هل يمكن تحديد ليلة القدر

 

بقلم: أ.د / عطية لاشين- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر

سؤال : يذهب البعض إلى أن ليلة القدر محددة بعينها ومن ثم فلا اجتهاد مع وجود النص فهل ما قاله صحيح؟

الإجابة :الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(إنا أنزلناه في ليلة مباركة)
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة : “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان”

وبعد :
فإن ما جاء يالسؤال يخالف ما أجمع عليه أهل العلم فضلا عن مخالفته الأحاديث المروية عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلأنه المختص بالوحي والتنزيل فيكون أعرف بمراد الله من أي بشر كائنا من كان ، ورغم أنه أعرف بمراد الله من غيره لم يرو عنه حديث واحد صحيح صريح يجعل ليلة القدر محددة بليلة بعينها ، بل العكس هو الصحيح حيث جاءت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم بشأن تحديد ليلة القدر مبهمة وأن من رامها فليجتهد في العشر الأواخر كلها عساه أن يصيبها في الليلة المحددة في علم الله وفي علم الله فقط وليست في علم أي إنسان ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه

post

وهذا هو السر في إخفائها وعدم تعيينها في ليلة بعينها لكي يظل المؤمن على قرب من ربه :صلاة وصياما وقياما، وتلاوة قرآن وذكرا لله سبحانه ،وفعلا للخيرات جميعها طيلة العشر الأواخر من رمضان.

وليس الإخفاء خاصا بليلة القدر بل أخفى الله ساعة الإجابة يوم الجمعة لكي يظل المسلم مستغرقا في عبادة ربه ليلة الجمعة ويومها عساه أن يدرك ساعة إجابتها ، كذلك أخفى الله الصلاة الوسطى من بين الصلوات حينما قال سبحانه :(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)حتى تكون الصلوات كلها محل اهتمام من المصلي بلا استثناء ، كذلك أخفى أولياءه بين عبادة حتى لا يكون فتنة للناس.

ولو كانت ليلة القدر معروفة بعينها ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :”التمسوها في تاسعة تبقى ، او في سابعة تبقى، أو في خامسة تبقى”.

وتحديدها بأنها ليلة السابع والعشرين ليس مبنيا على نص لا من كتاب ولا من سنة بل على اجتهاد من أهل العلم والمجتهد كما هو معرض للصواب كذلك معرض للخطأ
ومن ثم فإن عبارة السائل بأن من قال : إنها متنقلة يكون اجتهادا مع النص فلا يجوز يكون قد جانبه الصواب وتحديدها في القرآن إنما جاء بالوصف وليس بالتعيين.

والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد

وكتبه أ.د /عطية لا شين _ أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

زر الذهاب إلى الأعلى