الهوية

بقلم شمس الاصيل العابد من تونس الخضراء
صنفت الهوية من القضايا القديمة المتجددة التي ما تلبث ان تفرض نفسها عند معالجة أي بعد من ابعاد التنمية الثقافية بالمفهوم الإنساني الشامل من ناحية وبمشاريع اصلاح القضايا العربيةالمحورية من ناحية أخرى.
وتعرف الهوية في معجم المعاني الجامع بالبئرالبعيدة القعر،هوية الانسان حقيقته المطلقة وصفاته .وتعني الهوية في الفلسفة حقيقة الشيئ و الشخصية التي تمييزه عن غيره.
ويمكن ان نحدد معنى الهوية من آثارها في الواقع بدور كل فرد في الحياة،ومساهمته في صناعة التاريخ والحرية والمجد وليس في مدلولها اللغوي.
والجدير بالذكر ان طرح هذه المسالة يعد نقطة تحول من التهميش الى الانفتاح والتطلع على الذات العربية ،فكان سؤال الهوية العربية وكيفية اعادة الاعتبار إليها مرتبطا بسؤال العقل العربي وكيفية تصوره لهذا المفهوم حيث يسمح له الشعور بالانتماء.وهنا تتجلى علاقة العقل العربي بالهوية ودورهما في تحقيق مطلب روح الحضارة العربية .فماهي التحديات التي ينبغي ان تتمثل في افق تفكير العقل العربي وكيف يمكن ان يصنع التغيير ؟
وهل يمكن له تحقيق هذا الوعي الفكري والوجداني بمعزل عن الوعي بالهوية العربية بما تعنيه من انتماء ،عروبة،حضارة ثقافة؟ . ماهي السبل الكفيلة لتخطي المشهد العربي الراهن بمضاعفاته الخطيرة في شتى المجالات نتيجة فقدانه لنبراس الهوية الذي آل الى العصف بالكيان العربي وتهاطل الجائحات الخطيرة عليه.
ولسائل ان يسال مالذي آل بالهوية العربية الى إنقلاب الموازين؟
الهوية ارهاص فكري وارتباط وجداني وباكتمالهما يتحقق مطلب بناء الحضارة العربية وصناعة التاريخ .فالعقل الصانع للتاريخ ليس هو العقل الاسير في سجن الايديولوجيا المدمرة بل هو العقل المفكر بالانتماء والمؤمن بالهوية والناقل لهذا الشعور وفق القيم الثابتة عبر الاجيال،وهنا تتجلى درجة الوعي بالحضارة ،الثقافة ،العروبة،والانتماء الذي يؤلف المجتمع العربي.اذن الهوية رباط متجذر في الشخصية العربية وهي مصدر شعور كل عقل عربي بوجوده التاريخي والثقافي والحضاري وسمته المميزة عن سائر الهويات الاخرى.
لنلمع صورة هويتنا العربية التي اعتراها الصدء في عقول شبابنا ،لنخرج الهوية من غيابات التهميش والتجاهل ،لنقبل اختلافاتنا وموافقنا وآراءنا وللننظر الى علاقة أمجادنا ونعيد قراءة التاريخ العربي الذي منح ثورات ادبية علمية وفكرية للاجيال،ولنتامل وبعمق حالة الاغتراب والانفصام وحالة نفور الشباب الذي يرتحل عن اوطانه بحثا عن الجنسية الاجنبية و يترك فراغا فكريا وشهادات علمية مركونة في خزائن الفقر والتهميش .
فمتى يمكن ان تتحقق صحوة فكرية تخلص الهوية العربية من حلكة النسيان وترتق ما تاه يوما عن حضارتنا .
ولنتوقف عن التفرج ولنعيد ثوب الريادة في عزائمنا وكفانا لعبة الضحية، ولنعلن عن تنظيم ورشات لتنمية الهوية العربية واعادة غرس روح الانتماء الى الذات العربية عبر النهوض بالوطن في مختلف ابعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةببصمة عربيةوايادي وعقول عربية

زر الذهاب إلى الأعلى