العدالة تنتصر لياسين طفل دمنهور و المؤبد للعجوز

حماده مبارك
قضت محكمة جنايات إيتاي البارود، اليوم، بالسجن المؤبد للمتهم “صبري. ك. ج. ا”، البالغ من العمر 79 عامًا، والذي يشغل منصب مراقب مالي بمطرانية البحيرة، بعد إدانته بواقعة هتك عرض طفل في مدرسة، وذلك في القضية المقيدة برقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور.
شهدت المحكمة إجراءات أمنية مشددة بالتزامن مع جلسة النطق بالحكم، حيث تم نقل المتهم وسط حراسة أمنية مكثفة إلى مقر المحكمة، في ظل حضور كثيف من الأهالي الذين توافدوا منذ ساعات الصباح الأولى للمطالبة بتوقيع أقصى العقوبات القانونية عليه.
في مشهد مؤثر، وصل الطفل المجني عليه “ي.م.ع”، والبالغ من العمر 5 سنوات، إلى مقر المحكمة مرتديًا قناعًا على وجهه وحقيبة تحمل رسومات “سبايدر مان”، بالإضافة إلى قبعة، ما أثار مشاعر الحزن والتعاطف بين الحضور.
وكان المستشار محمد الحسيني، المحامي العام لنيابات وسط دمنهور الكلية، قد أصدر قرارًا سابقًا بإحالة المتهم إلى محكمة جنايات دمنهور، بعد ثبوت تورطه في واقعة هتك عرض الطفل على النحو الذي جاء تفصيلًا في أوراق القضية، والتي تضمنت أدلة قانونية وتقارير طبية وتقنية تدعم الاتهام.
وطوت العدالة صفحة سوداء من حياة الطفل “ياسين”، بعد أن قضت المحكمة بالسجن المؤبد على المتهم العجوز الذي تجرد من كل معاني الإنسانية وارتكب جريمة هتك عرض بحق طفل بريء لا حول له ولا قوة ، لكنه لن يعيد البراءة التي سلبت، ولن يداوي الجرح الغائر في قلب أسرة ياسين والمجتمع بأكمله.
العجوز الذي بلغ من العمر عتيا لم يكن شيخًا وقورًا، بل كان ذئبًا طاغيا استغل ضعف الطفل وثقة أسرته، ليزرع الخوف والرعب والصدمة في قلب صغير لا يزال يخطو أولى خطواته في الحياة.
ومع أن المحكمة نطقت بالحكم الذي يليق ببشاعة الجريمة، إلا أن الشارع لا يزال يغلي بمشاعر الغضب والأسى، خاصة مع تداول أنباء تفيد بتورط آخرين ساعدوا المتهم بشكل مباشر أو غير مباشر، إما بالصمت أو بالتستر أو حتى بتسهيل الجريمة.
“اللي ساعد لازم يدفع التمن”… هكذا رد الكثير من المواطنين على الحكم، مشددين على أن العدالة لن تكتمل إلا إذا تمت محاسبة كل من شارك في هذه الجريمة، ولو بالصمت أو الإهمال. فالجريمة ليست فقط بمن نفذها، بل من سكت عنها أيضًا.
الطفل “ياسين” اليوم بحاجة إلى علاج نفسي ودعم مجتمعي كبير، لكن الأهم هو أن يشعر أن الدولة والمجتمع وقفا إلى جواره، وأن المجرمين نالوا جزاءهم العادل، دون استثناء أو تهاون.
القانون لا يعرف التساهل مع من يتستر على الجرائم، ولا يرحم من يهين كرامة طفل أو امرأة أو أي إنسان ضعيف.
وعلى الجهات المختصة ألا تكتفي بالحكم على الفاعل الرئيسي فقط، بل لا بد من فتح التحقيقات مع كل من له علاقة أو علم بالجريمة ولم يبلغ أو تستر عليها.