إعادة صياغة التاريخ

 

بقلم : د. ليلي صبحي

عمدنا نتنسم عبق التاريخ نجد أنفسنا نمجد الأعمال البارزة التي تمت في حدود زمانيه ومكانية ما ومن ثم ندعم ما هو قد اثري التاريخ ، كما نذكر السلبيات أيضا حتي يمكن تلافيها من أجل مستقبل افضل ، فالتاريخ ليس سردا للأحداث تحفظ الماضي واحداثه، إنما الغرض من إعادة صياغة التاريخ او ترميزه هو الوصول الي الحقيقة التاريخية ، الايجابي منها والسلبي ، والتي يمكن من خلالها الإفادة من التاريخ في أغراض البحث العلمي بمنهجيته ونظرياته والفروض العلمية الجاري التحقق منها في إطار النظرية والمنهج ، بشرط أن تكون الفروض قابلة للتحقق المنهجي التطبيقي منها وصولا الي نتائج نستفيد من تحليلها.

وفي سياق متصل نشير الي أن عبق التاريخ لا يعني وقائع واحداث عبر الزمان والمكان وفي حقبة تاريخية ما ولكن يعني مدي تحسس الفرد لاسترجاع أحداث عاشها الآباء و قد يكون الأجداد وسردوها لنا ان آجلا أو عاجلا من أجل تشيؤ أحداث وأفراد عاشوا تلك الأحداث، وتلك الأحداث ما لبثت أن تركت أثرا أو بصمة يحفل بها التاريخ وتسجل بحروف من نور علي صفحاته ، ونحن إذ نعيد صياغة التاريخ يلزم سرد الإيجابيات من أجل دمغها للحقائق الموثقة ،والبدء من حيث انتهي الآخرون ودحض السلبيات التي افسدت امورا واحداثا ، قد تكون ممنهجة من أجل مصالح شخصية او دولية وقد تكون عابرة في غفلة من الزمن ، وعلي سبيل المثال لا الحصر كان ” هيرودوت ” اول من دون التاريخ بطريقة علمية قائمة علي المشاهدة والملاحظة الثاقبة ، فلا غرو أن لقب بابي التاريخ .

ومن الجدير بالذكر أنه عندما نعيد صياغة التاريخ لا بد أن نتأمل في الماضي لكي نعيد التروي في لغة الخطاب الثقافي في تلك الاونه ومن أجل الإستفادة من خبرات ماضية للاستفادة منها في مستقبل افضل مع عدم اغفال المهارات المكتوبة والتراث الحافل الذي سطرته صفحات التاريخ ، “فمن لا ماضي له لا حاضر له وربما أيضا لا مستقبل له” فالتاريخ يستمد قوته من تحليل الماضي والاستفاده منه برمته لكي نصقل خبرة التوثيق بمصداقية ولكي نستمد القوه والثبات في تحري أحداث سابقة او راهنة ، من أجل التمهيد لما هو افضل يجمع بين إيجابيات الماضي والحاضر مضاف إليها الدروس المستفادة من أجل قيم تضاف الي تاريخ أجدادنا الفراعنه يلزم الإشادة بعظمتها ، انها حضارة 7000 سنة.

post

هناك أقوام لا تعرف ماضيها لأنها كانت تعيش حياة غارقة في الجهل وهي لا تعد من شعوب الارض المتحضرة ، لأنه لا اثر لها ولا بصمات سجلها التاريخ ، لذلك فإن الطريق الذي نسلكه لإعادة صياغة التاريخ محاط بالاشواك اذا لم نتحري الموضوعية والشفاقية والمصداقية ، وإذا ما سيطرت الأهواء والعواطف والمصالح كذب التأريخ الصادق ، هنا يلزم اتباع المنهج العلمي التاريخي في التوثيق ، ويقصد بعلمي هنا خطوات منهجية منظمة تتبع طبقا لضوابط وقيود يحكمها المؤرخون ،وهنا يلزم التأكيد علي الرجوع الي الأصول والحقائق الدامغة والتي لا شك ولا تشكيك في مصداقيتها ، فهي وحدها الكفيلة بالقاء الضوء علي مختلف الحقب التاريخية ، فالثقافة المدونة هي التي تعلو وتفوق الثقافة الشفاهية وخاصة المفعم منها بالاهواء الذاتية والشخصية ، فالتاريخ ما هو إلا حلقات مسلسلة اذا ما غابت حلقة حدث فجوة والتف الغموض والبلبلة علي حلقات تالية أو أحقاب متعاقبة من الزمان.

عندما نتنسم عبق التاريخ ونفكر في إعادة صياغتة من اللازم الإشارة الي أحد المؤرخين الذين ظهروا في عصر ركود ثقافي وعلمي وتراجع حضاري لمصر وغيرها من دول العالم الإسلامي، حيث ظهور مؤرخ مثل عبد الرحمن الجبرتي الذي يعد ظاهرة متفردة ، وأرجع ذلك الي البيئة العلمية التي نشأ فيها ، وكان حبه للاستطلاع قد انتقل به الي مواطن الأحداث، وتميز بالدقة والموضوعية ، وقد وثق الجبرتي تاريخ هذة المرحلة بجهد علمي خلد اسمه في تاريخ المؤرخين وتشدقت به صفحات التاريخ .

زر الذهاب إلى الأعلى