الانتحار  وأسبابه الاجتماعية 

 ريم العبدلي-                                      

ليبيا (بنغازي)

 

 

 

post

هل فكرت يوما في الانتحار ؟

هل لهذه الدرجة أنت متضايق من حياتك ؟

لماذا وصلت إلى هذا الحد من التفكير ؟

لما هذه الأيام تنتشر هذه الظاهرة أكثر من السابق ؟

العديد من الأسئلة تدور في مخيلتنا عندما نسمع أن هناك شخص انتحر بقتل نفسه باستخدام اله حادة أو أسلحة نارية أو بشنق نفسه أو حرق نفسه  مما يجعلنا نسأل حول المسببات التي دفعته إلى فعل ذلك متناسيا ما جاء من تحذير في سنه نبينا محمد صلي الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول ُاللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَن ْتَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا» ( رواه مسلم )

إن الانتحار ما هو إلا ضعف النفس والدين وعدم التوكل على الله تعالى

كما أنه  سمة أهل النار فهو اخطر أمراض الوسوسة على الإطلاق فالواجب على المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى

والحديث عن هذا الموضوع يطول ولكننا نتطرق له من الزاوية التي تحصر من يفكرون بذلك فأقدام الشخص على الانتحار في اغلب الأمر عدم قدرته على النجاح في حياته فيعكس فشله عليه بعدم رغبته في الاستمرار في الحياة وهنا يكون بقتل النفس بطريقة متعمدة

إن   ظاهرة الانتحار  أصبحت تجوب بلاد العالم بأسره، خاصة بين الشباب، حتى أنها ازدادت بمعدل كبير في كثير من الدول العربية، لدرجة باتت تثير قلق الآباء حول أسبابها.

ويحيي سكان الأرض اليوم العالمي لمنع الانتحار، في 10 سبتمبر، من كل عام، في تذكير بأن هذه القضية ما تزال أهم تحديات الصحة العامة التي تواجه العالم.

وفي السنوات السابقة، يصنف الانتحار من بين أهم 20 سببا رئيسيا للوفاة في جميع أنحاء العالم، وهو مسؤول عن أكثر من 800 ألف حالة وفاة سنويا، كل منها تشكل مأساة في حد ذاتها.

وفي كثير من الأحيان يمكن منع حدوث ذلك، وهو ما يذكرنا به اليوم العالمي لمنع الانتحار، والذي يدفعنا جميعا للعب دور فعال في رفع مستوى الوعي بشأن هذه القضية، وتثقيف أنفسنا والآخرين حول الأسباب والعلامات التحذيرية، ما يدفعنا لإظهار التعاطف وتوفير الرعاية لأي شخص يظهر علامات مرتبطة بالصحة العقلية وبالانتحار.

ويعد الانتحار أكبر قاتل لأولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما، وهو أكثر فتكا من السرطان وحوادث السيارات، كما أن الرجال أكثر ميلا للإقبال على هذا الفعل مقارنة بالنساء بنحو 3 أضعاف.

ويمكن لأي شخص أن يتأثر بأحداث الحياة العامة مثل موت أحد أفراد العائلة أو الطلاق، وغيرها، ما يجعله يشعر بالضعف وعدم القدرة على تجاوز تلك الأحداث، وبالتالي الإصابة بأمراض عقلية مثل الاكتئاب، قد تؤدي لاحقا إلى قرار الانتحار.

ولكن في المقابل، يمكننا جميعا تقديم المساعدة لمنع الوفيات بسبب الانتحار، عن طريق تقديم النصح والإرشادات عبر وسائل الإعلام المختلفة

وكما أن هناك العديد من العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن شخصا ما معرض لخطر الانتحار، ففي حين أن البعض يعانون من الألم بشكل واضح من بعض المشاكل التي تعترض حياتهم ويصبحون مكتئبين، قد يستمر آخرون في حياتهم كالمعتاد وكأن كل شيء على ما يرام.

لذلك وجب البحث عن التغييرات الشخصية الدقيقة التي تطرأ على الأصدقاء أو أفراد العائلة، وخاصة إذا كنت تعلم أنهم يمرون بوقت عصيب، وهنا العلامات الرئيسية التي يجب الانتباه لها:

– تغيير في الروتين اليومي مثل النوم والأكل بحيث يصبح أقل من المعتاد.

– إيجاد صعوبة في التعامل مع الأشياء اليومية.

– نقص الطاقة أو الظهور بشكل متعب.

– شرب الكحول أو التدخين أكثر من المعتاد.

– عدم الرغبة في القيام بأشياء يستمتعون بها عادة.

– الانسحاب من اجتماعات الأصدقاء أو العائلة ولا يريد التحدث أو التواجد مع الناس.

– يبكي أكثر من المعتاد.

– يظهر بشكل هائج وعصبي وسريع الانفعال.

– إحباط أنفسهم على الدوام بعبارات مثل “لا أحد يحبني” و”أنا غير مجد”، وغيرها من العبارات .

– فقدان الاهتمام بالمظهر أو عدم الإعجاب به أو عدم الاعتناء بالنفس والشعور بعدم الأهمية.

وفي حال لاحظت هذه العلامات على شخص ما، فإن أسهل ما يمكن القيام به هو دفعه إلى النظر إلى الجانب الآخر حيث الأمل، من خلال إظهار الاهتمام به وأنك موجود لمساعدته وتذكيره بأنه ليس وحيدا.

وقد يبدو هذا الأمر سخيفا بالمقارنة مع شيء مدمر مثلا لتفكير بالانتحار،ولكن التحدث ومشاركة المشاكل قد يساعد فعليا في تغيير الشعور بالانزعاج والاكتئاب، من خلال الإحساس بأنك “لست وحدك ،هناك دائما شخص ما يمكنك التحدث إليه ويستطيع مساعدتك”.

كما أن للانتحار عدة عوامل منها :-

  • عدوان الداخل وهو عامل نفساني وله أيضا ثلاث أبعاد وهي

الرغبة في القتل ثم الموت ثم الرغبة في أن يتم قتله وهذا ما حلله علماء النفس

  • كما تم تحليله إلى عدة عوامل أخري مثل الإحساس بالعزلة واليأس والاكتئاب والشعور بالألم الانفعالي

ماذا عن أسبابه :-

أسباب الانتحار أكثرها اجتماعية وتكن من خلال التفكك الروابط الاجتماعية والانعزال وقد تؤثر عوامل الضغوط النفسانية وعدم القدرة على كبحها وخاصة الفقر والبطالة وقد تكون أسباب أخري مثل ضعف الضمير وعدم القدرة على التكيف مع المجتمع

فالانتحار صراع بين الداخل والخارج وعدم الالتفات العوامل الحضارية والاجتماعية

كما أن هناك أسباب تدفع المراهقين إلى الانتحار حيث أجمعت الدراسات  في تحليل هذه الأسباب  والتي تنوعت بحسب الظروف المعيشية الاجتماعية ومن أهمها  :-

  1. أسباب ظرفية :- يمكن ربطها بالأحداث التي يعيشها المراهق انطلاقا من الأحداث الأشد خطورة وهي العلاقات القائمة بين المراهق وأهله من جهة وعلاقاته بالآخرين من جهة أخري ويمكن تحديد هذه الأحداث بالشكل التالي :-

المنع المفروض على المراهق في البقاء خارج المنزل لوقت متأخر أو قصور الأهل المادي لشراء ما يرغب في شرائه وانهيار وضع الأسرة الاجتماعي والاقتصادي وأيضا فقد شخص عزيز خاصة الأب والأم

  1. أسباب اجتماعية :- ويمكن تصنيفها إلي أسباب عائلية من خلال تفكك العائلة مثلا أو انتماء إلى جماعة من الرفاق وهذه الظاهرة تعود في الواقع إلى مرحله الطفولة
  2. أسباب نفسانية :- وهي تتمثل في اضطراب ناتج عن العجز في التفكير والتعبير اللفظي للحياة عاطفيا وانفعاليا

كما أن للانتحار أشكال قد أثبتتها الأبحاث والدارسات منها:

  1. الانتحار الثنائي :- وهو الرغبة في الموت والدافع الأساسي هو الحب
  2. الانتحار الموسع :- هو رغبة الشخص المنتحر في الموت أشخاص آخرين معه دون رغبتهم في الانتحار على سبيل المثال الزوجة المنتحرة بالغاز وينجم عن ذلك وفاة زوجها وأطفالها معها في المنزل
  3. الانتحار الموازن :-, هذا الانتحار هدفه الأساسي راحة الذات من مرض لا شفاء منه
  4. الانتحار الإيثاري:-, حيث يقدم المنتحر علي قتل زوجته وأطفاله ثم يقدم على الانتحار وكثيرا ما يحدث ذلك.
  5. كما يتبين لنا بأن الذين يحاولون الانتحار ثلاثة أضعاف المنتحرين ونسبة انتحار الذكور أكثر من الإناث

وخلال هذه السنوات تزايدت نسبة الانتحار خاصة بشنق أنفسهم أو الحرق وهذا مما يدعو للقلق ومن خلال الدراسات اتضح أسباب المعرضين الانتحار من الذكور الذين يعانون من البطالة أو مصابين بأمراض عقلية

لذا يجب متابعة الأشخاص الذين سبق لهم محاولة الانتحار والحد من فرص حصولهم علي وسائل الانتحار والتزام بالصلاة وقراءة القران وذكر الله إلى جانب علاج الأشخاص من ذوي الاضطرابات النفسانية ومن يعانون الاكتئاب وإدمان الكحول

 

ومن أعراض الانتحار أيضا :-

 علامات التحذير من الانتحار أو الأفكار الانتحارية:

  • تكون من خلال التحدث عن الانتحار كالتلفظ بعبارات مثل «سأقتل نفسي» أو «أتمنى لو كنت ميتًا» أو «أتمنى لو أنني لم أُولد»
  • الحصول على وسائل الانتحار مثل شراء بندقية أو تخزين حبوب الانتحار
  • الانسحاب من مواقف الاتصال الاجتماعي والرغبة في العزلة
  • المعاناة من التقلبات المزاجية كأن يشعر الشخص بالتفاؤل في يوم ما وبالإحباط في اليوم التالي
  • الهوس بفكرة الوفاة أو الموت أو العنف
  • الشعور بالانحصار أو اليأس بشأن موقف ما
  • زيادة تناول الكحوليات أو المخدرات
  • تغيير الروتين العادي، بما في ذلك أنماط الأكل أو النوم
  • القيام بأشياء مضرة أو مدمرة للنفس مثل تعاطي المخدرات أو القيادة بتهور
  • التخلص من المتعلقات أو ترتيب الأمور عندما لا يوجد تفسير منطقي آخر يبرر القيام بهذا الأمر
  • وداع الأشخاص كما لو أنك لن تراهم ثانية
  • حدوث تغيرات في الشخصية أو فرط الإحساس بالقلق أو الغضب، خاصة عند الإصابة ببعض العلامات التحذيرية المذكورة سابقًا

لا تكون العلامات التحذيرية ظاهرة في كل الأوقات، وقد تختلف من شخص لآخر. يوضح بعض الناس نواياهم بينما يكتم آخرون أفكارهم الانتحارية ومشاعرهم.

ومن هنا يجب علي الشخص أن يقوم بزيارة لطبيب خاصة

إذا كان يشعر بأن هناك رغبه في الانتحار، ولكن لا تفكر الآن في إلحاق الأذى بنفسك:

لذا لابد من تواصَلْ مع صديق مقرب أو أحد أحبابه حتى وإن كان من الصعب التحدُّث حول مشاعره

الاتصال بالخط الساخن المخصَّص لحالات منع الانتحار

كما يجب تحديد  موعدًا مع طبيب  أو مزودي الرعاية الصحية الآخرين، أو مزودي رعاية الصحة العقلية

لا يذهب التفكير بالانتحار من تلقاء نفسه — لذا يجب الحصول على مساعدة.

الوقاية من الانتحار أو التدخل في أزمات الانتحار :

هو جهد مباشر لوقف أو منع الأشخاص الذين يحاولون أو يفكرون في الانتحار من قتل أنفسهم. النصيحة الطبية الحالية للأشخاص الذين يحاولون  أو يفكرون جديا في الانتحار هي أنهم يجب أن يذهبوا فورا أو أن يؤخذوا إلى أقرب غرفة لطوارئ، أو أن يطلبوا خدمات الطوارئ على الفور أو أي شخص على علم بهذه المشكلة أن يطلب تلك الخدمات. الطب الحديث يعالج الانتحار باعتباره مشكلة صحية نفسية. وفقا للممارسة الطبية التفكير بالانتحار جديا أو التخطيط له، هو من حالات الطوارئ الطبية وهذه الحالة تطلب العلاج الطبي على الفور.

في الولايات المتحدة، والأفراد الذين يعبرون عن النية في إلحاق الضرر بأنفسهم يتحدوا تلقائيا بنقص في القدرة العقلية الحالية لديهم وإذا رفضوا العلاج، يمكن نقلهم إلى قسم الطوارئ ضد إرادتهم.  و طبيب الطوارئ هناك يحدد إذا ما كانت الرعاية الداخلية للمرضى في منشأة الرعاية الصحية النفسية واجبة أم لا. يشار إلى هذا في بعض الأحيان إلى أنها “ملزمة”. إذا حدد الطبيب أن الرعاية مطلوبة، يبقى المريض داخل المستشفى يبقى تحت الملاحظة حتى تعقد جلسة استماع لتحديد أهلية المريض.

ويعتبر الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب مجموعة تتعرض لمخاطر كبيرة نتيجة السلوك الانتحاري. عندما يكون الاكتئاب هو العامل الرئيسي، فان العلاج الناجح للاكتئاب عادة ما يؤدي إلى اختفاء الأفكار الانتحارية.

 ومع ذلك، فالعلاج الطبي من الاكتئاب ليس دائما ناجح، والاكتئاب مدى الحياة يمكن أن يسهم في تكرار محاولات الانتحار.

وأفراد الخدمات الطبية في كثير من الأحيان يتلقون تدريبا خاصا للبحث عن علامات الانتحار في المرضى. الخطوط الساخنة لمنع الانتحار متاحة على نطاق واسع للأشخاص الذين يطلبون المساعدة. ومع ذلك، الاستقبال والرعاية الطبية السلبية الزائدة التي يتلقاها الأشخاص الذين يريدون الانتحار بعد كشف مشاعرهم إلى المهنيين الصحيين (مثل زيادة التهديدات لإضفاء الطابع المؤسسي، جرعات زائدة من الدواء، وصمة العار الاجتماعية) قد يجعل المرضى أن يظلوا أكثر تحفظا عن تاريخهم بالصحة العقلية أو أفكارهم ودوافعهم الانتحارية.

فمن المؤسف بات من غير الممكن أن ننكر تفاقم ظاهرة الانتحار في العالم العربي، فحالات الانتحار لم تعد مجرّد حالات فردية فحسب، وإنما امتدّت لتشمل قطاعات مختلفة ومتباينة من المجتمع العربي، تارة كتعبير عن الاحتجاج، وتارة كنهاية مأساوية لحياة خالية من المعنى، وتارة كهروب من الشعور بالعجز أمام ألم الواقع. في بعض الحالات يُعلن المقبلون على الانتحار نيّتهم المبدئية للإقدام على قتل أنفسهم، إلى حدّ تسجيل رسائل انتحارية مصوّرة ورفعها على موقع “يوتيوب” قبل الانتحار.

 ورغم ذلك لا يتم السعي تجاه علاج هذه الحالات نظرا لثقافة المجتمع العربي التي لا تأخذ فكرة الانتحار على محمل الجدّ.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى