فضائل شهر شعبان والحكمة من الصيام فيه
د.عمرو حلمي
إن الله اصطفى صفايا من خلقه , اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس , ومن البقاع المساجد , ومن الزمان أشرفه , فاصطفى من الشهور شعبان ورمضان والأشهر الحرم , واصطفى من الأيام يوم الفطر ويوم النحر ويوم الجمعة والأيام العشر الأول من ذي الحجة , واصطفى من الليالي ليلة النصف من شعبان وليلة القدر.
شعبان هو : الشهر الثامن من السنة القمرية.
سمي بذلك : لأنه شَعَبَ – أي ظهر- بين شهري رجب ورمضان , ولأنه تتشعب فيه خصال الخير , كانت العرب تتشعب فيه , أي تتفرق في طلب المياه فيه , كما تتشعب للغارة بعد رجب فكان عندهم محرما , فيقعدون فيه , فإذا خرج رجب تشعبوا في شعبان.
فضل صيام شهر شعبان
يرجع إلى تحري النبي صلى الله عليه وسلم الصيام فيه, بل كان يكثر الصيام فيه.
ها هي أم المؤمنين عائشة ( رضي الله عنها) تصف لنا صيام النبي صلى الله عليه وسلم بقولها : «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصومُ حتى نقولَ لا يفطرُ , ويفطرُ حتى نقولَ لا يصوم , وما رأيتُ رسول الله استكمل صيام شهرٍ قط إلا شهر رمضان , وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان».
وهذا أنس يقول : «كان أحب الصوم إليه صلى الله عليه وسلم في شعبان».
الحكمة من الصيام في شعبان
1- فيه رفع الأعمال.
2- فيه تقدير الآجال.
قالت عائشة (رضي الله عنها) : قلت : «يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان ؟ قال : إن الله يكتب فيه على كلِّ نفس مَيِّتَةٍ , فأحبُّ أن يأتيني أجلي , وأنا صائم».
أي : أن الله تعالى يقدر فيه النفوس الميتة , فيريد أن يتحرى الصوم في شعبان عسى أن يدركه الموت وهو صائم.
3- تعظيم لرمضان , كما في حديث أنس عند الترمذي : «سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال : شعبان لتعظيم رمضان».
قال النووي : الحكمة في تخصيص شعبان بكثرة الصوم أنه ترفع فيه الأعمال وتقدر فيه الآجال.
وقيل : الحكمة في ذلك : أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهر غيره لما يفوته من التطوع بذلك في أيام رمضان.
والأولى ما ذكره النووي , كذلك قال ابن حجر.
جواب النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة صيامه لشهر شعبان
قال أسامة بن زيد قلت : «يا رسول الله لم أرَكَ تصوم في شهر ما تصوم في شعبان؟ قال : ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان , وهو شهر ترفع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين , وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم».
فبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث سبب الصيام في شعبان , ونبه على أن شعبان فيه حصاد الأعمال ورفعها إلى الله .
كما بين الحكمة من صيامه هذا الشهر :
هو أنه يحب أن يرفع عمله وهو صائم , ولا شك أن الصيام من أفضل القربات إلى الله : «قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به».