روسيا تنسحب من معاهدة “السماوات المفتوحة” لواء دكتور سمير فرج

عادل شلبى

تلوح، في الأفق، بوادر اندلاع حرب باردة، جديدة، انطلقت شرارتها بوصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، “بالقاتل” في أعقاب صدور التقرير الاستخباري الأمريكي، الذي يتهم موسكو بمحاولة التدخل للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لصالح الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. فما كان من روسيا إلا أن استدعت سفيرها لدى واشنطن، للتشاور، كأول إجراء سياسي متعارف عليه في مثل تلك الأحوال.

كانت روسيا والولايات المتحدة قد أقرتا معاهدة باسم “السماوات المفتوحة” عام 2002، وتضم، حالياً، 34 دولة، تسري عليهم، جميعاً، بنود تلك المعاهدة، دون النظر لحجم هذه الدول أو قوتها العسكرية. وبموجب هذه المعاهدة، يسمح للدول، المشاركة فيها، تنفيذ برامج استطلاع جوي، بطائرات غير مسلحة، على كامل أراضي الدول المشتركة، بهدف جمع المعلومات عن القوات العسكرية لكل دولة، والأنشطة العسكرية القائمة بها، إعمالاً لأحد مبادئ العمليات العسكرية المعروف باسم “مفهوم الرصد الجوي المتبادل”.
ظهرت تلك الفكرة، لأول مرة، في خمسينيات القرن الماضي، إلا أنها توارت أمام اعتراض السوفييت على تنفيذها، في ذلك الحين، ثم عادت للظهور بعدما هدأت الحرب الباردة بين القوى العظمى، وانهار الاتحاد السوفييتي، وكانت المعاهدة تسري على الأراضي البرية، والجزر، والمياه الداخلية، والإقليمية، ولا يجوز إلغاء هذه الرحلات أو الطلعات الجوية، إلا لأسباب تتعلق بسلامة الطيران، مثل سوء الأحوال الجوية.

وقد اتفقت اللجنة العليا، المشرفة على تنفيذ هذه المعاهدة، بالسماح لأنواع محددة من الطائرات، من كل دولة، لإجراء برامج الاستطلاع، شريطة اجتيازها اختبارات الصلاحية، وفقاً للمعايير الدولية لكل طراز.

وتهدف هذه الطلعات إلى جمع المعلومات عن القدرات العسكرية للدول، سواء من حيث أعداد الأسلحة أو الطائرات أو المطارات والتشوينات للأسلحة والذخائر ومواقع الصواريخ البلاسيتية، لضمان عدم تهديد حدودها من أي من تلك الدول المشاركة في المعاهدة.

post

وحديثاً، أعلنت روسيا انسحابها من تلك المعاهدة، التي سبق وأن انسحبت منها الولايات المتحدة الأمريكية، في عهد الرئيس ترامب، إلا أن روسيا رأت أن انسحاب أمريكا، لا يعني حجب المعلومات العسكرية عنها، في ظل استمرار أصدقاءها وحلفاءها، في المعاهدة، بما يضمن لها الحصول على نتائج عملياتهم الاستطلاعية في السماوات المفتوحة، بينما لن تتمكن روسيا من الطيران في سماوات الولايات المتحدة.

ولا شك أن العالم في حالة ترقب، خشية عودة الحرب الباردة، وسط مخاوف من عودة سباق التسلح، مرة أخرى، بين واشنطن وموسكو في ظل الحرب الكلامية، الجارية، بين بايدن وبوتين.

زر الذهاب إلى الأعلى