أجيال يطاردها الظلام

خالد صالح فرج

مالت إلى الغروب شمس النهار قبل الميعاد ،كأنها كانت تُبيِّت الرحيل بعدما تلبدت السماء ضبابا أسودا سيطر على الأفق ،لو نظرت إليها لعلمت أنها ناقمة مما يدور حولها، إذ لم يكن لديها خيار سوى الرحيل إلى فلك آخر ليس فيه مطارد لأشعتها البريئة ….

 

فى رحلة البحث أغفلها الليل وأسدل ستاره كاملا وكسا ظلامه فراغ الكون الفسيح، القمر ملّ نظرات النجوم الساخبة من زمن بعيد وهى تشبه كرات زجاجية متجمدة ؛ فقرر الإنسحاب من مجلسه ، النجوم هى الأخرى باهتة من قبح البساط الذى يشبه لوحة قديمة عابسة لهت فيها أيادى عابثة فألقت عليها كل ألوان الإهمال…

 

post

من يدير خريطة الأرض فى ظل هذا الظلام القائم والقادم ؟! رغم انه لم يتوقع أحد ما يراد بالأرض و ما خبأ الليل لها فى طياته ، لم يجرء واحد من أهلها أن يفتح نافذة واحدة يودع منها شعاعا أخير للشمس ،فالجميع ترك الشمس ترحل دون وداع كأنهم راضون بما دُبّر لها ولهم …

 

نفور مصطنع وشتات مقنع يُسطّره الواقع الأليم الذى يكابده أهل البسيطة كل يوم ؛ فالظلام يطارد الزمان كله بأجياله القادمة ؛ فإذا كانت الصخور لم تستطع مقاومة الرياح و لم تهيئ لاستقبلها فكيف للتراب الناعم ان يواجهها وهو لم يثبت بعد على أرض صلد اذا أصابها وابل

 

ومن أين يعلم النبت خطورة الظلام وهم ما أدركوا قيمة النور ولا بصيصا منه قبل …؟

 

أ لم يأن الأوان أن نعلم أننا مخطئون فى ترك الضباب يمهد لليل طريقه وينسج للظلام ستاره …؟ أ لسنا كنا مخطئين حين أغلقنا نوافذنا فى وجه الشمس وهى هاربة الى فلك أخر باحثة عن سماء غير سماءنا قبل ان يدركها طلابها الحقيقيون ….؟

 

كم من جيل سيطارده الظلام ولن يجد بين يديه عود ثقاب واحد تركه له المورِّثون …

 

بقلم /خالد صالح فرج

زر الذهاب إلى الأعلى