فضائل الأشهر الحرم في التاريخ الإسلامي

د.عمرو حلمي

إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلًا، ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظِّموا ما عظَّم الله، فإنما تعظيم الأمور بما عظَّمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.

 

من فضائل الأشهر الحرم :

أولاً : أن الذنوب فيها أعظم من غيرها

post

قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36], أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام, تُضاعف لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: 25]، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام

وقال قتادة في قوله: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء”.

ثانياً : خصها الله تعالى بالذكر، ونهى عن الظلم فيها من باب التشريف والتعظيم لشأنها

قال القرطبي: “خص الله تعالى الأربعة أشهر الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفًاً لها، وإن كان منهيًا عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: 197]

 

ثالثاً : أنه يحرم فيها ابتداء القتال

أي ابتداء قتال الأعداء على القول الراجح لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ } [المائدة: 2]، ولقوله تعالى: { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: 5]. وقال بعض أهل العلم : بل إن ابتداء القتال فيها نسخ بتحريمه كما في غيرها، ولكن الراجح أنه محرم – أعني الابتداء – إلا أن يبدأنا الكفار، أو يكون القتال إتمامًا لقتال سابق، فإنه لا بأس به”.

 

رابعاً : فيها الأيام العشر الأول من ذي الحجة وأيام التشريق

أفضل أيام الدنيا والتي تؤدى فيها فريضة الحج ومن أفضلها يوم عرفة ويوم النحر ويوم القر.

 

خامسا ً : يستحب صيامها بوجه عام, وصيام شهر المحرم بوجه خاص

وفي الحديث «أن رجلاً أتى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال : يا رسول اللهِ أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعاما إلا بليل منذ فارقتك. فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: لم عذبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصبر ويوما من كل شهر. قال: زدني فإن بي قوة. قال: صم يومين. قال: زدني. قال: صم ثلاثة أيام. قال: زدني. قال: صم من الحرم واترك, صم من الحرم واترك, صم من الحرم واترك, وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها».

 

كما يستحب صيام شهر الله المحرم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ».

 

سادساً : فيها يوم عاشوراء الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية , وهو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه.

زر الذهاب إلى الأعلى