ياسر عبد الرحيم يكتب مفهوم الإدراك

أهتم العلماء قديماً وحديثاً بالأنشطة العقلية والفكرية التي يمارسها الإنسان في المواقف الحياتية المختلفة كالتفكير، والانتباه، والإدراك، والتذكر وغيرها الكثير؛ حيث كان للفلاسفة القدماء العديد من المحاولات في تفسير هذه الأنشطة العقلية، وقد واصل العلماء والفلاسفة والمفكرون خلال العصور المتعاقبة وضع النظريات المفسرة لها
ومن الجدير بالذكر أنّ انفصال علوم النفس عن العلوم الفلسفية في العصر الحديث أدى إلى التوسع في مجالات التركيز، والبحث في المعرفة البشرية وآليتها، ليظهر بذلك علم المعرفة ضمن العلوم النفسية، والذي يُعرّف بأنّه العلم الذي يهتم بدراسة آلية سير العمليات العقلية بجميع مستوياتها، وطرق توظيفها، وتنظيمها، وكيفية الاستفادة منها، بالإضافة إلى أساليب معالجة المعلومات أثناء قيام الفرد بعمليات التذكر، والإدراك، والتفكير، وحلّ المشكلات، وغيرها
ظهرت في علم النفس العديد من التعاريف المختلفة لعملية الإدراك بشكل عام، ومن أهم هذه التعاريف ما يلي:
هو عملية عقلية يتم من خلالها تعرف الفرد على محيطه الخارجيّ، عن طريق استقبال المنبهات الخارجية بحواسّه، ومن ثمّ تأويلها وتفسيرها حسب الاتجاهات الذاتية.
هو عمليةٌ من العمليات النفسية التي يقوم الفرد من خلالها بالتعرف والوصول إلى معاني الأفراد، والأشياء، والمثيرات المختلفة، وفهم دلالاتها، بتنظيم المثيرات الحسية

أمّا التعريف الشامل للإدراك فهو: عمليةٌ عقليةٌ نفسيةٌ، تساعد الإنسان على معرفة عالمه الخارجي، والوصول إلى معاني ودلالات الأشياء، وذلك عن طريق تنظيم المثيرات الحسية، لتفسيرها وصياغتها .
يعتبر الإدراك هو معالجة الدماغ للمعلومات التي تأتي من الحواس، بحيث يقوم النظام العصبي المركزي المعقد على تحديد وتنظيم وتفسير المعلومات لفهم العالم المحيط بنا، وتتم هذه المعالجة خارج وعي الإنسان، وتعتبر هذه العمليّة الحسيّة فرديّة، لذلك يواجه العديد من الأشخاص نفس الموقف ولكنهم يدركونها بطريقة تختلف عن الاخر، وتساعد على رؤية العالم كمكان مستقر بالرغم من تغيّر المعلومات الحسية التي نتلقاها وتكون غير كاملة أحياناً
فعند إدراك الشخص لحدث معيّن يقوم الدماغ باختيار وتنظيم وإدماج المعلومات الحسيّة لبناء حدث ما، فهو الذي يخلق الوجوه والألحان والأوهام من المواد الخام من الإحساس، فهذا التعقيد مهم في إدراك الأحداث وهذا ما نصّ عليه نظريّة (جستالت)، فالناس بحاجة إلى الإدراك لحل مشاكل معيّنة في حياتهم، وتحديد الظروف البيئة الخطيرة المحتملة التي تهدد حواس الإنسان، وتضعف قدرته على اتخاذ القرارت. و يرتبطُ الإدراك بالإحساس ارتباطاً وثيقاً، ولا يمكن أبداً الفصل بينهما، وذلك لأنهما جزء من عمليّة واحدة ومستمرة، أما في العمليّات البشريّة فإن العملية تحفّز وتترجم الحواس إلى تجارب منظّمة، وبما أن هناك العديد من المحفّزات في البيئة المحيطة وتجذب انتباه الناس من خلال حواسهم فهم قادرون على إعطاء وصف دقيق للمشاهد والروائح والأصوات التي تستقر في تجربتهم الواعيّة
مفهوم الإدراك في علم النفس المعرفي: يعتبر الإدراك من العمليات المعرفية التي تمكن الأفراد من فهم العالم الخارجي الخاص بهم والتوافق معه، عن طريق اختيار الأشكال السلوكية المناسبة في ضوء المعاني والتحليلات، التي يتم تشكيلها للأشياء، وهو بمثابة عملية تجميع الانطباعات الحسية المتميزة عن العالم الخارجي، وتحليلها وترتيبها، في تمثيلات ذهنية محددة، بحيث يتم تكوين خبرة منها تحفظ في الذاكرة بحيث تمثل مصادر مرجعية للسلوك أو المهام، ويتم اللجوء إليها خلال عملية التشارك مع العالم الخارجي.
ومن التعريفات المتعددة للإدراك نصل إلي ما يلي:
1 \ هو عملية تجميع الملاحظات الحسية وتحويلها إلى صور ذهنية.
2 \ هو عملية تحليل وفهم البيانات الحسية.
3 \ هو عملية تحليل البيانات التي تأتي بها المجسات الحساسية.
4 \ هو عملية الاستنتاج إلى المفاهيم عن طريق تحويل الأفكار الحسية التي تأتي بها الإدراكات عن الأشياء الخارجية، وهي تمثيلات ذهنية محددة، وهي عملية لا شعورية ولها نتائجها التي تكون شعورية.

والادراك لا بد له من خطوات ليتم الادراك بشكل صحيح ويتحقق الهدف المطلوب والوصول للنجاح .
خطوات عمليّة الإدراك :
هناك بعض الخطوات التي تحدث من خلالها عمليّة الإدراك
التحفيز , التفسير , المعالجة , التمييز , الفعل .
وعلينا أن ندرك أن هناك انواع للإدراك و هي :
الإدراك المكاني , الإدراك الحركي , الإدراك الشكلي

تعتبر عملية الإدراك من العمليات العقلية المعقدة التي تتداخل بها العديد من العوامل الداخلية والخراجية والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، وقد قسم العلماء العوامل المؤثرة في عملية الإدراك إلى عوامل داخلية ذاتية وعوامل خارجية بيئية، وهي كالآتي:
العوامل الداخلية:
ومن أهمها:
1 \ الذاكرة: يدرك الإنسان بشكل مباشر المثيرات أو الأشياء التي تعرّض لها بشكل سابق، أي المثيرات المخزنة في ذاكرته في دائرة خبراته السابقة، وبمعنى آخر إن عملية الإدراك للأشياء والمنبهات المعروفة والمألوفة للفرد تكون أسهل من عملية إدراكه لمثيرات وخبرات ومنبهات جديدة.

2 \ اتجاهات الفرد: يظهر بشكل أساسي أن ثقافة واتجاهات الفرد وميوله ومعتقداته لها الأثر الكبير في آلية إدراكه للمثيرات المختلفة وكيفية تفاعله مع موضوعات العالم الخارجي.

post

3 \ الأمراض العضوية ، والاضطرابات النفسية: والتي لها الأثر الكبير في سير عملية الإدراك، فمثلاً قد يتأثر الإدراك البصري السليم عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض عمى الألوان وبعد النظر وغيرها.
العوامل الخارجية:
هناك الكثير من العوامل الخارجية التي تؤثر في عملية الإدراك، ومن أهمها مقدار شدة المثير، ومقدار مدى استيفاء المعلومات المطلوبة لظهور مثير معين، وهو ما يطلق عليه عامل الإغلاق، بالإضافة إلى عوامل التشابه بشكل المثير وحجمه وسرعته وشدته.
العلاقة بين الإحساس والإدراك: لا يمكن الحديث عن عملية الإدراك في معزل عن عملية الإحساس، حيث يرتبط الإدراك بشكل أساسي بالإحساس، وهذا لا يعني تحديد أنهم عملية واحدة، ولكن توجد بعض الفروق بين هاتين العمليتين، ففي الإحساس عملية فيزيولوجية تتمثل في استقبال الإثارة الحساسة من العالم الخارجي، وتحويلها إلى نبضات كهروعصبية في النظام العصبي، في حين أن الإدراك هو عمليه تحليل لهذه النبضات وإعطائها المفاهيم الخاصة بها.
يعد الإدراك عملية نفسية لها بعدين بعد يرتبط بالإحساس من جهة وبعد معرفة يرتبط بالتفكير والتذكر من جهة أخرى، بحيث يتم تحليل الانطباعات الأساسية عن طريق الخبرات المحفوظة في الذاكرة، فعندما نقول هذه وردة بيضاء في مثل هذا المعنى أو التحليل. فقد جاء اعتماداً على الخبرات المخزنة سابقة والمرتبطة باللون والشكل وهكذا، ويمكن القول بأن الإحساس هو الوعي أو الشعور بوجود الشيء من خلال الإثارة القادمة عبر المجسات الحجازية، في حين أن الإدراك هو المعنى أو التحليل الذي يعطي لمثل هذه الإشارة اعتماداً على الخبرة الماضية.
وتختلف وجهات النظر في علم النفس المعرفي إلى طبيعة الإدراك من حيث اعتباره عملية مباشرة أو عملية تقويم وتعديلات داخلية، بحيث يوجد العديد منها .
اهمية الادراك:
1- الادراك هو الوسيلة التي يتصل الانسان مع بيئته فلا يستطيع ان يحافظ على حياته إلا اذا ادرك الاخطار التي تهدد حياته.
2- الادراك يوجه السلوك: أذ ان سلوكنا يتوقف على كيفية ادراك الاشياء.
3- يرتبط الادراك بشخصية الفرد وتوافقه الاجتماعي، فالواقع ان السلوك الاجتماعي للفرد حيال الاخرين يتأثر الى حد كبير بإدراكه لهم، وكلما كان ادراك الشخص دقيقا كان السلوك الاجتماعي سويا، فالشخص الذي يدرك ان هناك خطر على حياته يبتعد عن مصدر الخطر.
اذا نجد ان الادراك هو اكبر من المعرفة فكما قلنا سابقا ان المعرفة تأتي من المعلومات التي تكتسب سواء من الكتب أو الافلام أو المسلسلات …….الخ , والادراك هو اكبر من ذلك فالمعلومات أدت إلي المعرفة ولكني لا استفيد منها كأنها مسجونة مقيدة أما الادراك هو المفتاح لتحريرها وفك سجنها وتحريرها من القيود
الادراك هو القدرة علي تطبيق هذه المعلومات في حياتي
الادراك هو النور هو الدرب للمعرفة هو النور لفهمي هو التناغم مع رحلة التغيير .
والدليل علي ذلك قوله تعالي (( حتي يغيروا ما بأنفسهم )) صدق الله العظيم .
أن الله عز وجل أعطانا الاسلحة والادوات والحلول .

زر الذهاب إلى الأعلى