حق الجار فى الأمثال الشعبية المصرية

د / ناديـة عبدالفتاح الباجـورى
كلية الدراسات الأفريقية العليا
إن الجار هو المجاور فى المسكن، وقد أوصى النبى (صلى الله عليه وسلم) بالإحسان إليه وكف الأذى عنه ، وإعانته فى حاجته، وعيادته إن مرض، ولا شك أن لأداء حقوق الجار وحسن الجيرة أثرًا بالغًا فى المجتمع وحياة الناس، فهو يزيد التراحم والتعاطف، وسبيل التآلف والتواد، به يحصل تبادل المنافع وقضاء المصالح واستقرار الأمن، واطمئنان النفوس وسلامة الصدور، فتطيب الحياة، ويهنأ المرء بالعيش فيها فلو أحسن كل جار إلى جاره لظللت المجتمعات السعادة ولعاشت كأنها أسرة واحدة ، فتنصرف الهمم إلى الإصلاح والبناء والسعى نحو الرقى والتقدم، والمؤمن إذا صان حقوق جاره وترفق به كسب ثواب الدنيا والآخرة.
عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره “ وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه “. لذلك فللجار أهمية كبرى فى الحياة فهو المساند والمساعد والأخ والصديق الناصح، لا يحلو السكن بدونه ولا يطمأن المسافر لغيره، فهو كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وقد عبر المصرى فى أمثاله الشعبية عن أهمية الجار فقال :
الجار قبل الدار.
إن كان جارك فى خير افرح له.
جارك القريب ولا أخوك البعيد .
قبل ما أقول أهلى يكون جيرانى غاثونى .
الجار اللى تصبحه وتماسيه كيف تعاديه ؟
ما يعرف أسرارك غير ربك وجارك .
وفى الأمثال الشعبية السابقة دعوى صريحة للتمسك بالخلق والسلوك الإسلامى فى التعامل مع الجار. والحرص على الجيرة ومراعاة حقوق الجار فالأحوال لا تدوم، لذلك يجب أن يتحلى الإنسان بالمعاملة الحسنة مع جيرانه وأن يحترمهم ولا يتعامل بسوء معهم ولا يجب أن تحدث أى إساءة بينهم ؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) أوصى بالجار خيرًا ولنا فى رسول الله قدوة حسنة، فقد كان على خلق عظيم ومن أفضل الأخلاق مراعاة حق الجوار، فلا بد أن يتسم الإنسان بالإحسان وحسن الجوار ويجب أن يسأل الجار على جاره وأن يعينه إذا احتاج إلى مساعدته، ويفرح لفرحه ويحزن لحزنه. وهذا ما دعا إليه ديننا الإسلامى وحثنا عليه فهو هدف دينى اجتماعى وتعليمى تربوى لأبناء المجتمع فالحفاظ على حقوق الجار من شأنه أن يقوى الروابط الاجتماعية بين أبناء المجتمع ويساعد على نموها.
ولا شك أن الجيران فيهم الصالح والطالح، فقد يظهر بعض الجيران الود ويسرون البغضاء، فهم جيرانه ما دام فى غنى عنهم، فإذا ألمت به محنة شمتوا به وتخلوا عنه، وهناك الجيران الصالحون وهم الذين يتصفون بالصفات الحسنة، إذن فمعادن الناس مختلفة.
ومن المؤكد أن الجار يشغل حيزًا كبيرًا فى حياة الناس، لذلك أوصانا النبى(صلى الله عليه وسلم) خيرًا بالجار، فيجب معاملته معاملة حسنة، وعدم الإساءة له بأى أسلوب، فهو أقرب الناس الذين يعلمون أى خير أو شر عنا .

زر الذهاب إلى الأعلى