في فرحتي وحزني
اذا مرضت لم ينم كأنه يشكوا الألم
كأن نفسي نفسه وحيدة لم تنقسم

تقول ابنته الدكتوره سهام صقر :
كان حريصًا على تعليم ابنائه حتى وصلوا إلى إلى أعلى مستويات العلم،وعند زواجهم لايشترط شيئًا معينًا ولايكتب شيئًا بل ييسر للزوج الصالح.

post

وعند مرض زوجته قبل الموت كان هو القائم على خدمتها بنفسه، ويقوم بكل مهنة أهل بيته عن حب ورغبة لذلك.

وتقول ابنته الاستاذه ايمان صقر:تقول أرسل إليها رسالة وهو فى مجال الدعوة في الكويت هذه الرسالة تحوي دررًا ثمينة نستخلص منها مكارم الأخلاق التى تتعلمها الامة منه أبًا حنونا وشيخًا مربيًا وسفيرًا عن بلده للدعوة للإسلام
يقول فيها: يازهرة الفل التي **منها عبير نشوتي.
عيشي وعيشي دائمًا **في فرح وبهجة
وإنْ تريدي حِلية **فالعلم أكرم حِلية
بالعلمِ والإيمان يا **إيمان مجد الدولة
ويعقب ولده الدكتور مهندس سامح صقر : فيقول : تعلمنا منه الجد والاجتهاد والاعتماد على النفس وعدم الاتكال ،وتعلمنا التواضع والامتثال لأمر الله. ،لذا فقد نبغ أولاده جميعا حتى وصلوا إلى مناصب قيادية كلُُ في مجاله

الشيخ في بيته مفتيًاوعالِمًا يرد على فتوى المتصلين : كان لايرد أحدًا يتصل به في فتوى رغم أنه في بيته وبين أولاده ، وفي هذا يشهد الكثير من الناس.

ويستقبل الضيوف من الأقارب يبيتون عنده بالليالي حتى تنقضي حوائجهم فلا يشعر الضيف بضيق ،او تضجر او حتى مجرد قلق ،سكينة وسكن ،لكل من دخل.

ويستقبل الوفود من الطلبة في بيته يعطيهم من الابحاث ومن العلم لوجه الله هبة ،ليتعلموا ولينفع الله بهم. وفي هذا اعرف شيخا دكتورًا عليه رحمة الله ذهب إليه يسإله عن موضوع بحث يريد أن ينجزه ، فقال له خذ هذا البحث واستفد منه .
وفي قريته الصغيرة بهنباي محافظة الشرقية ،كآن يستقبل الوفود من الضيوف ،والمحبين والمستفتين طوال الفترة التي يكون فيها ،بلا ملل أو كلل

ويزور من له حق الزيارة هو وزوجته عليهما رحمة الله.
تُوفي له ولد مهندس ،وابنة مهندسة في حياته ،فكان نعم الأب الصابر.

وتُوفيت زوجته في حياته فبكاها بكاءًا حارًا يفلق القلب على فِراق رفيقة دربه وأنيسة مجلسه وأم أولاده .

اختم بهذا الموقف الذي لأنساه محفورًا فيى ذاكرتي وأنا طفلة لم تتجاوز سبعة أعوام ،كنت مع أمي عليها رحمة الله عند الطبيب ، وكنا آخر الكشوف نهارًا ،وقبل أن يغادر الطبيب العيادة، سألنا هل أوصلكم معي إلى مكان ما، فقالت له أمي نشكرك جدًا فلما ألح عليها قالت له ،والله إنا سنذهب إلي قريبنا الشيخ عطيه صقر وهو يسكن قريبًا من هنا ،والمسافة لاتحتاج كثير ًا
فلما سمع اسمه كاد الطبيب أن يحملنا من على الأرض حفاوة وتحية وإعزازًا وقال :ظللت سنين أصلي الجمعة معه ولم يقبل مرة واحدة أن أوصله إلى بيته. هكذا كان الشيخ يحب أن يتنقل في المواصلات ،تأليفًا لنفسه مع الناس ،وللناس معه.

ستتعجبون من أخلاق هذا الطبيب ، ولكن وجد هذا الطبيب في زمن وجد فيه الشيخ في زمن تسامت فيه قيم الدين والأخلاق والأصول . امتزج فيه القول والعمل ،والعرف الحميدالمتأصل بين الناس. ما أحوجنا في هذا الزمن إلى هذه الأخلاق ،وهذه القيم وهؤلاء العلماء العاملون لربهم ،رحم الله الشيخ عطية صقر وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء.

زر الذهاب إلى الأعلى